شكلت عودة “مترو الجزائر” للخدمة، متنفسا للعاصميين الذين أبدوا ارتياحا كبيرا لاستئناف الحركة بعد توقف دام عاما ونصف بسبب تداعيات جائحة كورونا.
وفي جولة عبر محطات مترو العاصمة، تم التماس الاستحسان الكبير من طرف المواطنين لعودة هذه الوسيلة التي تختصر عليهم الوقت والجهد والضغط النفسي الناجم عن البحث عن أماكن لركن السيارات في تنقلهم. وبمحطة الحراش، أكدت السيدة سلمى، أم أربعينية كانت ترافق أطفالها للالتحاق بمدرستهم في حسين داي، على أهمية استعادة المواطنين لهذه الوسيلة التي لها تأثير مباشر على حياتهم اليومية من حيث تسهيل تنقلاتهم بين العديد من بلديات العاصمة، مشيرة إلى أنها ستكون “مطمئنة أكثر لإرسال أطفالها بمفردهم عبر خط المترو للالتحاق بمدرستهم، نظرا لتوفر المرافقة اللازمة من طرف أعوان المؤسسة”. من جهته، قال نجيم، أن عودة خطوط المترو للحركة تمكنه من كسب بعض الوقت الصباحي لممارسة الرياضة قبل التوجه الى مقر العمل، وهو ما لم يكن متاحا له من قبل، بسبب بعد مسافة العمل عن المنزل والاحتياطات التي يضعها للالتحاق في الوقت المحدد في ظل تذبذب حركة سير السيارات عبر الطرقات بين الفترة والأخرى. وبالموازاة مع لجوء العديد من متوسطي وضعيفي الدخل للاستفادة من عروض وخدمات مؤسسة المترو بدلا من الاستمرار في استعمال حافلات النقل البري، فن الإطارات ميسوري الحال يفضلون أيضا ركن سياراتهم والتوجه نحو أقرب محطة مترو، وهو ما يجعل هذه الوسيلة مقصدا لكل فئات المواطنين. وعبر العديد من المواطنين عن فرحتهم باعادة فتح المترو، داعين المؤسسة المسيرة له لتزويد بعض المحطات بمصاعد كهربائية وممرات لفئة لذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى، وإصلاح السلالم المتحركة لاسيما بمحطة الحراش. ولوحظ تردد عدة مسؤولين بمؤسسة مترو الجزائر على متن القاطرات لمراقبة سير عملية نقل الزبائن، إلى جانب الفرق التقنية التي تراقب وتضبط التجهيزات وتراقب مدة سير القطار بين المحطات ومدة التوقف وتواجد كل الاعوان المكلفين في أماكنهم المحددة والتحقق أيضا من امتلاك الزبائن لبطاقات ركوب أو بطاقات اشتراك. بالإضافة الى ذلك ، تشرف فرق تقنية على مراقبة مدى احترام اجراءات الصحة والسلامة وقاية من كوفيد-19، من حيث الالتزام بالتباعد في الكراسي وعند الوقوف والالتزام بارتداء الكمامات وتطهير الأيدي بالهلام المعقم، إلى جانب الإشراف الدوري من طرف الأعوان المتواجدين في المحطات على تعقيم الأسطح المستعملة بكثرة وتعقيم الآلات والتجهيزات والكراسي والمداخل والأبواب. كما لوحظ تواجد مكثف لعناصر الشرطة التي تحرص على الرقابة وتوفير الأمن عبر كل خط سير المترو. وفي تأكيدها على الصرامة في تطبيق البروتكول الصحي، اعتمدت المؤسسة شعار “حافظوا على صحتكم، احموا عائلتكم” لتحث الزبائن أكثر على الالتزام بالشروط الصحية، بالموازاة مع عدة تعليمات مرفقة تلزمهم باحترام مسافة الأمان في الطوابير على مستوى شبابيك البيع والموزعات الآلية وإجبارية وضع الكمامة والزامية احترام مسافة الأمان مع ترك الأولوية للمسافرين النازلين من القاطرات ومنع الصعود إلى قاطرات ممتلئة.
160 ألف مسافر يوميا عبر “مترو الجزائر”
ولاستيعاب العدد المعتبر من الزبائن بالموازاة مع تقليص عدد المسافرين في العربة الواحدة، لجأت الشركة إلى تعزيز خطوطها لتصل إلى 15 عربة لنقل المسافرين ساهمت في تقليص مدة الانتظار بين كل عربة مترو والأخرى إلى 4 دقائق و30 ثانية، حسبما أفاد به، الرئيس المدير العام لمؤسسة استغلال وصيانة “مترو الجزائر”، عمار جواهرة. وأكد جواهرة، أن المؤسسة تعمل منذ انطلاق أول قاطرة في الساعة السادسة صباحا على تعويض المشتركين عن اشتراكاتهم السابقة التي منحت لهم قبل توقف المترو عن العمل، حيث تم خلال ساعة واحدة تعويض 45 مشتركا، مع استمرار العملية. وتوفر بطاقات الاشتراك عدة صيغ تلبي رغبات كل فئات المجتمع، من تلاميذ وجامعيين وكبار السن ومختلف فئات العمال. وفي المتوسط، يصل عدد المسافرين في اليوم الواحد، ما عدا أيام الأسبوع والراحة الرسمية، 160 ألف مسافر. وبالمقابل يبلغ عدد العمال 975 عامل عبر كل المحطات والوكالات والإدارة وورشات الصيانة، “كلهم جزائريون من خريجي المعاهد والجامعات الجزائرية”، حسب نفس المسؤول. وبخصوص نقل تسيير المؤسسة إلى الطرف الجزائري، قال جواهرة، أن الاستثمار ملك أساسا للدولة الجزائرية، وأنه تم في إطار عقد الاستغلال مع الشريك الأجنبي نقل كل المهارات والكفاءات الى الموظفين الجزائريين، مثلما نصت عليه بنود العقد بين الطرفين. وقال أن الفترة السابقة عرفت التوقف التجاري للمؤسسة فقط، في حين بقيت كل مصالحه تشتغل والأنظمة تسير، مع تمكين العمال المكلفين من عدة دورات تكوينية إلى غاية عودة الاستغلال التجاري، كما تم خلال فترة التوقف صيانة مختلف التجهيزات لا سيما السلالم المتحركة على مستوى المحطات، والتي تم تغيير بعضها، مع بحث امكانية تزويد المحطات غير المزودة بمصاعد كهربائية. ودعا السيد جواهرة المواطنين إلى احترام البروتوكول الصحي لتحقيق الصالح العام، مبرزا أن المؤسسة ستتكيف مع المستجدات في الجانب الصحي بناء على تقارير وقرارات اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة انتشار وباء كوفيد-19.
رفيق.أ