بسبب تطور السوق العالمية وظهور منافسين جدد… الجزائر تتخلى عن العقود الطويلة لتصدير الغاز

بسبب تطور السوق العالمية وظهور منافسين جدد… الجزائر تتخلى عن العقود الطويلة لتصدير الغاز

 

تخلت الجزائر لأول مرة عن أهم شروطها في المفاوضات السابقة لتجديد عقود الغاز مع زبائنها، وهي العقود طويلة الأمد، حيث كانت تفضل توقيع عقود بين 20 و25 سنة، على أن تخضع العقود لمبدأ Take Or Pay ويعني أنه يتَعَيّنُ على المشتري استلام الكمية المتعاقد عليها ودفع ثمنها حتى وإن لم يستلمها”.

ويعود سبب تغيير استراتيجية الجزائر التفاوضية أساسا إلى تطور السوق

العالمية للغاز، وظهور منافسين سواء في الغاز التقليدي أو الصخري، ما

دفعها لمراجعة عقيدتها التجارية في مجال تصدير الغاز.

وتمكن المجمع النفطي سوناطراك الجزائر من تجديد 3 عقود غازية كبرى مع شركاء أجانب في عز الحراك الشعبي، ووسط غموض المشهد السياسي والاقتصادي اللذين تعيشهما البلاد منذ فيفري الماضي، رغم تجديدها لعقود إمدادات الغاز مع إسبانيا، إيطاليا والبرتغال في انتظار فرنسا.

ومع مطلع السنة الحالية، دخلت الجزائر مرحلة تجديد عقود الغاز مع شركائها التقليديين بعد وصول أغلب العقود إلى نهاية آجالها مع انتهاء السنة الحالية، حيث كانت البداية في 16 ماي الماضي مع شركة إيني الإيطالية الشريك التاريخي للجزائر، وسوناطراك، فوقّع الطرفان على تجديد عقود توريد الغاز لإيطاليا لعشر سنوات اعتبارا من 2020، وبكميات تتراوح بين 9 مليارات و10 مليارات متر مكعب سنويا، رغم أنها كمية أقل مما كانت عليه سابقا بالنظر إلى تراجع نمو الاقتصاد الإيطالي.

كما اتفق الطرف الجزائري مع نظيره البرتغالي غالب في 11 جوان الماضي على تجديد عقد تصدير الغاز لعشر سنوات أخرى اعتبارا من 2020، بكميات تصل إلى 2.5 مليار متر مكعب سنويا. وجاء الدور نهاية جوان إلى شركة إينال الإيطالية التي ستزودها سوناطراك بـ3 مليارات متر مكعب سنويا لمدة 8 سنوات اعتبارا من 2020.

ويضاف إلى هذه العقود تلك التي جددت العام الماضي مع كل من بوتاش التركية التي ستزودها سوناطراك بكميات من الغاز تقدر بـ5 مليارات متر مكعب سنويا لمدة 5 أعوام.

كما جددت سوناطراك في أوت 2018 عقد توريد الغاز إلى إسبانيا من خلال شريكها ناتيرجي، بكميات سنوية تقدر بـ8 مليارات متر مكعب على امتداد 9 سنوات، ما يرفع صادرات الجزائر إلى قرابة 29 مليار متر مكعب سنويا نحو جنوب القارة الأوروبية، في انتظار تجديد العقود مع شركتي توتال وغاز سويز الفرنسيتين، اللتين تعثرت المفاوضات بينهما وبين سوناطراك بسبب مدة العقود التي تريدها فرنسا 5 سنوات قابلة للتجديد، في حين تتمسك الجزائر بـ10 سنوات على الأقل.

ويقول الخبير في الطاقة مزياني مهماه إن تجديد العقود بالنسبة للجزائر

يعد نجاحا في ظل دخول منافسين جدد كروسيا التي أبدت استعدادها لتموين الجنوب الأوروبي بالغاز، كما هو حال النرويج أيضا، بحسب تصريح لموقع العربي الجديد.

ويعتقد الخبير أن ما شفع للجزائر في تجديد العقود الكبرى لتصدير الغاز هو وفاؤها بالتزاماتها دوما تجاه الشركاء الأجانب وفي أحلك الظروف، كما كان عليه الحال في العشرية السوداء أو منذ الحراك الشعبي مثلا، الذي زاد من مخاوف شركاء الجزائريين من تأثر إمدادات الغاز.

وكانت الجزائر قد صدرت السنة الماضية 51 مليار متر مكعب من الغاز، 35% نحو ايطاليا و31% نحو إسبانيا، و13% نحو

البرتغال و8% فقط نحو فرنسا، في حين تم تصدير 75% عبر

الأنابيب الثلاثة التي تربط الجزائر بإيطاليا وإسبانيا، وفق أرقام

سوناطراك.

من جهته، يؤكد عبد المجيد عطار نائب رئيس الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز والمدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك أن عهد العقود طويلة الأمد انتهى دون رجعة، معللا ذلك، في حديث مع العربي الجديد، بأن تجديد

العقود مهما كانت مدتها يعتبر نجاحا للجزائر، وذلك لتغير المشهد الطاقوي العالمي، بدخول أميركا قائمة كبار مصدري الغاز مع قطر وأستراليا، مضيفا أن دخول 4 دول إفريقية قائمة المصدرين مستقبلا، وهي موريتانيا والموزمبيق بالإضافة إلى السنغال وتنزانيا، كل هذه المعطيات دفعت بالعملاق الروسي غاز بروم، أكبر مزود للقارة الأوروبية بالغاز، إلى رفع إنتاجه للإبقاء على هيمنته. كل هذه المتغيرات يضاف إليها ارتفاع الطلب الداخلي على الغاز، ما يجعل الجزائر لا تغامر في عقود طويلة الأمد يمكن أن تهوي فيها الأسعار.

ب. أمين