بعد الثروة والنجومية.. نجوم عانوا من الفقر

بعد الثروة والنجومية.. نجوم عانوا من الفقر

حرصت السينما المصرية… في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، على تقديم النهايات السعيدة لجمهورها… ولكنها لسوء الحظ لم تضمن لنجومها بعضا من هذه السعادة، بل كتب على أغلبهم الشقاء، فبعدما عرفوا طريق الشهرة والثروة، انتهت حياة أغلبهم بطرق مأساوية جمعت بين الفقر والمرض ونكران الجميل وغياب الأضواء، لدرجة أن بعضهم لم يجد ذووه ثمن دفنه.

وتكاد تكون النجمة سعاد حسني المثال الأبرز على النهايات المأساوية لنجوم الفن، فبعد تاريخ طويل من نجاحات وضعتها على قمة هرم النجومية في السينما والدراما المصرية.

وبعد ثروة طائلة جنتها من أرباح أعمالها الفنية، تهاوت فجأة أثناء رحلة علاج قيل أنها من البدانة المفرطة، وقيل أيضا أنها أصيبت بالاكتئاب بعد فشل أعمالها السينمائية ومنها فيلم “الدرجة الثالثة”، لتجد نفسها في مصحة بضواحي لندن استنزفت ثروتها بعدما تكلف علاجها أكثر من 60 ألف جنيه إسترليني، ولم تجد مفرا من اللجوء للسلطات المصرية بحثا عن “إعانة” تسدد ما تبقى من تكلفة العلاج، وأمام العقبات البيروقراطية انتهت حياتها ملقاة من أعلى بناية مرتفعة في لندن وسط أنباء حول انتحارها هربا من الفقر والذل.

عماد حمدي أصيب بالعمى والاكتئاب

اعتزل النجم عماد حمدي الجميع في الأسبوع الأخير من حياته ورفض حتى الرد على اتصالات صديقته المقربة النجمة هند رستم، والمؤكد أنه استسلم في لحظاته الأخيرة للموت كطوق نجاة وحيد ينقذه من كوارث هبطت فجأة على حياته، وحولته من “فتى الشاشة الأول” وأحد أشهر أغنياء نجوم السينما المصرية، ليصبح كهلا يصارع العمي وأمراض القلب والاكتئاب ولا يملك في حسابه البنكي إلا 20 جنيها فقط.

يؤكد البعض أن انهيار عماد حمدي جاء بعد وفاة توأمه، فقد بكاه حتى ابيضت عيناه من الحزن، ولكن الطريق إلى المأساة أطول من هذا بكثير، فبحسب مقربين منه، كان عماد حتى مطلع الستينيات من القرن الماضي، أحد أبرز أغنياء مصر ويمتلك عقارات وأراضي واسطبل خيل كبير، ولكنه كان يعاني من الفراغ العاطفي بعد طلاقه من النجمة شادية. وصادف أن قابل الفنانة نادية الجندي عندما شاركت بدور صغير في فيلمه “زوجة في الشارع” وتزوجها وتحمس لموهبتها لدرجة أنه قام بتصفية كل ثروته من أجل إنتاج فيلمها الذي صنع نجوميتها “بمبة كشر” عام 1974، وحتى يتحايل على الضرائب قام بتسجيل الفيلم باسمها، فحصدت وحدها أرباحه الخيالية ورفضت أن تعطيه أي مبلغ من إيراداته، واختلفا وتم الانفصال بينهما، وتضاعفت أحزانه برحيل توأمه عبد الرحمن ودخل في عزلة ومعاناة طويلة مع المرض، اضطر على إثرها لبيع أثاث منزله ليستطيع شراء الدواء .

 

إسماعيل ياسين “المليونير الفقير”

يقال إن أول فنان مصري حمل لقب مليونير كان الكوميديان الشهير إسماعيل يس، بعدما احتل بمفرده صدارة أكثر النجوم أجرا وحصدا للإيرادات طوال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكن ظهور جيل جديد من نجوم الكوميديا من أبرزهم فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، أثر كثيرا على مكانة إسماعيل الذي فشل في مجاراة عصره، وبدد الجزء الأكبر من ثروته في الإنفاق على فرقته المسرحية أملا في استعادة النجاح، ولكن جاءت مصلحة الضرائب المصرية ومنحته “الضربة القاضية” بعدما طلبت منه سداد مستحقات متأخرة عن أعوام طويلة، ليضطر إلى بيع ما تبقى من ممتلكاته، وانتقل للإقامة في شقة صغيرة بحي الزمالك بعدما كان يقيم بواحدة من أفخم الفيلات بالحي الراقي، ونظرا لظروفه المادية السيئة سافر إلى لبنان ليقدم المونولوج مجددا، واشترك في عدة أفلام لا تليق بمكانته. وبعد فترة عاد لمصر مصابا بالإحباط واليأس، بسبب الفقر والجحود ونكران الجميل الذي وجده، خاصة من أصدقائه المنتجين الذين جنوا سابقا من وراء أفلامه أموالا طائلة وتوفي فقيراً 1972 على إثر أزمة قلبية حادة.

سامية جمال عادت للرقص لتسديد ديونها

تقاسمت النجمة سامية جمال مع زميلتها تحية كاريوكا رحلة الكفاح نحو تحقيق الثروة والنجومية، وتزوجا معا النجم رشدي اباظة، وانتهت حياتها مثلها في حالة من الفقر والمرض بعدما اعتزلت الفن لفترة طويلة وأصرت على طلب الطلاق من زوجها رشدي اباظة ردا على زيجته من المطربة اللبنانية صباح، وأنفقت مدخراتها تدريجيا على نفقات معيشتها، لدرجة أنها عادت في سن متأخرة للرقص من أجل تسديد ديونها للسباك. وتردد أن النجم سمير صبري ظل ينفق عليها سرا لمدة ثلاث سنوات، وهو من ساعدها على العودة إلى الرقص، ولكنها اعتزلت فور سداد ديونها، وارتدت الحجاب وماتت متأثرة بمرض في الأمعاء كان يحتاج لجراحة عاجلة بمبلغ طائل لم يكن بوسعها دفعه.

عبد السلام النابلسي ضحية الضرائب والبنوك

الكوميديان عبد السلام النابلسي أصابته لعنة الفقر بعد مصادفات يندر أن تجتمع لشخص واحد، فبعد تاريخ طويل من النجاح في السينما المصرية ومن بعدها اللبنانية، وتكوين ثروة جعلته مؤسسا لأحد البنوك الشهيرة في عصره، أدار الحظ ظهره له، فطاردته مصلحة الضرائب المصرية مطالبة برقم خيالي يكاد يكون ضعف ثروته الحقيقية، وعندما غادر مصر للحفاظ على ثروته في لبنان، فوجئ بإعلان البنك الذي يستضيف كل ثروته إفلاسه، وسقط ضحية الاكتئاب وتضاعفت آلام معدته وامتنع عن الطعام تماماً قبل أيام من رحيله في 5 جويلية 1968، ولم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش التكاليف.

فريد الأطرش لم يترك إلا 20 جنيها

المثير أن فريد الأطرش نفسه عانى من أزمات مالية عاصفة في أيامه الأخيرة، لدرجة أن أسرته لم تجد في حسابه بعد وفاته إلا 20 جنيها فقط، بعدما أنفق كل ثروته على إنتاج أعماله الفنية الأخيرة إضافة إلى كرمه الزائد، حيث أوفى رغم ظروفه بتعهده بتحمل نفقات زوجة صديقه عبد السلام النابلسي حتى وفاته.

يونس شلبي باع كل أملاكه بحثا عن العلاج

الفنان المصري الراحل يونس شلبي كان أحد أبرز نجوم الفن في الوطن العربي في الثمانينيات والتسعينيات، بعدما تألق في أكثر من 90 عملاً فنياً، إلا أنه توفي العام 2007 بعد صراع طويل مع المرض حتى اضطرت زوجته لمطالبة الحكومة المصرية بمعالجته على نفقة الدولة قبل وفاته بسبب الظروف المادية الصعبة، مؤكدة أنها اضطرت إلى بيع آخر أملاكها في الدقهلية بسبب كُلفة العلاج.