بعيدا عن أجواء الحظر وأخبار كورونا … رحلات لاستكشاف الفوهات النيزكية بالجلفة

بعيدا عن أجواء الحظر وأخبار كورونا … رحلات لاستكشاف الفوهات النيزكية بالجلفة

نظمت الجمعية الشبانية “أسد الأطلس” للنشاطات الجبلية ببلدية الجلفة رحلات سياحية في عمق الصحراء الجزائرية، لاستكشاف عجائب الفوهات النيزكية خاصة فوهة “مادنة” بالأغواط و فوهة “أمقيد” بعين صالح، حسب القائمين عليها.

وأفاد رئيس الجمعية السيد شويحة عبد القادر، أنه تم خلال شهر مارس المنصرم تنظيم خرجة سياحية بالفوهة النيزكية “تين بيدر” بولاية عين صالح وتبعد عنها في مسلك ترابي بحوالي 340 كيلومتر، وبالإستعانة بدليل سياحي من المنطقة وبتنسيق مع ديوان حظيرة الأهقار، وصلت مجموعة النادي إلى الفوهة النيزكية وباتت بموقعها ليلتين كاملتين.

وأضاف أن التحضير لهذه الخرجة انطلاقا من ولاية الجلفة سبقه تنظيم المجموعة وتجنيد كل الوسائل اللازمة للخرجة السياحية المغامرتية، حيث تم التعرف على موقع الفوهة النيزكية “إفتراضيا” وإبراز الأهمية التي تكتسيها الرحلة في الجانب السياحي والمعرفي.

ولخصوصية مثل هكذا رحلات سياحية، تم أخذ الإحتياطات اللازمة منها الرخص المطلوبة للوصول للفوهة من خلال التنسيق مع ديوان حظيرة الأهقار بعين صالح وبيت الشباب بذات المدينة.

وحدد موعد الانطلاق من الجلفة لتبدأ مغامرة السير ليلا بقافلة النادي المحملة بالعتاد والأمتعة لتخطي مسافة تقارب 1.000 كم من عاصمة السهوب إلى عاصمة “التيديكلت”، وعند الوصول إلى عين صالح تم تغيير السيارات والإنطلاق بقافلة مركبات رباعية الدفع.

واكتشفت مجموعة النادي في طريقها نحو الفوهة النيزكية الموجودة بلدية “فقارة الزوى” في ولاية عين صالح والواقعة على هضبة “تينغر”، سلسلة من المظاهر التضاريسية الشاسعة على غرار “رق آقمور” وآسفر وهي متكونة من الحصى والحجارة وعرق الريح وأودية كبيرة وهضبات صخرية كلسية تعكس ماضيها البحري.

 

فوهة “تين بيدر” من المواقع الجيولوجية الأكثر غرابة

يبلغ قطر فوهة “تين بيدر” التي تعتبر أحد المعالم الجيولوجية الأكثر غرابة 4.5 كلم، وقدّر الخبراء عمرها بما يقارب 70 مليون سنة وهي متعددة الحلقات دعاها علماء الجيولوجيا بالحادث الدائري.

وتكتسي أهمية الخرجة، حسب حكيم شويحة، باحث ومهتم بالتاريخ شارك في الخرجة، في إبراز المظاهر التصويرية للفوهة التي تعد شحيحة عدا الصور الملتقط لها من الأقمار الصناعية والتي لا تبرز الموقع بشكله الطبيعي.

ولمثل هذه الرحلة التي سمحت بالتوغل في قلب أحر الصحاري، مخاطر المجازفة، وتنقل النادي إلى إحدى الحظائر الثقافية المهمة بالجزائر وهي الحظيرة الوطنية للأهقار التي تشرف على قطاعات جغرافية كبيرة، من بينها منخفض “تيديكالت”.

ولفت الباحث حكيم شويحة أن “الجزائر غنية بمقوماتها الطبيعية التي يمكنها أن تكون وجهة سياحية لرواد المغامرة ومحبي الطبيعة ويمكن استغلال تراثها الطبيعي المتمثل في المظاهر الجيولوجية المتنوعة و المتعددة، في التنمية المستدامة دون الإخلال بالتوازن الطبيعي.

وأضاف “تأتي تجربة نادي “أسد الاطلس” للنشاطات الجبلية ضمن المحاولات الرامية للتعريف بهذا الموروث الطبيعي، قصد تثمينه واستغلاله في بعث حركية سياحية تخدم سكان هذه المناطق”.

من جانبه، أكد المسعود بن سالم، عضو بذات الجمعية، أن الرحلة كانت، إضافة إلى إكتشاف فوهة نيزكية، ثرية بمختلف الملاحظات في الجيولوجيا والفلاحة والتاريخ واللهجات والعمران وغيرها، إذ عكف الأعضاء على تسجيل ملاحظاتهم وطرح أسئلتهم وفتح باب النقاش مع أبناء المنطقة وهم نخبة مثقفة رافقت المجموعة من عين صالح إلى “تين بيدر” على رأسهم الدليل “بن باحان عبد القادر”.

واعتبر الدكتور بوعكاز عيساوي، أستاذ علم الآثار بجامعة الجلفة وعضو بالنادي، أن هذه الفوهات النيزكية هي “بمثابة شواهد على تغير البيئات والمناخات القديمة على كوكبنا، ومظاهر مميزة كونها تختزن تراثا جيولوجيا وطبيعيا فريدا”، داعيا إلى الاهتمام بدراسة مظاهر الحياة في هذه المناطق وإجراء مسح وحفريات قد تفيد في إعادة بناء تصور عن بداية الحياة في الجزائر.كما دعا إلى “دعم وتشجيع السياحة الثقافية خدمة لتنمية الصحراء الجزائرية بعيدا عن الوجهات الصحراوية الكلاسيكية”.

 

فوهتا “مادنة” و”أمقيد” من أروع استكشافات النادي

بدأت جمعية “أسد الأطلس” رحلاتها الإستكشافية للفوهات النيزكية بالجزائر، يقول شويحة عبد القادر، بموقع “مادنة”  ببلدية حاسي الدلاعة بولاية الأغواط، وهي تحفة جيولوجية بامتياز قدر علماء الجيولوجيا عمرها بحوالي 3 ملايين سنة ويصل قطرها إلى 1.75 كلم وعمقها 60 مترا.

وخاض المغامرون من أعضاء النادي تحديا رهيبا للصحراء بعبورهم مسلك ترابي قاحل ووعر في ظل حرارة مرتفعة ورياح عكسية ومسافة ناهزت 60 كيلومترا.

موقع فوهة “أمقيد” النيزكية بعين صالح هي الأخرى تحفة جيولوجية فريدة، نظمت لها جمعية أسد الأطلس رحلة استكشافية شهر ديسمبر 2019 بعد أن ظلت لعشرات السنين لا يعرفها إلا بعض المختصين الذين حالفهم الحظ بالذهاب إليها بسبب عزلة المكان وصعوبة بلوغه بحكم طبيعة الصحراء القاسية.

وتتمركز فوهة “أمقيد” في الكتلة الجبلية “مويدير” التي تعتبر امتدادا لسلسلة الهقار ويصل قطرها إلى 550م ويقدر عمقها بحوالي 65م، ونتجت عن اصطدام نيزك بسطح الأرض منذ حوالي 100 ألف سنة، حسب تقديرات العلماء.

ووجد الرحالة الفوهة في حالة جيدة بفضل قلة الأمطار (15ملم /سنة) التي تعمل على انحراف حواف الفوهات، حسب الباحث شويحة حكيم.

وأوضح الباحث أن الفوهة تقع في إقليم بلدية “عين آمقل” ولاية تمنراست وتدخل ضمن نطاق الحظيرة الوطنية الثقافية للأهقار التي تتجاوز مساحتها 633 كلم مربع، تضم نطاقات جغرافية مختلفة من الصحراء و تتمثل في كتلة الهقار وهضبات منطقة “تافداست” و”مرتوتك” و”الأمدغور” و جبال “الأمدير” و”آهنت” و “آراك” وكذا منطقة “تيديكالت” التي تحد هضبة “تادمايت”.

ل.ب