من النادر أن نسمع بمتقدم في السن (رجل أم امرأة) أصيب بانهيار عصبي أو حالة اكتئاب لأن الاعتقاد السائد أن أعصاب المتقدمين في السن هادئة وصبرهم لا ينفذ ويعالجون الأمر بهدوء وهم مثال السكينة، إلا أن الكثير من الحالات التي لا يتم الحديث عنها في المجتمعات التقليدية تشير إلى عكس ذلك، والسبب أن إصابة المسن بانهيار عصبي أو حالة اكتئاب من الأمور التي لا يجب التحدث عنها لأنها تقلل من شأن العائلة ومن سمعتها وتخجل من عرض المصاب على طبيب نفسي.
صعوبة الكشف عن الحالة
ومن الصعب اكتشاف أعراض الاكتئاب أو الانهيار العصبي لدى المسن، لذا يجب مراقبة حالات معينة تتكرر وتزداد منها وجع الرأس والظهر الدائم ومشاكل المعدة والأمعاء وصعوبة الهضم وتراجع التركيز، لكن اهتمام الطبيب ينصب على معالجة الحالة العضوية وإهمال الأسباب النفسية، وإذا ما أصيب المسن بالأرق والتعب السريع فتعتبر عائلته ذلك كجزء طبيعي من الشيخوخة، وبهذا يتم الخلط بينها وبين الخرف أو التقدم بالسن والإصابة بالانهيار العصبي الذي يمكن معالجته حسب قول الطبيب بالعقاقير أو بالعلاج النفسي أو الاثنين معا، لكن قبل كل شيء يحتاج المسن لمساندة الأهل وإظهار حبهم واهتمامهم به، ومن الضروري جدا استفسار أفراد العائلة من مختصين عن كيفية التعامل مع هذه الحالة التي تكون صعبة بالنسبة إليهم كما للمصاب بها. فالانهيار العصبي أو الاكتئاب بالنسبة للطرفين من الصعب فهمه، وكلما عرف الأهل أكثر، كان تفهم الوضع أسهل والعلاج أسرع.
أسباب الاكتئاب والانهيار العصبي
أسباب الاكتئاب متعددة إلا أنها في الغالب تتمثل في التقدم في السن من حالات مرضية وضعف جسدي وتراجع في القدرات الذهنية والروماتيزم ومشاكل القلب والدورة الدموية، إضافة إلى شعور المسن بأنه لم يعد مهما أو لم يعد أحد بحاجة إليه خاصة إذا ما فقد مركزه الاجتماعي أو فقد شريك الحياة، والفئة الأكثر تعرضا لهذه الحالة هي التي تحال على التقاعد، فهي لا تتحمل التغير القصري غير المرغوب به أحيانا، يضاف إلى ذلك الخوف من التدهور الصحي والفقر أو قلة المال أو فقدان القدرة الجسدية والعقلية والخوف من إيكال أمر العناية به إلى الغرباء.
وسائل للتخفيف من الانهيار العصبي
ومن المهم جدا تشجيع عائلة المصاب المسن للتغلب على حالته والخروج من عزلته، مثل إسناد بعض الأمور للقيام بها بالاتفاق مع بعض أصدقائه المقربين منه والذين تثق بهم العائلة والتأكيد له بأن أمورا كثيرة ما زالت تعتمد العائلة في حلها عليه، كما يمكن للطبيب المعالج إعطاء بعض النصائح المجدية.
ويذكر الأطباء بأن أفراد العائلة قد يساهمون في تدهور حالة المسن، فإذا رفض القيام ببعض الأعمال المنزلية لا يجب أن يفسروا ذلك بأنه لا يريد بل لا يكون بوضعية نفسية وجسدية تمكنه من ذلك أو يوصف بالعاجز فيعزل، إذ على أفراد العائلة تفهم وضعه وإظهار المحبة والعطف والابتعاد عن الشفقة، فهذا يزيد وضعه سوءا، ووضع برنامج له مثل القيام يوميا بنزهة أو ممارسة رياضة خفيفة وتشجيعه على اتقان هوايات وبناء علاقات جديدة أو القيام بأنشطة تطوعية.
ق. م