بعدما عجزوا عن منع أطفالهم عنها طالبوا بحجبها, لعبة “فري فاير”.. سرقت العقول ونهبت الأموال__ ♦ المختصون: لعبة مدمرة للعقول ومرسخة للعنف

بعدما عجزوا عن منع أطفالهم عنها طالبوا بحجبها, لعبة “فري فاير”.. سرقت العقول ونهبت الأموال__ ♦ المختصون: لعبة مدمرة للعقول ومرسخة للعنف

شغلت اللعبة الإلكترونية “فري فاير” الأطفال والشباب بصفة رهيبة، وسرقت منهم حياتهم الشخصية وجل أموالهم خاصة خلال فترة الحجر الصحي . فقد انتشرت انتشار النار في الهشيم بشكل أصبح يقلق الأولياء بعد أن تسببت هذه اللعبة في تدمير حياة ومستقبل الكثيرين من بينهم (أ) الذي يبلغ من العمر 19سنة وقد تهدد اللعبة مستقبله، حسب والدته ليليا، فبعد أن كان تلميذا متميزا، فقد تركيزه وأصبح منغلقا على ذاته في غرفته لا يتقن سوى لعبة الادمان والدمار الإلكترونية حتى أنه مقبل على امتحان شهادة البكالوريا، ولكنه ما زال يجتمع مع أصدقائه يسهرون للصباح يلعبونها بدل المراجعة واستذكار الدروس، وأمثال هذا الشاب كثيرون في الجزائر  وخارجها، ذلك أنها لعبة عالمية سرعان ما تنقل لاعبها دون وعي منه إلى نوع من الإدمان وتجعله يفقد ارتباطه بالواقع المعيش إلى عالم الحرب الافتراضي التي يشنها من أجل البقاء.

 

دمج مخيف بين الواقعي والافتراضي

وقد بلغت حدة مخاطر هذه اللعبة إلى إقدام أب على الاتصال بالشرطة ليخبرهم أن ابنه يتواصل مع الإرهابيين ويردد عبارات غريبة مع أصدقائه مثل “زودوني بالدم” و “فري”، وعند حضور الأمن والتحقيق مع الابن، تبين أنه كان يلعب لعبة “فري فاير” مع أصدقائه، وبالاستماع إلى بعضهم البعض، فظن والده أنه يتواصل مع إرهابيين.. وبالتحري مع بعض الأطفال الذين انخرطوا في هذه اللعبة ذكروا لنا بأنها تعلّم القتل والاستمتاع به، كما يكتسب لاعبها معرفة دقيقة أيضا بفنون القتال وأنواع الأسلحة _والرصاص والألغام وتراوح اللعبة بين الواقع والعالم الافتراضي، إذ يمكن للأقارب والأصدقاء أن يلعبوا معا ويتحدثوا إلى بعضهم البعض خلال اللعب عبر هواتفهم الجوالة في هذه اللعبة رغم تواجد كل منهم في أماكن مختلفة._ وسرعان ما يشعر اللاعب أنه تحول من طفل أو شاب عادي إلى مقاتل عليه أن يدافع عن بقائه على قيد الحياة بكل السبل.

وفي هذه اللعبة هناك دمج كبير بين الحقيقة واللعبة، ذلك أن اللاعب عليه أن يشتري عديد الحاجيات ليتطور من ذلك شراء “الألماس” ليتطور اللعب ويلتحق بمستويات أخرى متقدمة من اللعبة، ومن هنا بلغتنا شهادات بعض الأولياء الذين اشتكى أحدهم من إقدام ابنه على سرقة أموال “مصروف العائلة” في أكثر من مناسبة للتزود بـ “الالماس” للعبة، وهو ما دفعه لمسح هذه اللعبة من هاتف ابنه الجوال وحرمانه من استعمالها.

 

الأولياء يطالبون بحجب اللعبة القتالية

قرر بعض الأولياء، أن ينتفضوا ضد لعبة “فري فاير” التي لقيت انتشارا واسعا لدى الأطفال، بعدما تبين أنها وراء رفع معدل العنف وسط أبنائهم من جهة، ولكونها أبعدتهم عن العالم الحقيقي، وجعلتهم يسبحون في العالم الافتراضي، الذي جعلهم يعيشون لذة القتل والشعور بالانتصار.

ومن بين الشهادات، تقول سيدة بأنها تكاد لا تشعر بوجود ابنها في المنزل؛ إذ يمضي كل الوقت في هذه اللعبة التي نمت بداخله شعورا بالعزلة والعنف والعصبية، بينما أكدت سيدة أخرى أنها عجزت عن منع ابنها من لعبها؛ لكونه يمضي كل اليوم في الصراخ من أجل أن يلعبها مع أشخاص لا يعرفهم حتى. وحسبها “فإن حديثه أصبح محصورا في “قتلت فلان”، و”حصلت على السلاح الفلاني”؛ ما زاد من مخاوفي عليه”، بينما أكد آخرون أن هذه اللعبة أصبحت تشكل خطرا على أبنائهم بعدما أصبح البعض يجربون ما يعيشونه في العالم الافتراضي من سلوكات عنيفة على أصدقائهم وأفراد عائلتهم، وجعلوا القتل لغة متداولة في حديثهم.

 

غياب الرقابة القانونية على برامج الأطفال عرّضهم للخطر

يرى الأستاذ سعيد علي يحيى بوهون، مختص في أدب الطفل، بأن الإقبال الكبير للأطفال على لعب “الفري فاير” القتالية، جعل الأولياء يعبرون عن مخاوفهم، ويطالبون بحظرها بعدما عجزوا عن منعهم منها. وأوضح المتحدث أن هناك مطالب بضرورة حجبها، وقد جاء هذا بعد أن لاحظ الأولياء تغير سلوكات أبنائهم، خاصة أنها من الألعاب التي تجعل الطفل يعيش العنف في أقصى صوره؛ مما يجعلهم  بطريقة مسلية وذكية، يتعلمون الاستهتار بقيمة حياة الإنسان؛ لأن الغاية هي القتل وفقط بدون أي مشاعر!

من جهة أخرى، قال المختص: “ما جعل بعض الألعاب تشكل خطرا على المنظومة القيمية للأطفال، غياب مؤسسات تتولى غربلة ما يجب وما لا يجب على الأطفال، حسب سنهم، مشاهدته ولعبه”، لافتا إلى أن مطالبة الأولياء بناء على تقديم شكاوى، بحجب اللعب، يعكس تنامي الوعي لديهم، وخوفهم على أبنائهم، ورغبتهم في حمايتهم، وهي بداية للمطالب بصورة رسمية بضرورة أن يكون هناك مرصد يتولى غربلة ما يقدّم للأطفال من ألعاب عبر الشبكة، وما يتوجب حجبه.

 

دعوة إلى إنشاء لجنة مستقلة لضبط برامج الأطفال

من جهته، ثمن المختص في تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار، قرار بعض الأولياء، الداعي إلى المطالبة بحجب لعبة “فري فاير”، بعدما وجدوا صعوبة في صرف أبنائهم عنها بعدما أدمنوها.

وأكد أن أي لعبة تُطرح لديها إيجابيات وسلبيات، وأن المشكلة ليست في نوعية اللعبة وإنما في طريقة الاستخدام، التي إن تُركت بطريقة فوضوية قد يكون لها تأثير سلبي، خاصة أننا في عصر التكنولوجيا ولا يمكن حرمان الأبناء منها، ولافتا إلى أن قرارات الحجب في هذا السياق لا ينبغي أن تكون عشوائية؛ لأن ما يطالب البعض بحجبه كونه يسيء إلى أبنائه، قد يعتبره البعض الآخر تعديا على الحرية الشخصية؛ من منطلق أن البعض الآخر يحق له اللعب. وانطلاقا من كل هذا قال المتحدث: “أعتقد أن مثل هذه القرارات المتعلقة بحجب المواقع التي قد تسيء للأطفال، لا بد أن تشرف عليه لجنة قطاعية مكونة من عدد من المهتمين بشأن الطفل، كوزارة التربية والشؤون الدينية، وحماية المستهلك والمختصين القانونيين والاجتماعيين، وغيرهم من الذين يدرسون القرار ويخرجون بمقترح، يصدر على ضوئه القرار المناسب بالحجب أو التعديل حسب نوعية المنتج”.

ضرر نفسي

ويؤكد أغلب علماء النفس على خطورة مثل هذه الألعاب خاصة إذا وصل اللاعب حد الإدمان، حيث أن لهذا النوع من الألعاب خطورة كبيرة _لأنها تجعل الإنسان يهرب من واقعه ليعيش في عالم آخر بعيداً من الحقيقة. فلا يدرك _دائماً الفرق بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي الذي تعرضه اللعبة وخاصة على المراهق لأنها توهمه بأن أساليب _العنف هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس. وكأن العنف هو الوسيلة _للوصول إلى الهدف المنشود وإلغاء الآخر أمر طبيعي ومن ناحية أخرى فإن هذه اللعبة وما _يشابهها تجعل الفرد يلجأ إلى العنف لحل نزاعاته ويصبح مفهوم القتل وإبادة الآخر أمراً عادياً، _وتصبح بذلك ردة فعله عصبية كما يصبح منعزلاً اجتماعيًا ويتفاعل مع آلة ويعيش _في عالم خيالي ويفقد التركيز في دراسته وفي تصرفاته اليومية__._ ويدعو الخبراء الأولياء إلى ضرورة حماية أبنائهم من هذه اللعبة وغيرها من الألعاب الإلكترونية التي من شأنها أن تلهي شبابنا عن تطوير حياتهم الشخصية وبناء مستقبلهم.

عالم اللعبة

وللإشارة فانّ هذه اللعبة متوفرة على كل من آندرويد و iOSوقد تمّ تطويرها وتعرض اللعبة عالما واسعا من المغامرات المفتوح على مصراعيه أمام اللاعبين. وتتمثل هذه اللعبة في تجمّع عشرات اللاعبين في منطقة صغيرة يتم توزيعهم داخل جزيرة نائية لجمع الأسلحة والعتاد داخل منازل مهجورة ثم ينطلقون في القتال إلى أن يبقى شخص واحد على قيد الحياة. ويمكن اللعب كفريق أو بشكل منفرد، ويمكن لأعضاء الفريق الواحد أن يتواصلوا مع بعضهم بواسطة الصوت وأن يقدموا الإسعافات في حال شارف أحدهم على الموت. وتبدأ اللعبة بطائرة تتحرك وبها 50 لاعبا ثم يقوم اللاعبون بالنزول في الأماكن التي يريدونها في الخريطة ثم يبدأ اللاعب في النزول وعند القرب من الأرض يقوم المنطاد تلقائيا بالعمل وتقوم بالهبوط الى الأرض أو يمكنك تشغيل المنطاد يدويا ثم تبدأ رحلة البحث عن الأسلحة والذخيرة في الجزيرة التي تحط بها الطائرة افتراضيا وهدف كل لاعب أن يبقي الوحيد الناجي وسط المجموعة ليكون الأخير على قيد الحياة ويكون فائزا في اللعبة. وتتميز هذه اللعبة عن مثيلاتها بأنه لا يمكنك شراء أسلحة أو اقتناءها من المتجر مقابل ما يجمع من مال أو نقاط أثناء تقدمه في اللعبة، حيث أن متجر هذه اللعبة لا يوفر للاعب سوى الملابس والألماس وبعض المكملات، أما الأسلحة فيجب أن يبحث عنها اللاعب بنفسه في مباني الجزيرة وبشكل عام فإن أسلحة هذه اللعبة متنوعة تضم أحدث انتاجات في العالم الواقعي بالإضافة إلى الألغام و المتفجرات. ويوجد شخصيات عديدة أيضا في اللعبة، إذ يمكن شراؤها بالذهب الذي يقوم اللاعب بجمعه عند الفوز في اللعبة ويمكن استبدال شراء الذهب بالألماس.

لمياء بن دعاس