أغلقت محلات بيع البيتزا والقرنطيطة
والأكل السريع أبوابها على غير العادة؛ حفاظا على أرواح الناس وسلامتهم، ليجد كل فرد نفسه راغبا أو مضطرا يأكل في البيت، الذي كان لوقت غير بعيد، مجرد مرقد للكثيرين وبشهادتهم.
اختلفت درجة تأقلم المواطنين مع الحجر الصحي المنزلي، بعد مرور أزيد من أسبوع من دخوله حيز التنفيذ، فالكثير من العائلات تكيّفت مع الوضع الجديد ببقاء جميع أفرادها في المنزل طيلة اليوم، فيما لم تتمكن أسر كثيرة، من مسايرة هذا الظرف الاستثنائي، خاصة أن العديد من الرجال والشباب خصوصا، غير متعودين على البقاء في البيوت ولو لنصف يوم، كما تختلف درجة تأقلم العائلات مع الحجر، حسب نوعية المسكن وظروف المعيشة، وكذا عدد الأطفال في المنزل.
الحجر المنزلي فرصة للتقرب من الأبناء
من بين الآثار الإيجابية للحجر الصحي المنزلي، أنه جمع أفراد العائلة الواحدة لفترات طويلة، وهو أمر لم يكن ليتحقق لو لم يكن الحجر الصحي المنزلي، الذي يبدو أنه لم يشكل أي عائق بالنسبة للنساء، سواء الماكثات في البيت أو العاملات، فالمرأة الماكثة في البيت، لم يغير لها الحجر الصحي شيئا في يومياتها، وبالمقابل وجدت المرأة العاملة التي مكثت في البيت هذه الأيام، الفرصة للبقاء لفترة طويلة مع الأبناء والزوج، ولفترة طويلة نهارا وليلا، على عكس يومياتها في الظروف العادية، حيث لا يلتقي الأبناء مع آبائهم وأمهاتهم سوى لساعات قليلة فقط قبل الخلود للنوم، ثم العودة للمدرسة صباحا، وتتوجه الأم نحو العمل، لكن الحجر الصحي أعاد جمع شمل العائلة، في مشهد لم تعتد عليه العائلات الجزائرية.كما استغلت النساء العاملات هذه الفرصة للعناية بالأبناء وترتيب شؤون البيت، بعد أن كان الوقت غير كاف لهن في فترة العمل.
لمّة إجبارية وأكل منزلي إجباري
وشبّه الكثير من الشباب الظرف بأيام رمضان من حيث إلزامية الأكل في البيوت، مشيرين إلى أنها فرصة لتناول طعام الأمهات، اللواتي يُصررن في الأيام العادية، على تناوله مع رفضهم بحجة أن الأكل الخفيف والساندويشات هي ما يروقهم. وأشار رضوان إلى أنه لأول مرة في حياته يكتشف أمورا كان غافلا عنها؛ يقول: “لقد رأيت الخوف الشديد في عيني الوالدة، التي أمرتنا بالجلوس في البيت خاصة أننا لا نملك عملا قارا، مضيفة أنها ستوفر لنا كل احتياجاتنا من المأكل والمشرب، ومن الأطباق التقليدية التي نحبها، وقد فعلنا ذلك ولا نخرج إلا للضرورة القصوى كشراء الدواء”.
ظروف العيش تحدد مدى التأقلم
بالنسبة للرجال اختلفت درجة التأقلم مع الحجر الصحي حسب ظروف السكن والمستوى المعيشي، حيث وجد الرجال المقيمون في سكنات أرضية تتوفر على فناء أو حدائق فرصة أكبر للتأقلم مع الحجر، من خلال قضاء الوقت بين الغرف والحديقة أو الفناء، وممارسة الرياضة مع الأبناء، لكن الوضع يختلف مع الرجال المقيمين في العمارات الضيقة، حيث ظروف الإقامة لا تسمح لهم بالبقاء لوقت طويل في المنزل، خاصة المقيمين في شقق ضيقة في العمارات، فالبعض منهم لم يلتزم بإجراءات الحجر الصحي، ويضطر للخروج من المنازل.ويذكر في هذا الإطار فريد يعمل كإطار بمؤسسة عمومية بالعاصمة، بأن ظروف الحجر الصحي لم تؤثر عليه، ويعتبرها راحة بالنسبة له، إذ خففت عنه مشقة التنقل اليومي للعمل وازدحام الطرقات، ويضيف بأن وقته يقضيه في متابعة الأخبار عن مستجدات فيروس كورونا حول العالم، عبر مختلف القنوات الوطنية والعالمية، كما يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المساء يخرج إلى ساحة المسكن الوظيفي الذي يشغله للعب كرة القدم مع أبنائه، كما يخصص جزءا من وقته لمطالعة الكتب، ويضيف بأن الحجر الصحي جمع عائلته، حيث لم يسبق للعائلة وأن اجتمعت بهذا الشكل، خاصة وأن زوجته هي الأخرى موظفة.
الأطفال اندمجوا بصعوبة
أما الأطفال فهم أكثر الفئات، التي وجدت صعوبة في الاندماج مع هذا الظرف الجديد، حيث تعودوا على التواجد في المدرسة أو اللعب في الأحياء، لكن الحجر الصحي المنزلي، فرض عليهم المكوث طيلة الوقت في المنازل وعدم الخروج، وكانت الاستجابة في البداية ضعيفة من طرف الأولياء في إلزام أبنائهم بالبقاء في البيوت، لكن مع حملات التحسيس والتوعية وارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، أجبر الأولياء على إلزام أبنائهم بالمكوث داخل مساكنهم.
لمياء. ب