…لم تكن هذه أول استقالة تشهدها حركة النهضة ولكنها مختلفة عما سبقها، نظرا للعدد الكبير للمستقيلين وثقل القيادات المستقيلة وشعبيتها ومدى تأثيرها على قواعد الحركة، وهي خطوة قد تنال من بنية الحركة وتفككها وتنهيها، وتطرح تساؤلات بشأن قدرة حزب النهضة على الصمود أكثر وعلى الاستمرار في المشهد السياسي بتونس.
وفي هذا السياق، اعتبر الصحافي والمحلل السياسي سرحان الشيخاوي، في تصريح لـ”العربية.نت”، الاحد، أن هذه المجموعة المستقيلة ستشكل خلال الفترة القادمة حزبا جديدا في نفس المرجعية الفكرية الإسلامية يحتضن الرافضين للغنوشي، وستدخل في معركة وصراع مع حركة النهضة حول “الأصل السياسي”.
وكان التيار المعارض لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، هدّد قبل شهر بالانشقاق وإطلاق حزب سياسي جديد، في حال لم يتراجع الغنوشي خطوة إلى الوراء ويفوض صلاحياته للشباب، ويوقف الاستفزازات الموجهة ضد الرئيس قيس سعيّد، معتبرا أن القيادة الراهنة التي يتزعمها الغنوشي تمثل عائقا لفكرة الحوار مع رئيس الدولة، وغير مؤهلة لإجراء حوار لا مع الرئاسة ولا مع المجتمع السياسي.
واعتبر الشيخاوي أن هذه الاستقالات شديدة الأهمية من عدة زوايا، أهمّها التوقيت السياسي، ويتعلق بمسار ما بعد 25 جويلية وخروج النهضة من الحكم وحاجتها الأكيدة للوحدة والصلابة، وكذلك من زاوية عدد القيادات، لتجاوز الـ100 قيادي مستقيل وأغلبهم من المكتب التنفيذي ومجلس الشورى وقيادات جهوية، وأيضا من زاوية نوعية المستقلين، وبعضهم قيادات لها امتدادها الشعبي، ورصيدها النضال الذي يجعل من هذه الاستقالة خسارة فادحة للنهضة وزلزالا يمكن أن يعصف بالحركة.
وخلص إلى أن ما حدث ضربة موجعة لحركة النهضة تفقدها قوتها وصلابتها في مواجهة الرئيس قيس سعيد، مشيرا إلى أن انقسام الحركة يضعفها بشكل كبير لكن لا ينهيها، خاصة أن عددا هاما من القيادات التي مازالت في النهضة لها رصيد شعبي حتى وإن كان قليلا.
لكن النائب المجمّدة عضويته بالبرلمان والقيادي في حركة الشعب حاتم البوبكري، حذر من هذه الخطوة، وقال إنها إحدى مناورات النهضة لإعادة الانتشار والتشكل من جديد.
والخلافات داخل حركة النهضة ليست وليدة اللحظة، بل خرجت إلى العلن منذ حوالي عامين، وظهر انقسام بين قياداتها إلى تيار معارض لبقاء الغنوشي على رأس الحركة وآخر معارض لذلك، لكنها تصاعدت بعد قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد اختصاصات البرلمان وتجريد أعضائه من الحصاة وتوليه السلطة التنفيذية، ثم إعلانه تعليق العمل بأبواب كاملة من الدستور وتجميعه كافة السلطات.