بشائر العيد

بشائر العيد

عندما يقبِل العيدُ تُشرِق الأرضُ في أبْهى صورة، ويبدو الكونُ في أزهى حُللِه، كلُّ هذه المظاهر الرائعةِ تعبيرٌ عن فَرحةِ المسلمين بالعيد، وهل أَفرحُ للقلب مِن فرحةٍ نال بها رِضا ربِّ العالمين؛ لِما قدَّمه من طاعةٍ وعمل وإحسان. سُرورُ المُسلم بِسعيِه وكَدحِه، وفرحتُه بثمرة عَمَله ونِتاجِ جُهدِه من الأمورِ المسلَّم بها، بل إنَّ أهلَ الآخرة وطُلاَّبَ الفضيلة لأشدُّ فَرحًا بثمرة أعمالهم مع فضل الله الواسع ورحمتِه الغامِرة، ” قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ” يونس: 58. يومُ العيد يمثِّل وسطيَّةَ الدِّين؛ بهجَةُ النَّفس مع صفاء العقيدة، إيمان القلب مع متعة الجوارح. العيدُ في حساب العُمر وجريِ الأيام والليالي أيامٌ معدودة معلومَة، ومُناسبةٌ لها خُصوصيَّتها، لا تقتصر الفرحةُ فيه على المظاهر الخارجيَّة، لكنَّها تَنفُذُ إلى الأعماق وتَنطَلِق إلى القلوب، فودِّع الهمومَ والأحزان، ولا تَحقِد على أحد من بني الإنسان، شاركِ الناسَ فرحتَهم، أقبِل على الناس، واحذَر ظُلمَهم والمعصيةَ؛ فليس العيدُ لمن لَبِس الجديدَ، إنما العيد لمن خاف يومَ الوعيد.

إنَّها فرحةٌ تشمَل الغنِيَّ والفقير، ومساواةٌ بين أفرادِ المجتمع: كبيرِهم وصغيرِهم؛ فالموسِرون يَبسُطون أيديَهم بالجود والسَّخاء، وتتحرَّك نفوسهم بالشَّفقة والرَّحمة، وتَسري في قلوبِهم رُوحُ المحبَّة والتآخي؛ فتَذهب عنهم الضغائن وتَسودُهم المحبَّة والمودَّة. في العيد تَتصافَى القلوبُ ويَتبادَل الجميعُ التَّهانِيَ. وإذا كان في القلوب رواسبُ خِصامٍ أو أحقاد فإنَّها في العيد تُسَلُّ فتَزول، وإن كان في الوجوه العبوسُ فإنَّ العيدَ يُدخِل البهجةَ إلى الأرواح والبسمةَ إلى الوجوه والشِّفاه، كأنَّما العيد فرصةٌ لكلِّ مسلمٍ ليَتطهَّر من دَرَن الأخطاء، فلا يَبقى في قلبِه إلاَّ بياضُ الأُلفة ونور الإيمان. العيد مناسبةٌ للمراجعة الصَّادقة مع النفس؛ نتأمَّل فيها حكمةَ الله في قضائه، نتأمَّل قدرتَه وحكمَ آجاله، نتذكَّر إخوةً لنا أو أصدقاءَ أو أقرباءَ كانوا معنا في أعيادٍ مضت كانوا ملءَ السَّمع والبصر ، فندعو لهم بالرحمة والمغفرة والرضوان.