“الجزائر تغرق”، هكذا علق كثيرون على الأمطار التي تتساقط، مؤخرا، على العديد من ولايات الوطن وتسببت في قتلى وخسائر بكل من ولايتي تبسة وقسنطينة وغلق العديد من الطرقات بعدما غمرتها المياه
والأوحال.
واستيقظ كذلك سكان ولايات عنابة، ورقلة والجلفة على قطع العديد من الطرق بسبب الفيضانات التي شهدتها ولاياتهم، حيث عادت مشاهد الطرق المغلقة بسبب التشققات، فضلاً عن الخوف من تساقط الحجارة في مداخل الأنفاق الرابطة بين عدد من البلديات.
وتعذر على آلاف التلاميذ الوصول إلى المدارس بسبب “الحملة”، حيث قرر كثير من الآباء منع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس خوفاً من أن يصيبهم مكروه.
وندد عدد من المواطنين في تصريحات متفرقة، من تقاعس رؤساء البلديات، محمّلين المسؤولية للمسؤولين في المجالس البلدية عن الحالة المتردية للطرق التي تنجز بإسمنت مغشوش، ويتكرر حفرها لتجهيز بعض الأحياء بالغاز الطبيعي أو المياه دون إتمام الأشغال، مما يتسبب في انسداد المجاري المائية في الأحياء الكبرى.
وتعيش الأحياء القديمة بعاصمة البلد على غرار القصبة أوضاعاً كارثية مع تساقط الأمطار، حيث استيقظ سكان حي “باب الوادي” بأعالي العاصمة الجزائرية على انجراف أتربة بسبب مياه الأمطار لتتسبب في غلق بعض الطرق.
وحذر “النادي الجزائري للمخاطر الكبرى”، من تكرار سيناريو فيضانات باب الوادي في 2001، التي تسببت في عشرات الوفيات، وغرق المنازل، مضيفا أن “600 بلدية في الجزائر من بين 1541 بلدية، مهددة بالفيضانات بسبب مخاطر انزلاق التربة والمساكن التي بنيت بجانب الوديان أو في منحدرات جبلية”.
وكشف النادي أن “500 ألف بيت هش بنيت على حواف الوديان تهدد ساكنيها بالموت”، وأنه يقوم على تجهيز دراسة معمقة في مختلف المدن الجزائرية من أجل تحديد المناطق التي تضم ودياناً يمكن أن تعود يوماً للنشاط، وإعداد خريطة يتم بواسطتها تحديد المواقع المعنية بالفيضانات في حال تساقط الأمطار مع حلول فصل الشتاء لتفادي الكوارث الطبيعية”.
17 سنة على كارثة فيضانات باب الوادي
يسود الهدوء بحي باب الوادي بالعاصمة، يمارس سكان هذا الحي الشعبي حياتهم اليومية بصفة عادية، لا شيء يوحي أن هذا الحي شهد قبل 17 سنة، في 10 نوفمبر 2001 فيضانات تعد الأعنف من نوعها في الجزائر.
في 10 نوفمبر 2001 اجتاحت أمطار طوفانية حي باب الوادي وغمرت المياه شوارع وأزقة الحي مخلفة أكثر من 700 قتيل، و 100 مفقود، بينما بلغت الخسائر المادية أكثر من 270 مليار سنتيم.
بعد هذه الكارثة عملت الجزائر على محو كل آثار الفيضان من خلال عمليات واسعة لإعادة إسكان ضحايا الكارثة، وإعادة بناء ما هدمه الفيضان وإنجاز مشاريع تنموية.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، وضعت الجزائر بعد فيضانات باب الوادي 2001 وزلزال بومرداس 2003، استراتيجية تعاون بين مختلف القطاعات لوضع أطر وآليات إدارة الكوارث.
وأبرزت دراسة أعدها مكتب الأمم المتحدة الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر في مجال الحد من مخاطر الكوارث من خلال الإرادة السياسية والقدرة المؤسسية.
وإثر فيضانات باب الوادي وزلزال بومرداس كما سبق و أن أشير إليه ، نصبت وزارة الداخلية و الجماعات المحلية سنة 2004 مجموعة عمل من أجل صياغة خطة تنظيم الإسعاف و التغيير في إجراءات إنذار خاص بأنواع الأخطار.
وكشف وزير الموارد المائية حسين نسيب أن الحكومة خصصت مبالغ مالية ضخمة لإنجاز المشاريع الواقية من خطر الفيضانات، وأكد عزم الوزارة على وضع حد نهائي للفيضانات التي تخلف خسائر مادية وبشرية من خلال التحكم في ظاهرة الفيضانات من خلال إعداد خرائط طوبوغرافية للمناطق المعرضة للفيضانات .
كما حث وزير الموارد المائية المسؤولين المحليين لقطاعه على ضرورة تطبيق أشغال صيانة وتنظيف شبكة الطرقات والمجاري المائية لتجنب خطر الفيضانات، بالإضافة إلى تنظيف مصبات الأودية على مستوى الجسور، وكذا تطهير المنشآت المائية وتجنيد كافة الإمكانيات البشرية والمادية من خلال تفعيل نظام التدخل للديوان الوطني للتطهير عند الحاجة.