بشائر العبادات

بشائر العبادات

إنَّ هناك علاقةً لطيفة بين البُشرى والعبادات التي افترضَها الله عز وجل على المؤمنين. فلقد عُنِي الإسلامُ بأمرِ الصلاة عناية فائقة، وحضَّ عليها ورغّب بمحاسنها؛ فهي مفاتيحُ الجِنان، ومِن خيْرِ الأعمال بعد شهادة الإيمان، وأوَّل ما يُحاسَب عليه العبدُ بعد مفارقة الأهْل والخِلاَّن عندما يقابل ملائكةَ الملِك الديَّان. وقد جعلَ الله تعالى الصلاة صفة كريمةً وحِلْيَة مباركة للمتَّقين المسلمين به، والمسلمين له؛ ” ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ” البقرة: 2. فهؤلاء لهم رُتْبة مرْمُوقة يوم القيامة ومكانة مَحْمودَة؛ لأنهم مِنْ فريق الْمُفْلِحين؛ ” أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” البقرة: 5. والزكاة رُكنٌ مهمٌّ مِن أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإسلام، أداؤها عنوانٌ على العمل بطاعة الله عز وجل؛ ” وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” الحشر: 9. فلمَّا سمِعَ المسلمون الأوائل هذه الدعوة المباركة: ” فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ” الحج: 78. إلى الإنفاق، فاضَتْ أيديهم بالمعروف طلبًا لرضوان الله سبحانه. وقد حضَّ الإسلامُ على الصدقة؛ لِمَا فيها من الخير العميم والثواب العظيم؛ ” الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ” البقرة: 274.

يقول تعالى ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” البقرة: 185. لقد خصَّ الله تعالى الصيامَ بنفحاتٍ مباركاتٍ وجعلَ شهرَه – وهو رمضان – شهرَ الصيام، وشهر القرآن العظيم؛ حيث أنْزلَ فيه القرآن العظيم، حيث أنزلَ فيه القرآن الكريم حاملاً معه البشرى والهدى والهِداية للناس. وللصوم في سبيل الله عزَّ وجلَّ فضلٌ كبيرٌ، وفيه بشائرُ عديدة للعبد المؤمن بالجَنَّات، وبالابتعاد عن العذاب في النار؛ “ما مِن عبدٍ يصومُ يومًا في سبيل الله، إلا باعَدَ اللهُ بذلك اليوم وجْهَه عن النار سبعين خريفًا” صحيح مسلم. ومن خصائص الصيام أنَّه عملٌ لا يطَّلع عليه أحدٌ إلا الله تعالى وهو قَهْرٌ للشيطان وأعوانِه؛ إذ الصوم يخفِّف ويصقل جميعَ الشهوات، ويهذِّب الأخلاقَ؛ فهو يحفظُ اللسانَ عن الغِيبة، والعين من النظرِ إلى المحرَّمات، وكذا سائرُ الأعضاء الأخرى. لذا كَثُرَتِ البشائر بالجنة وبألوان النعيم لمن أحْسنَ أداءَ فريضة الصيام، ويقول تعالى ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ” آل عمران: 97. إنّ الحجَّ رحلةٌ كريمة يتوجَّه فيها المسلمُ إلى البلدِ الأمين مكة؛ ليؤدِّي هذه العبادةَ التي فرضَها اللهُ عز وجل وقد فَرَضَ الله سبحانه الحجَّ على كلِّ مسلمٍ يملك الاستطاعة، والحج فريضةٌ يؤدِّيها المسلمُ في العُمر مرَّة حينما تتوافر الاستطاعةُ من الصحة وإمكان السفر وأمْنِ الطريق، وفي أداء فريضة الحجِّ غذاءٌ روحيٌّ كبير، تمتلِئ فيه جوانحُ المسلم خشْيةً وتقوى لله، وعزْمًا على أداء طاعته؛ إذ تنمو فيه عاطفةُ الحبِّ الصحيح لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وكذلك في الحج تأْتَلِفُ مشاعرُ الأخوَّة الصحيحة في كلِّ مكانٍ، ويعود الحاج من رحلته هذه وهو أصْفَى قلبًا وأقوى عزيمة على الخيْر؛ لأنه قد حَظِي بالنَّقاء ونالَ البشارة بالقَبول؛ لأنَّ الحجَّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة.

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي