خلت معظم بيانات وزارة الدفاع الصادرة بشكلٍ شبه يومي خلال شهر مارس الماضي، من أيّة معلومة تتضمّن إحباط حرس الحدود لهجرات سرّية لجزائريين نحو أوروبا، حيث لم تتضمّن هذه البيانات منذ بداية شهر مارس المنصرم ، سوى مرة واحدة معلومات تخصّ التصدّي لمحاولات هجرة سرّية، كانت بتاريخ 12 مارس الماضي، لما أحبطت عناصر حرس السواحل بوهران محاولة هجرة 16 شخصًا نحو أوروبا.
وضعية تراجع ظاهرة “الحراقة” بهذه الطريقة جاء مخالفا لما كانت تعرفه مختلف الشواطئ الجزائرية قبل ارتفاع حالة الخطر من فيروس كورونا في الجزائر، والدول الأوروبية بشكل عام.
انتشار كورونا يقابله تراجع الحرقة
غالبًا ما ترتبط الهجرة السرّية للجزائريين، مع الأحداث التي تعرفها البلد أو الدول التي يتجهون إليها، فعلى سبيل المثال تراجعت نسبة “الحرا_ة” في الأسابيع الأولى للحراك الشعبي، والأمر يبدو كذلك بالنسبة لما تعيشه الجزائر والعالم من خطر سببه فيروس كورونا.
فالارتفاع المتواصل والسريع لعدد الإصابات بفيروس كورونا في أوروبا وفي الجزائر، لم يؤثّر فقط على القطاعات الاقتصادية وحركة تنقّل الأشخاص النظامية، وإنّما أيضًا على رحلات الهجرة السرّية؛ وأرجع الخبراء سبب هذا الإعراض عن السفر سرًا إلى أوروبا، إلى الهلع الذي مس الجزائريين كغيرهم من سكان العالم.
الوجهات المفضلة تعج بالإصابات
يبدو أن سبب هذا الإعراض عن السفر سرًا إلى أوروبا، يعود إلى الهلع والخوف الذي مس الجزائريين كغيرهم من سكان العالم، خاصّة مع ارتفاع نسب الإصابات والوفيات في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وهي أكثر البلدان التي يهاجرون إليها.
وما زاد أيضًا في العزوف عن “الحر_ة” إلى أوروبا هذه الأيام، الفيديوهات التي ينشرها جزائريون مقيمون في القارة العجوز، تشير إلى حجم انتشار الوباء هناك، خاصّة في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وكذا هروب آخرين من هناك والعودة إلى أرض الوطن في هذه الفترة خوفًا من وصول العدوى إليهم.
من الإجراءات المشددة إلى الخوف من كورونا
ولا يعود التراجع اللافت لهجرة الجزائريين سرًا نحو أوروبا في شهر مارس الماضي، فقط للخوف من الإصابة بفيروس كورونا، إنما أيضًا بسبب إجراءات المراقبة المشدّدة التي اتخذتها الدول الأوربية على مستوى النقاط الحدودية لتطويق فيروس كورونا المستجد، ومنع أي شخص من دخول بلد معين حتى وإن كان من دول الاتحاد الأوروبي، بعد قرار غلق الحدود الذي اتخذته عدة عواصم.
وبعد اكتساح جائحة وباء كورونا لإيطاليا، قررت الأخيرة غلق الحدود وإعلان الحجر الصحي في عدة مدن، وهو وضع لا يشجع المهاجرين السريين على المغامرة في رحلة نحو الشمال، بالنظر إلى أنهم يفضلون الازدحام الذي قد يسمح لهم بالتسلسل إلى داخل البلد الذي يقصدونه، وعدم الوقوع في حواجز عناصر حرس السواحل والشرطة.
قد يكون لقرار غلق الحدود الفرنسية الإيطالية هو الآخر يد في تراجع عدد المهاجرين السرّيين، بالنظر إلى أن فرنسا تبقى الوجهة الأولى المفضّلة للجزائريين بسبب فرص الاندماج السريع، ووجود عائلات يمكنها احتضان المهاجرين الجدد، بسبب الأعداد الكبيرة لأفراد الجالية هناك، الأمر الذي جعل البعض يؤجّلون رحلتهم بعد غلق الحدود بين البلدين.
كما أن إيقاف الرحلات البحرية من الجزائر نحو أوروبا، واتخاذ الجارتين تونس والمغرب لهذا القرار أيضًا بسبب فيروس كورونا، قلّص هو الآخر فرص المهاجرين السرّيين.
لمياء. ب