بر الوالدين… من الإيمان

بر الوالدين… من الإيمان

 

ما أروعَ الحياةَ في رحاب الإسلام! حيث الطريق الصحيح الذي يُنير للمسلم دُنياه، ويَحفظه مِن عذاب النار في أُخراه، هذا الطريق يَسلكه مَن عَمَّر الإيمانُ قلبَه؛ فإن الإيمان هو جوهرُ الدِّين، والعقيدةُ الصحيحة هي قاعدتُه السليمة التي يَنهض عليها، وهي الدافع القوي إلى العمل الصالح، والانحرافُ عن العقيدة الصحيحة مَهْلكة وضَياع، والفردُ بلا عقيدة ربَّانيَّة يكُون فريسةً للأوهام والشكوك، التي ربَّما تتراكم فتحجُب عنه الرؤية الصحيحة لدُروب الحياة ورسالتِه فيها، والمجتمعُ الذي لا تَسُوده عقيدةٌ ربَّانيَّة هو مجتمع بهيميٌّ وَحْشيٌّ هَمِجيٌّ، يَفقد كلَّ مقوِّمات السعادة والطمأنينة، وإنْ كان يملكُ كلَّ مقومات الحياة المادِّيَّة، والتي كثيرًا ما تقودُه إلى الدَّمار والانحلال الاجتماعي والأخلاقي، كما هو مُشاهَد في بعض المجتمعات الغربيَّة، التي تملك قوة مادِّيَّة ولا تملك عقيدة إيمانيَّة صحيحة. فقد وَفَّرَتِ المجتمعاتُ الغربيَّة لأصحابها الرفاهيةَ والمتعة والطعامَ والشراب، ولكنها دمَّرت الإنسانيَّة والطمأنينة الاجتماعيَّة والأمان وسائر القِيَم الأخلاقيَّة، فقد قَطعَت الأرحامَ، وما عَرفَت للوالدين حقًّا ولا فضلاً، بل سنَّتْ لهم سُنَّة أن يُلقَوا في دُور المسنِّين حتى يتوفَّاهم الله.

لا بد أن نعلم أن الله عز وجل قد حثَّنا على طاعة الوالدين، وقرنها بتوحيده سبحانه “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ” الإسراء:23، 24. ولقد قَرن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عقوقَ الوالدَين بالشرْك بالله؛ حيث قال: “إنَّ مِن أكبرِ الكبائرِ الشرْكَ بالله، وعقوقَ الوالدين، واليمينَ الغَمُوس؛ وما حلَف حالفٌ بالله يمينَ صَبرٍ، فأَدخَل فيها مثلَ جناحِ بعوضةٍ، إلا جُعلَت نكتةً في قلبه إلى يوم القيامة” أخرجه أحمد. حتى لو وصل الأمر بالوالدين إلى الكفر، فلا بد مِن الأدب معهما، ومصاحبتِهما في الدنيا بالمعروف؛ كما قال ربنا جل وعلا: ” وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” العنكبوت: 8، ونعلم جميعًا قصة الصحابي الذي جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يَستأذنه في الجهاد، فقال: “أحيٌّ والداك؟” قال: نعم، قال: “ارجعْ فَفِيهِما فجاهِد”.                     موقع إسلام أون لاين