وفي سنة 1946 استأنف نشاطه، فبعث جريدة ” البصائر” من جديد في السنة الموالية بعد أن توقفت أثناء الحرب، وأشرف على تحريرها، كما أسس معهدا ثانويا أطلق عليه اسم رفيقه وصديقه المرحوم عبد الحميد ابن باديس في قسنطينة، حظيت شهادته بالاعتراف من الجامعة الزيتونية ومن معاهد الشرق العربي، ومن هذا المعهد تخرج رجال قادوا الثورة المسلحة، فمنهم من استشهد في الجهاد الأصغر، ومنهم من ساهم غداة الاستقلال في إعادة بناء هذا الوطن، كقياديين أو إطارات سامية في الدولة، فكان منهم الوزير والسفير، والوالي والمحافظ والقائد العسكري والأستاذ ومدير الجامعة الخ … سافر الإبراهيمي إلى المشرق العربي للمرة الثانية عام 1952 ممثلا لجمعية العلماء ليسعى لدى الحكومات العربية لقبول بعثات طلابية جزائرية في معاهدها وجامعاتها، وطلب الإعانة المادية والمعنوية للجمعية حتى تستطيع مواصلة أعمالها وجهادها، والتعريف بالقضية الجزائرية في الأوساط السياسية في الدول التي زارها أو التقى مسؤوليها، ولدى جامعة الدول العربية. وقد اتخذ من مصر منطلقا لنشاطه، ورعى فيها أولى البعثات الطلابية، وكان سفيرا للجزائر وصوتها المدوي، يلقي المحاضرات والدروس – خاصة في مركزي الإخوان المسلمين والشبان المسلمين- والأحاديث الإذاعية قبل الثورة التحريرية وفي أثنائها. وقد زار في هذا الشأن – بعد مصر- كلا من المملكة العربية السعودية، والعراق، وسوريا، والأردن، والكويت، وباكستان. ووجه يوم 15 نوفمبر 1954 – أي بعد أسبوعين من اندلاع الثورة- نداء إلى الشعب الجزائري، يدعوه فيه إلى الالتفاف حول الثورة المسلحة، وخوض غمار الجهاد المقدس، والتضحية بالنفس والنفيس، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لحياة العزة والكرامة، وكان هذا النداء إسكاتا لكل من يريد التشكيك في شرعية الجهاد باسم الدين، ودفعا قويا للثورة الوليدة.
من كتاب -أثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي