بعد تدني مستوى التعليم, التعليم الخاص في الجزائر…. الحل أو البديل لمن استطاع 

بعد تدني مستوى التعليم, التعليم الخاص في الجزائر…. الحل أو البديل لمن استطاع 

يعتقد أنصار التعليم الخاص أن التعليم في المدارس الخاصة هو الأحسن لكونه يتجاوز الكثير من سلبيات التعليم العمومي، كالإكتظاظ في المدارس وتدني مستوى الاهتمام بالتلميذ، ومقدار تفاني المعلمين، وغيرها من الأمور التي تنعكس سلبا على مردود التلميذ.

وإذا كان تسجيل الأبناء في المدارس الخاصة أمرا محسوما بالنسبة للعائلات المقتدرة ماديا، تماما مثلما حسم الأمر بالنسبة للعائلات البسيطة والتي لا خيار لها سوى التعليم العمومي، تبقى العائلات الميسورة مترددة بين التعليم الخاص والعام.

ويعتقد أنصار التعليم العمومي أن المعلمين في هذه المدارس يعملون بتفان بغية تحصيل سمعة جيدة واكتساب سنوات خبرة تمكنهم من الاستفادة من الترقيات، مما يجعل جودة التدريس في المدارس العمومية تضاهي في مستواها نظيرتها في المدارس الخاصة، يضاف إلى ذلك قضية النظام والانضباط الذي يعتقد البعض أنها متوفرة في المدارس العمومية أكثر بكثير من معظم المدارس الخاصة. كذلك يتحدث البعض عن التأثير السلبي للمدارس الخاصة على شخصية الطفل، فهي تعلمه الإتكالية بسبب سهولة نجاحه، حينما يشعر بأنه مميز عن غيره من أبناء جيله، وأن أهله قادرون على تأمين كل ما يحتاجه، ولذلك جانب سلبي في بناء شخصية الطفل، والآنسة (سليمة. ك) أن التلاميذ في المدارس الخاصة يتولد لديهم شعور الفوقية خاصة وأنهم يعتقدون أن المال يجلب العلم وأن المعلمين يعملون عندهم، وهذا ما عانت منه المتحدثة خلال فترة عملها كمعلمة في مدرسة خاصة.

 

المدارس الخاصة تنقذ التلاميذ من تدني مستوى المدرسة العمومية

وتشهد بعض المدارس الخاصة في الجزائر إقبالا كبيرا من الأولياء الذين أضحوا يرونها المقصد والوجهة الوحيدة التي تنقذ أبناءهم المتمدرسين من مشكل “ضعف المستوى التعليمي”، ويقول “يوسف. ك” مسير في مدرسة خاصة بمولود قاسم من الدار البيضاء  ذات المدرسة تعمد إلى تقديم دروس خاصة وتدعيمية في مختلف التخصصات والمواد الدراسية، مؤكدا في ذات السياق أن المدرسة تستقطب بدرجة كبيرة أولياء التلاميذ الذين يدرسون في الطور الابتدائي والإكمالي، مع الإشارة إلى الاعتماد على نفس البرنامج المقدم من وزارة التربية والتعليم، والتي تضيف “إن نجاح هذه المؤسسات التعليمية الخاصة في مهنة التعليم وتحقيقها لنتائج جد إيجابية ومرضية للغاية هو دافع توجه أولياء التلاميذ إليها”.

من جهة أخرى، تؤكد بعض ربات الأسر وفي هذا الصدد، أن التحاق أولادهم بمدرسة خاصة يرجع إلى سبب انضباط الإدارة والمدرسين واهتمامهم بالتلاميذ والتعامل معهم كل على حده لضمان انسجام التلميذ مع دروسه، إضافة إلى وجود أفضل المعلمين الحريصين جدا على تحبيب الطفل لدروسه تقول “مريم. ص”، “رغم أن هذه المدرسة تستنزف منها ما يفوق 100 ألف دينار في السنة إلا أننا أمام رهان تمدرس جيد لولديا”.

من جهتها، أرجعت سيدة أخرى سبب التحاق أبنائها الثلاثة بمدارس خاصة إلى “كثرة الازدحام بالمدارس العمومية، إذ يصل العدد في القسم الدراسي إلى 50 تلميذا، وبالتالي تراجع في التحصيل العلمي للتلاميذ وسط الفوضى”.

فيما يشتكي أولياء الأمور ارتفاع رسوم ومصاريف تلك المدارس ويتهمون أصحابها بالاستغلال، يدافع أصحاب المدارس الخاصة عن أنفسهم ويؤكدون أن الزيادات خارجة عن إرادتهم، فهم يضطرون لزيادة المصاريف لمواجهة الغلاء الذي طال كل شيء زيادة على أنها تقدم بعض البرامج التعليمية المتطورة والترفيهية، وهو ما لا يوجد في المدارس العمومية على حد قول البعض، من تلك الأنشطة هناك الخرجات التثقيفية والتربوية إلى المتاحف والحدائق وحتى لبعض المعالم التاريخية، إضافة إلى إحياء بعض الأنشطة الترفيهية في المدرسة ذاتها.

 

مبالغ كبيرة تُنفق وآمال كبيرة في الأفق

وفي نفس السياق، بررت “أم كوثر” اضطرارها إلى تسجيل ابنها في القسم التحضيري بمدرسة خاصة لسبب واحد، وهو ضمان بقائه في المدرسة وقت الغذاء وتحمل المدرسة مسؤولية إحضاره وإرجاعه إلى المنزل بفضل حافلة النقل الخاصة بها تقول “بحكم وظيفتي الإدارية لا يمكنني الذهاب يوميا للمدرسة عند الحادية عشر لإحضار ابني ثم إرجاعه مساء عند الواحدة، فلو كان بالمدارس العمومية مطعم لكان ذلك أسهل بحكم بقائه بالمدرسة لتناول غدائه بالمطعم ثم العودة مجددا بعد الظهيرة”، وتضيف “بالرغم من أن المدرسة الخاصة استنزفت مني مبلغ 45 ألف حق التمدرس لسنة دراسية، ومبلغ 1000 دينار حق التسجيل و1000 أخرى حق التسيير و2000 دينار حقوق كتب الفرنسية وكتب العربية، إضافة إلى 5000 دينار حق النقل المدرسي الخاص لثلاثة أشهر فقط، وهي المصاريف التي اضطرتني لبيع بعض القطع الذهبية الخاصة بي لتأمينها، فإن الأهم هو ألا يضيع ابني عاما دراسيا كاملا والعام المقبل يحلها ربي”.

 

التعليم الخاص ساهم في تدني المستوى التعليمي

من جهة أخرى، نجد معارضين لهذه المدارس التي انتشرت في الجزائر بكثافة وحققت نسب نجاح متقدمة في الكثير من الأدوار، فقد تحصلت بعض المدارس الخاصة بالجزائر العاصمة على نسب نجاح في البكالوريا تقارب 80 بالمائة، واستطاعت البعض منها أن تكسب رهان التعليم الخاص في الجزائر، فهناك من يرى أن المدارس الخاصة تساهم في تدني المستوى التعليمي للتلاميذ، وفي هذا الصدد يقول “ايزري. ط” أستاذ بالثانوية العمومية عبد الرحمان الأيلولي الذي يعيب على بعض المدارس الخاصة بسبب معاناتها  من النقائص، متمنيا لو يتمكن مسؤولو المدارس الخاصة من تصحيح بعض هذه الهفوات التي ساهمت أكثر في تدني المستوى التعليمي لتلاميذ وطلبة الجزائر، وأن يكون الهدف من فتح هذه المدرسة هو الرغبة في إنقاذ مفهوم العلم وإنقاذ الأطفال من شبح تدني المستوى الذي صار واضحا وجليا في المدارس الجزائرية، والوصول -حسبه- إلى الرقي بمجال التعليم من خلال فتح الأبواب أمام الأساتذة الجدد، وإدماجهم مع غيرهم من الأساتذة القدماء أصحاب الكفاءات للتعلم منهم وكسب القليل من خبرتهم.

وعليه، يضيف محدثنا، أن بعض الخواص الذين يعمدون إلى تأسيس مدارس خاصة ساهموا أكثر في تدني المستوى التعليمي، حيث أنهم أخلطوا بين مفهوم المدرسة الخاصة الذي يعني مدرسة غير عمومية يتم فيها التعليم بدفع مبالغ مالية، وليس مجانا كما هو معمول به في المدارس العمومية والمدرسة الفرنسية التي تعني برنامجا دراسيا آخرا مغايرا تماما للبرنامج الدراسي المعتمد في الجزائر، حيث صارت معظم هذه المدارس تغرس قيم وعادات وتقاليد المجتمعات الغربية، غير أن المسؤولية لا تتحملها المدارس الخاصة وحدها، فبعض الأولياء أيضا يحببون أبناءهم في كل ما هو أجنبي بتعليمهم وإكسابهم قيم مجتمع غير مجتمعهم، وبالتالي العيش في مجتمع لا يعرفون عاداته وتقاليده مفتقدين بذلك كل ما يربطهم بالوطن، فالأولياء يتجاهلون العواقب التي يخلفها هذا الانعزال رغم معرفتهم الجيدة بها.

ليعقب قائلا: “أن أهم شيء في تعليم الطفل هو تربيته، فأساس التعليم، التربية والاحترام والمسؤولية لبناء شخصيات قادرة على حمل مشعل العلم مستقبلا، مع توفير كل الظروف الملائمة لتمكين التلاميذ من استيعاب دروسهم بشكل جيد، ولتطوير مهاراتهم لصناعة جيل قادر على خدمة وحماية بلده”.

لمياء. ب