ترك النجم حسام عوار بصمة ذهبية في بطولة دوري أبطال أوروبا مع فريقه ليون الفرنسي، وذلك بعد أن لفت الأنظار بأدائه المُميز في خط الوسط، وطريقة لعبه الأنيقة التي ساعدت فريقه على الوصول إلى الدور نصف النهائي من المسابقة.
لكن في وقت يُعتبر الاحتراف خارج البلد أمرا مهما لأي لاعب عربي، وتعتبره الجماهير حاجة ضرورية لتطوير الأداء ونقل هذا التطور إلى المنتخب الوطني، إلا أنه يختلف تماماً عن التمثيل الدولي الذي يُصبح فيه اللاعب بين ميزة البطل والخائن.
ويُعتبر حسام عوار آخر هذه الأمثلة من قائمة النجوم الجزائريين المولودين في فرنسا والذين قرروا تمثيل منتخب “الديوك” بدلاً من المنتخب الجزائري، وهو ما أثار ضجة كبيرة في الجزائر وهاجم البعض عوار بسبب تفضيله بلد آخر على وطنه.
سبّب قرار حسام عوار، نجم فريق ليون، مؤخراً، تمثيل المنتخب الفرنسي استياء بعض الجماهير الجزائرية التي راقبت بحسرة خسارة المنتخب الوطني الكثير من الأسماء المُميزة المحترفة في الخارج، والتي اختارت تمثيل البلد الذي ولدوا فيه على البلد الذين يرتبطون به عبر الجذور.
ويُعد حسام عوار آخر حلقة في سلسلة لاعبين ولدوا في فرنسا من أبناء المهاجرين الجزائريين، والذين قرروا عدم العودة إلى الجزائر لتمثيل منتخب “الخضر”، ومن هذه الأسماء، التي قدمت مسيرة مُميزة في كرة القدم، زيدان مدرب ريال مدريد الحالي الذي يُعتبر من أصول جزائرية وكذلك المهاجم كريم بنزيمة، بالإضافة للنجم نبيل فقير.
وقال الاعلامي مخلوف مهني في هذا الإطار عن اختيار عوار تمثيل منتخب فرنسا “خيار توقعه الكثيرون لم تملِه إلا الرغبة في تنحية كل الخيارات لأجل تحقيق مسيرة عظيمة تنبأت بها موهبته الكبيرة، من دون الإساءة لمن يخطئون في قياس وطنية الشباب من جيل المهاجرين إلى فرنسا بلون القميص الذي يختارونه”.
ودائماً ما يتكرر الجدل كثيراً عند الحديث عن المنتخب الوطني، ويتخلله دائماً ذكرى “أبطال الاستقلال” الذين لبوا خلال الحرب مع فرنسا نداء جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وتركوا معسكر “الديوك” قبل مونديال 1958 للانضمام إلى المنتخب الوطني الأول لدولة لم يكن لها وجود آنذاك.
هذه القصة رواها ببراعة مؤلفا السيناريو الفرنسيان برتراند جاليك وكريس، ورسمها الإسباني خابي ري في فيلم
“Un Maillot Pour L_algerie” (دوبوي 2016)، من بطولة رشيد مخلوفي، النجم السابق لفريق سانت إيتيان والمنتخب الفرنسي.
فبعد الاتصال به من قبل جبهة التحرير الوطني، هرب مخلوفي سراً مع زميله في المنتخب مصطفى زيتوني الذي كان يتابعه فريق ريال مدريد الإسباني، وسافرا مع ثمانية آخرين في المنتخب الجزائري آنذاك عبر إيطاليا ثم تونس للانضمام إلى منتخب تاريخي.
بدأ مخلوفي مسيرته في 9 ماي عام 1958 في ملعب الشاذلي زويتن في تونس، حيث كان موجودا المنتخب الجزائري الذي لم يكن يعترف به “فيفا”، وفاز آنذاك على المغرب (2 _ 1) ما أثار حماس مواطنيه وجيرانه العرب. وبعدها حقق الفوز على تونس (6 _ 1)، وسلسلة من 80 مباراة قادت هؤلاء الثوار من دون بنادق للدفاع عن القضية الجزائرية على أرض الملعب.
وتساءل المدرب الجديد للمنتخب الوطني جمال بلماضي، الذي يتمتع أيضاً بجنسية مزدوجة، قبل أشهر “بعيداً عن أسلافنا الشجعان في فريق جبهة التحرير الوطنية، هل هناك لاعبون قرروا تغيير جنسيتهم الرياضية والانضمام إلى أي منتخب جزائري؟”. وأضاف المدرب الوطني، بعدما تسرب للصحافة أنه كان يسعى لإقناع الحارس لوكا زيدان بالانضمام لمنتخب “الخضر”، “لا يوجد. لو كان ذلك حدث، فستكون أول مرة. لا أقول أن الأمر مستحيل، ولكن لم يحدث أبداً”.
وعادة ما تطرق الجدل في السنوات الأخيرة إلى حالة مهاجم فريق مانشستر سيتي الإنجليزي رياض محرز، الذي قاد المنتخب الوطني للتتويج بلقب بطولة أمم إفريقيا في عام 2019. ولبى محرز، الذي كان لاعباً مغموراً في بطولة الدوري الفرنسي عام 2013، دعوة المنتخب الجزائري للانضمام إليه آنذاك، قبل أن يتألق ويصبح أفضل لاعب في إفريقيا وذلك بعد تتويجه مع فريقه السابق ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وهنا يقول الصحافي الجزائري مهني “لا نعرف ماذا كان سيصبح قراره لو كان لاعباً كبيراً آنذاك. نعرف فقط أنه لم يكن كذلك في تلك الفترة. كان يلعب لفريق لوهافر المتواضع وكانت فرص انضمامه للمنتخب الفرنسي صفر”.
ب/ص