بعد أن زاد الضغط عليها بسبب غلق الشواطئ.. الفضاءات الغابية تواجه خطر الحرائق

بعد أن زاد الضغط عليها بسبب غلق الشواطئ.. الفضاءات الغابية تواجه خطر الحرائق

عرفت الفضاءات الغابية إقبالا كبيرا من طرف المواطنين الذين وجدوا فيها متنفسا لهم، بعد قرار غلق الشواطئ بسبب انتشار فيروس كورونا الذي يعرف عدد ضحاياه ارتفاعا ملموسا.

حذر المدير العام للغابات علي محمودي من أن إغلاق الشواطئ بسبب ارتفاع حالات العدوى بفيروس كوفيد-19 أسفر عن إقبال كبير على الفضاءات الغابية، مما سيترتب عن ذلك ارتفاع مخاطر حرائق الغابات خلال هذه الصائفة.

أكد السيد محمودي أنه في ظل غلق الشواطئ للوقاية من تفشي الوباء، فإن المواطنين تحولوا بكثافة إلى الفضاءات الغابية، ما يمكن أن يشكل سببا في حدوث حرائق الغابات واتساع رقعتها.

وذكّر المسؤول بإحصائيات حرائق الغابات، منذ بداية شهر جوان المنصرم، موضحا أن الحصيلة المتعلقة بهذه الفترة ارتفعت بشكل مفاجئ، سيما خلال الأسبوع الأول لشهر جويلية الجاري، مسجلة 49 بؤرة حريق أتلفت مساحة إجمالية بلغت 1.161 هكتارا.

10 بؤر حريق يوميا وخسارة بـ 5.6 هكتار

وكانت إدارة الغابات قد أحصت، خلال الفترة الممتدة من 1 جوان إلى 7 جويلية،  34 بؤرة حريق أتت على أزيد من 1.903 هكتار، مما يشكل معدلا يتمثل في 10 بؤر حريق يوميا وخسارة تبلغ 5.6 هكتار/لكل بؤرة حريق.

وحسب السيد محمودي، فقبل بداية حملة مكافحة حرائق الغابات للسنة الجارية، فإن المديرية العامة للغابات توقعت نتائج مماثلة أو أحسن من حملة 2018، حيث لم تتجاوز المساحات المتضررة 2.300 هكتار مقابل 21.048 هكتار أتت عليها الحرائق خلال حملة 2019.

وتابع المسؤول: “نتوقع هذه السنة حصيلة أحسن، حيث قمنا بصفة مسبقة بعمل جواري مع لجان السكان المحليين و جمعيات حماية البيئة وجمعيات الصيادين حول مكافحة حرائق الغابات، ولكن للأسف نسجل في هذه الآونة ضغطا كبيرا على مستوى المنتزهات والمخيمات، مما قد يرفع من حصيلة الحرائق خلال هذه الصائفة.

“من بين هذه المنتزهات والمخيمات، منتزه شريعة (البليدة) وجرجرة وتيكجدة (تيزي وزو) وقورايا (بجاية)، حيث تضطر السلطات المحلية إلى الاستعانة بمصالح الدرك الوطني لإفراغ هذه الأماكن من مرتاديها.

مطالب بإعادة تسليح أعوان الغابات

أما عن التدابير الأمنية لضمان أمن و سلامة أعوان الغابات، ضد الاعتداءات التي يتعرضون إليها خلال ممارسة مهامهم، قال السيد محمودي إن “المديرية العامة للغابات تطالب بإعادة تسليح أعوان الغابات لكي يتسنى لهم حماية أنفسهم”.

وفي هذا الصدد قال “حتى نهاية 1990  كان أعوان الغابات مسلحين، إلا أن السلطات العمومية عمدت إلى تجريدهم من أسلحتهم مع بداية الإرهاب”.

أما فيما يتعلق بالاعتداء على الثروات الغابية (القطع غير القانوني للخشب، إتلاف الأشجار، قطف النباتات المحمية، ونهب الفلين والصيد الجائر للحيوانات لا سيما تلك المهددة بالانقراض)، لفت السيد محمودي أنه في ظل غياب قانون صارم، غالبا ما تلجأ المديرية العامة للغابات إلى قانون العقوبات والقانون المدني وكذا قانون الأراضي للحفاظ على الفضاءات الغابية.

ويرى المسؤول الأول عن المديرية العامة للغابات، أن القانون الحالي المتعلق بالغابات (رقم 84-12) قد تجاوزه الزمن، معلنا عن تعديل ومراجعة النصوص الحالية، مما يسمح بتعزيز حماية الغابات ولكن أيضا لتشجيع الاستثمار في القطاع الغابي و تطوير التنمية المستدامة.

ولفت ذات المسؤول إلى أن المادة 35 من قانون الغابات والمتعلقة بشروط وطرق استغلال الثروة الغابية تخص حصريا السكان القاطنين في الغابات.

قانون جديد قيد التحضير لدعم الإستثمار المنتج

ولتجاوز هذه العقبة القانونية، يضيف السيد محمودي “قمنا بإدراج مواد في القانون الجديد الجاري تحضيره لدعم الاستثمارات المنتجة في القطاع الغابي”.

ومن بين الفرص المتاحة للاستثمار مع دخول القانون الجديد قيد التنفيذ، ذكر السيد محمودي مجال النباتات العطرية والطبية ذي القيمة المضافة العالية.

وأشار إلى فتح القطاع الغابي للمستثمرين الخواص، مطمئنا أن القانون الجديد سيشجع كبار المستثمرين على إنشاء استثماراتهم الغابية خاصة في مناطق الجنوب.

ونوه المتحدث بالأهمية الإيكولوجية في اعتماد مثل هذه المشاريع في الجنوب التي تسمح بمحاربة انجراف التربة والتصحر والحد من التغيير المناخي، فضلا عن أهميتها الاقتصادية.

دور بيئي وإيكولوجي أكبر منه اقتصادي

أما فيما يتعلق بالاستغلال الاقتصادي للغابات في بعث صناعة الخشب، أوضح السيد محمودي أن الغطاء الغابي بالجزائر  لا يتجاوز 4,1 مليون هكتار من 238 هكتارا، وهي مساحة جد ضئيلة.

كما أكد المسؤول “أن الغابة بالجزائر في الظرف الراهن، لها دور بيئي وإيكولوجي وليس اقتصاديا”، موضحا أن متوسط كمية الخشب المحصل عليها سنويا تقدر بحوالي 125.000 متر مكعب وهي  نتاج “القطع غير المتعمد والقطع من أجل تنقية الغابات من بقايا الحرائق أو من الخشب القديم، ما يمثل جزء ضئيلا مقارنة بالطلب المحلي”.

إمكانيات هامة عبر 40 ولاية معنية

وبشأن الوسائل التي تم تجنيدها لحماية الثروة الغابية من الحرائق، أفاد السيد محمودي أن المديرية العامة للغابات اتخذت “كل التدابير الوقائية الضرورية”.

وتابع “قمنا بتسخير إمكانيات هامة عبر 40 ولاية معنية بحرائق الغابات (447 دائرة و 1.306 بلدية)، مضيفا أن المديرية العامة للغابات شاركت السكان المقيمين وجمعيات الصيادين في عمليات مكافحة ظاهرة حرائق الغابات.

وحسب السيد محمودي، فإن المديرية العامة للغابات جندت لهذه الحملة “407 عامل يقظة (اي الشخص الذي يعطي الانذار بالحرائق) تم دعمهم بـ 960 عاملا في مناصب غير دائمة من بينهم طلاب وعمال موسميين موزعين عبر الغابات الكثيفة.

ويضاف إلى هذا أيضا تجنيد أزيد من 478 فرقة متنقلة متكونة من 2.387 عون غابات للقيام بالتدخلات العاجلة في حالة اندلاع الحرائق.

كما قامت المصالح الإدارية للغابات بتجنيد الثروة المائية عبر 2.820 منبع ماء يقع في الغابات أو قريب منها و32 شاحنة مجهزة بصهاريج ذات سعة كبيرة.

ومن بين الوسائل المجهزة لمكافحة حرائق الغابات، ذكّر السيد محمودي باستغلال شبكة الاتصالات اللاسلكية وذلك بتجنيد 2.000 جهاز لاسلكي. و”تسمح هذه الأجهزة اللاسلكية بإعطاء إشارة الإنذار بأقصى سرعة تحدد مناطق الحرائق وكذا بتعزيز التنسيق في التدخل وتجنيد وسائل محاربة الحرائق”.

كما تدعمت المديرية العامة للغابات بـ 80 شاحنة صهريج جديدة خاصة بإخماد الحرائق بمبلغ 1.1 مليار دينار جزائري ليرتفع العدد الاجمالي إلى 160 شاحنة موزعة عبر 20 ولاية في حال اندلاع الحرائق”، يضيف المسؤول.

ق. م