بعد الإبلاغ لدى مصالح الأمن.. مواقع التواصل وجهة الضحايا للإبلاغ عن مسروقاتهم

بعد الإبلاغ لدى مصالح الأمن.. مواقع التواصل وجهة الضحايا للإبلاغ عن مسروقاتهم

استفحلت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة سرقة السيارات والمركبات عموما عبر عدد من أحياء وبلديات العاصمة خاصة على مستوى أحياء دائرة براقي، حيث شهدت في الآونة الأخيرة عددا من حالات السرقة، لم يكتف فيها الضحايا بإيداع الشكاوى لدى مصالح الأمن، بل حاولوا البحث عن الجناة عبر مواقع التواصل والاستعانة بروادها.

سلسلة من “إعلانات عن سرقة” إن صح تسميتها كذلك، شهدتها صفحات فايسبوكية يعلن فيها الضحايا عن السرقة التي تعرضوا لها مع إرفاق المنشور غالبا بصورة للمركبة المسروقة وبعض الشروحات عن مكان وقوع السرقة وتوقيتها.

مواقع التواصل.. للبحث عن السارق

عرفت عدة صفحات فايسبوكية نشر أخبار الإبلاغ عن السرقة أو حتى تصوير عملية السرقة بحد ذاتها بعد أن يقوم أحد الأشخاص بتصوير عملية السرقة التي صادفت تواجده بعين المكان، وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في التعرف والإمساك بالسارقين، وجميعنا يذكر حادثة الدراجة النارية التي حاول سارقها الهرب، لكن كاميرا أحد المواطنين كانت له بالمرصاد، حيث وثقها مواطن من داخل سيارته عبر تصوير فيديو مكن قوات الأمن من تحديد هوية الفاعلين، حيث أمر قاضي التحقيق في محكمة الشراقة بالعاصمة بإيداع الشابين المتورطين في سرقة الدراجة النارية بعد الاعتداء على صاحبها بالسلاح أبيض، وفي حادثة أخرى أثار تسجيل فيديو متداول عبر صفحات الفايسبوك، يظهر فيه شخصان أحدهما طفل قاصر وآخر شاب وهو يحمل سيفا يهدد به كهلا، موجة سخط وسط رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأحدث مقطع آخر لفيديو يظهر لحظة تسبب سائق متهور في انقلاب سيارة بمنطقة دالي براهيم في العاصمة ضجة كبيرة، إذ أدت مناوراته الخطيرة إلى انحراف السيارة الثانية واصطدامها بشكل عنيف بحافة الطريق، كل هذه الحوادث تم توثيقها بكاميرات الفيديو العادية ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ذات السياق، قام شاب من بلدية براقي بالضبط في حي المرجة بنشر صورة سيارته عبر صفحة دائرة براقي التي تعرضت للسرقة من أمام منزله، وطلب من الساكنين في الشارع والطريق المحاذي والوحيد لحيه ممن يملكون كاميرا في منازلهم أن يراقبوا ما صورته كاميرتهم في تلك الليلة من أجل الوصول إلى السارق، وهو ما تفاعل معه رواد الصفحة وتواصلوا فيما بينهم. كذلك وبعد هذا المنشور قام شاب آخر بنشر صورة دراجة نارية قال إنها لأخيه وتمت سرقتها من أمام المنزل العائلي، لتتوالى بعدها التعليقات المؤكدة لاستفحال الظاهرة والتي أرجعت اللوم لغياب دوريات الشرطة الليلية ما جعل السارقين يصولون ويجولون وهو ما أربك السكان وأدخلهم في حالة

اللا أمن.

… وللتوعية بحيل السارقين أيضا

وفي نفس السياق، يقوم بعض رواد المواقع والقائمين على الصفحات الجادة بنشر المقاطع التي يصورونها للسارقين حتى يكون عبرة للآخرين من جهة وللقبض عليهم من جهة أخرى، إضافة إلى توعية المواطنين بالطرق والأساليب الجديدة التي يبتكرها السارقون، كالمقطع الأخير الذي انتشر عبر عدة صفحات يظهر فيها شابان يقومان بضرب وشتم مراهق ثم تجريده من هاتفه النقال أمام أعين المارة الذين حاولوا التدخل لكنهم أوهموهم بأنه قام بسرقة هاتف أختهم النقال وهو افتراء باطل، بل هو أسلوب جديد يجعل السارقين يوهمون الناس أن الضحية هو السارق، فما كان من رواد المواقع إلا نشر هذه المقاطع لتوعية المواطنين بالأساليب التي يبتكرها السارقون.

الأستاذ سمير . إ محامي معتمد لدى المحكمة العليا:

توثيق الجريمة أصبح يشكل دليلا قضائيا للإدانة

تحدث الأستاذ سمير. إ عن ظاهرة توثيق الجرائم بالفيديو، حيث أوضح أنه مع توسع تكنولوجيا الهواتف سيما الذكية منها أصبحت أكثر الجرائم خطورة يتم توثيقها بكاميرا الهاتف التي ورغم اللغط القانوني الحاصل بشأنها، إلا أنها أصبحت تشكل نوعا ما دليلا ملموسا تستدل به مصالح الضبطية القضائية في تحرياتها، موضحة أنه في حالات عدة أصبح يشكل دليلا قضائيا للإدانة، كما أشارت المحامية عبري إلى أنه ومن الناحية القانونية، فإن توثيق الجريمة بالهاتف المحمول يتعارض مع أحد أهم المبادئ القارة في القانون الجزائري ألا وهي قرينة البراءة المكفولة قانونا والمتهم بريء إلى أن تثبت جهة قضائية نظامية إدانته. ويضيف ذات المتحدث قائلا إنه مع توثيق الجريمة ونشرها للجمهور، فإن الأمر قد يشكل ضغطا للجهة القضائية بضرورة الاستجابة للغضب الشعبي الذي يدين الفاعل حتى قبل العدالة، أما من ناحية أخرى فتوضح الأستاذة عبري أنه ومن المبدأ الثاني، فإن تجريم تصوير شخص بدون رضاه يشكل مادة مساءلة جزائية معاقب عليها قانونا، حيث لا يمكن انتهاك الحريات الشخصية للأشخاص وأن مسألة التقاط الصور لا بد أن تكون بإذن من النيابة وفي حالات محددة على سبيل الحصر، كما يوضح ذات المتحدث أنه وفي مثل هذه الأمور لا بد من الاعتداد بها سيما وأن البعض ممن تم تصويرهم استفادوا من البراءة بعد المحاكمة ولكن مجتمعيا ظلوا مدانين مادام رواد مواقع التواصل الاجتماعي لا يزالون يتداولون الحادثة بخاصية المشاركة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يرى المتحدث أنه ورغم ما في الموضوع من حساسيات قانونية واجتماعية إلا أنه مع ذلك لا بد أن ننظر للموضوع من زاوية إيجابية، فتوثيق الجريمة أدى في الآونة الأخيرة إلى تقليص ملحوظ في معدلات الإجرام سيما قضايا السرقة والاعتداءات الجسدية، حيث يرى الأستاذ أنه ومن خلال التطور الملموس في ثقافة التبليغ، فإن بعض الاعتداءات كانت في وقت سابق يعتكف ضحاياها عن التبليغ سيما الاعتداءات على العنصر النسوي في الشارع بالسرقة أو الضرب، لكن ومن خلال رصد الجريمة وتداولها في منصات التواصل الاجتماعي أصبح تقييد الشكوى ضد المعتدين أمرا لا بد منه. ويختم المتحدث كلامه قائلا إنه مع كل هذه المعطيات مجتمعة، تبقى التكنولوجيا سلاحا ذا حدين ويبقى الرهان على وعي المواطن أكبر استثمار لتقليل إحصائيات الجريمة التي تخطت الشارع وأروقة المحاكم إلى الفضاء الأزرق، ومع ذلك تبقى العدالة هي الجهة الوحيدة المنوط بها محاسبة الفاعلين.

لمياء. ب