بعد غلق دام سنتين.. الحجاج الجزائريون يشدون الرحال لبيت الله

بعد غلق دام سنتين.. الحجاج الجزائريون يشدون الرحال لبيت الله

يتوجه الحجاج الجزائريون، إلى بيت الله الحرام في أولى الرحلات التي برمجتها  شركة الخطوط الجوية الجزائرية باتجاه البقاع المقدسة اليوم 15 جوان، بعدما حصلت موافقة سلطات الطيران السعودي على برنامج الرحلات الخاص بحجاجنا الميامين.

وكانت وزارة الحج السعودية، قد حددت حصة الجزائر من حج 2022 بـ18697 حاجا، بعد انقطاع دام عامين بسبب جائحة كورونا، عادت الفرحة لقلوب الجزائريين الذين كانوا يرغبون في آداء مناسك الحج، لكنهم صُدموا بعدما اكتشفوا أن تكاليف الحج في الجزائر خلال هذا العام ارتفعت ارتفاعاً قياسياً وغير مسبوق وصل إلى 85.6 مليون سنتيم شاملة لتذكرة السفر، حسب ما أفاد به الديوان الوطني للحج والعمرة. هذا الخبر وقع كالصاعقة على مسامع المواطنين، سواء الذين أنصفتهم القرعة أو الراغبين في أداء مناسك الحج.

 

قلوب معلقة ببيت الله والذهاب لمن استطاع إليه سبيلا

بمجرد معرفة تكاليف موسم الحج 2022، عبر عدد من المواطنين عن صدمتهم من تكلفة الحج لهذا الموسم، حيث أجمعوا على أنه باهض الثمن، فمنهم من رأى أنه من المستحيل أن يؤدي مناسك الحج هذا الموسم “لأنه لا يملك مبلغ 20 مليون حتى يكون لديه 85 مليون”، وهناك من أرجع سبب ارتفاع تكاليف الحج إلى الاقتصاد وما يجري في العالم من أزمات صحية واجتماعية وحروب. في حين، قال مواطن آخر إن زيارة بيت الله أغلى من هذا الثمن، وفي سبيلها تهون كل الأموال. ومن جانبهم، الفائزون بالقرعة لم يتوقعوا هم أيضا وتعرضوا لصدمة ثمن 85 مليون، حيث يقول جمال مقبل على أداء مناسك الحج، “عندما سمعت الخبر وكأن شخص ضربني بصفعة” متابعا “كانت عندي التكلفة الأولى ولكن بعد معرفة تكاليف هذه السنة قام أبنائي بجمع المبلغ الناقص حتى لا أحرم من الحج”. كما أشار المتحدث، إلى أنه لم يكن مستعد لهذا المبلغ.

 

تقاليد الوداع

مع اقتراب موعد السفر والتوجه لبيت الله، تبدأ الاحتفالات في وداع الحجاج الجزائريين بطقوس متنوعة بين الشمال والجنوب، وتتفق الولايات الشمالية للوطن على عادات واحدة في وداع واستقبال حجاجها، حيث تقوم عائلات الحجيج بإعداد اثنين من أشهر الأطباق التقليدية “الكسكسي” و”الشخشوخة” بلحوم الأغنام والبقر والدجاج.

فقبيل السفر، ينشغل الحجيج بشراء ملابس الصلاة البيضاء والطواقي والسراويل، بينما تحرص النساء على شراء الثياب البيضاء كذلك، ويسعون للتصالح مع كل معارفهم قبل السفر. وفي ولاية تمنراست، بأعماق الصحراء الجزائرية يجمع سكان المدينة كل الدجاج والبيض الذي لديهم، لمدة 15 يومًا قبل توجه الحجاج إلى البقاع المقدسة، ويقدمونها هدية لأهاليهم. وعن هذه العادة يقول أحد سكان تمنراست: “توارثناها من أجدادنا، حيث يُسلق البيض ثم يأخذه الحجاج معهم إلى الأراضي المقدسة ليأكلوا منه، ويحتفظ بالمتبقي ليأكله الحجيج عند عودتهم”. وقبل ثلاثة أيام من موعد الحج، يُعدّ أهل الحجيج ما يسمى “الكرامة”، وهي صدقة من طعام كثير يُطبخ باللحم ويُدعى إليه الأقارب والجيران، ويعتبر سكان تمنراست هذه العادة “الوداع الأول للحاج”. ثم يأتي الوداع الثاني والأخير، حين ينتقل الحجيج إلى المساجد ومنها إلى الحافلات ثم المطار محطتهم الأخيرة بالجزائر في الطريق إلى المملكة العربية السعودية. وتقدّم دروس في مناسك الحج للحجيج بعد صلاة المغرب من كل ليلة بحضور السلطات المحلية. أما في منطقة بسكرة، التي تسمى “عروس الزيبان”، فتقام المدائح الدينية وتلاوة القرآن قبل مغادرة الحجيج ثم تعاد أسبوعًا كاملاً بمجرد عودتهم لديارهم. وتقول بريزة، إن “أعراسًا حقيقية تقام هنا وتدوم أسبوعًا كاملاً، يشبع فيها الجميع خاصة الفقراء من اللحم وما طاب من الأطعمة والفاكهة”. ويحرص سكان  بسكرة أن لا يَدَعوا فقيرًا إلا وتناول الغداء والعشاء وفطور الصباح عند أهالي الحجيج، ويراهنون كثيرًا على أن يشبع الفقير في هذه المناسبة، وأن لا يكون في حاجة لأن يمدّ يده، بحسب سميرة. أما في منطقة “وادي ميزاب” فيودع سكان القرى الحجيج في المساجد، حيث تشهد المساجد ما يسمى بـ”تتويج الحجيج” ويكون ذلك بتلاوة قصيدة البردة (مدح في النبي صلى الله عليه وسلم) والمدائح الدينية في حضورهم.

ويودّع سكان المنطقة حجيجهم -عادة- عند الضحى أو بعد صلاة الظهر، فيوصونهم بالدعاء لأقاربهم وجيرانهم وكل المسلمين عند المسجد الحرام بمكة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة. ويتجمّع الحجيج في أفواج من 20 إلى 30 حاجًا، ويراعى في كل تشكيل أن يضم الأقارب والجيران. ويضم كل فوج حافظًا لكتاب الله أو فقيهًا أو إمامًا، حتى يساعد الآخرين من غير الملمين بالأمور الدينية على فهم مناسك الحج. وفي العاصمة والمدن الكبرى حيث توجد المطارات الدولية التي ينطلق منها الحجيج وإليها يعودون في أجواء مشهودة، يحرص الأقارب على عدم تفويت فرصة توديع الحاج أو الحاجة في المطار أو استقبالهم عند العودة.

 

أسباب الارتفاع

هذا و كان، الديوان الجزائري للحج والعمرة، قد كشف عن أسباب ارتفاع تكلفة الحج لعام 2022 بالجزائر، والتي وصلت إلى 85.6 مليون دينار جزائري باحتساب تذكرة الطائرة، حيث ارتفعت بقيمة 30 مليون دينار عن حج 2019.

وذكر الديوان الحكومي لوسائل الإعلام، أن السبب الحقيقي وراء ارتفاع تكلفة الحج بالجزائر هو “اعتماد المملكة العربية السعودية ضرائب جديدة على الخدمات”. وشملت الضرائب خدمات النقل والإعاشة والإسكان والتي بلغت نسبتها 15 بالمائة، فيما ارتفعت أيضا تسعيرة التأشيرة إلى السعودية والتي حددت بـ300 ريال سعودي، والتي تعادل نحو 15 ألف دينار جزائري، في وقت كانت تمنح مجاناً للمعتمرين.

ومن الأسباب أيضا حسب الديوان “فرض تأمين شامل على الحجاج القادمين من خارج البقاع المقدسة بـ95 ريالاً”، وكذا “إقرار مبلغ مالي على الخدمات”. فيما يؤكد خبراء اقتصاديون جزائريون أن “تراجع قيمة الدينار الجزائري أمام العملات الأجنبية” كان من أبرز أسباب ارتفاع تكلفة الحج لهذا العام.

ل.ب