بدأ دخيلا ثم أصبح مرتبطا به “الشواء في السهرات الرمضانية”.. عبق آخر يُضاف إلى نسمات الشهر الفضيل

elmaouid

لم يعد الكسكسي بالزبيب المرفوق بالحليب أو اللبن الطبق الأساسي لوجبة السحور عند العديد من الجزائريين، الذين تحوّلت شهيتهم إلى أطباق أخرى يفضّل تناولها خارج المنزل رفقة الأصحاب والأصدقاء ويشمل

هذا التحول وعلى الخصوص فئة الشباب، حيث أصبحت تمتلئ بهم محلات الشواء في شهر رمضان.

انتشرت ظاهرة تناول الشواء في سهرات رمضان منذ أن أصبح هذا الأخير مقترنا بفصل الصيف، وهي العادة التي بدأت دخيلة ثم انتشرت لتصبح من عادات رمضان، حيث يغتنم العديد من التجار غير الشرعيين فرصة قدوم هذا الشهر لجني بعض الأموال، فتراهم بعد الإفطار أو في فترة السحور يتسابقون إلى الشواء.

 

أسعار مستقرة وإقبال لافت

تعودنا على رؤية طاولات بيع الشواء على قارعة الطريق ليلا ما إن يحل علينا شهر رمضان، حيث يعمد بعض الشباب البطال إلى استغلال فرصة رمضان لكسب بعض الدنانير، فيلجأ لنصب طاولات أو خيمات على قارعة الطريق، حيث تتحول أغلب الشوارع والطرقات إلى فضاء لا متناهي من “شبه محلات” تتنافس فيما بينها لجلب أكبر عدد من الزبائن المحبين للشواء الذين يتسارعون عليه بعد الإفطار مباشرة، خاصة وأن أسعار هذه المادة ما زالت مستقرة رغم وصول أسعار اللحوم الحمراء إلى أكثر من 1600 دج عبر مختلف قصابات العاصمة، وكذا أسعار اللحوم البيضاء بين 280 إلى 340 دج، حيث علمنا من بعض الباعة أن أسعار الشواء لاتزال محافظة على مستوى استقرارها، في حدود 20 و154 دج، بل وأحيانا بأقل من ذلك، حيث يصل السعر إلى نحو 10 دج، إلا أن المواطنين يقتنونها في السهرات الرمضانية دون أن يعرفوا مصدرها ولا مكوناتها إن كانت صحية أو من مواد فاسدة أو منتهية الصلاحية، والأسوأ من ذلك أنها تعرض في كل مكان، على الأرصفة وعلى حواف الطرقات، أمام محطات النقل.

 

نكهة من نكهات رمضان

على الرغم من أن طاولات بيع الشواء تعرض في الأيام العادية، إلا أن الشواء على قارعة الطريق في رمضان خلال السهرة له نكهة خاصة عند البعض، الأمر الذي أعرب عنه أحد المواطنين، الذي أكد أنه لا يجذب انتباهه في السهرات الرمضانية إلا أكل الشواء والنقانق والمشروبات المبردة، وقال إن أصناف الشواء متنوعة من “لحم، صدر الديك الرومي المعروف بـ “سكالوب، كبدة….” مصحوبة بطبق البطاطا المقلية، وبيعه بأسعار معقولة في حدود 50 دج للساندويتش الواحد، مع ضمان كؤوس من الماء البارد، في ظل غياب كراس وطاولات على أساس أنها محلات أكل خفيف وليست مطاعم حسب ما أكده لنا بعض من تحدثنا إليهم، وفي هذا الصدد قالت إحدى السيدات إن أفضل ما قامت به وزارة التجارة هي تلك الإجراءات الصارمة التي وضعتها، فمن ناحية ساعدت على الحفاظ على صحة المواطن من تلك المواد الاستهلاكية التي لا يراعي فيها أصحابها أدنى شروط الصحة والنظافة، ومن ناحية أخرى ساهمت في الحفاظ على نظافة المحيط. مواطن آخر، اعتبر أنه رغم ما تسببه طاولات بيع الشواء من فوضى وازدحام بسبب طوابير الزبائن، إلا أنها تعطي جوا خاصا لرمضان، وعليه فلا يمكن تصور رمضان من دونها.

 

صحة الزبون.. ما بين الشواية والتاجر

وفي هذا الإطار، تقول إحدى السيدات من باب الوادي بالعاصمة، إن هناك صاحب طاولة لبيع الشواء يستمر عمله إلى الفجر، وزبائنه كثيرون للغاية، وسعر عود الشواء عنده أيا كان نوعه، لحم أم اسكالوب، أم كبد أم غيرها من المشويات الأخرى لا يتجاوز 10 دج، وتقول إنها تتخوف دائما من طريقة إعداد تلك اللحوم وحفظها، والأهم من كل ذلك مصدرها، فلا يعقل أن يكون الشواء بالنسبة إليها بـ10 دج، في الوقت الذي بلغت فيه أسعار اللحم مستوى قياسيا للغاية.

 أما السيد كمال فقد أوضح أن غالبية تلك المحلات تراهن على عملها في هذا المجال، لاسيما خلال مواسم الشهر الفضيل والمناسبات كالأعياد، وكذا خلال السهرات التي يقضيها الشباب وهم يتسامرون في أحيائهم، مع أن ذلك لا يغني عن ضرورة اكتشاف الشروط الصحية التي يتم فيها حفظ تلك اللحوم، وكذا طريقة شوائها، ومستوى النظافة داخل المحل، إلى جانب الانتباه إلى نوعية اللحم ومذاقه ولونه، والغريب يقول السيد “محمد” إنه رغم قلة النظافة إلا أنها تلقى إقبالا كبيرا من طرف المارة، خاصة الشباب وقد تفطن ممتهنو الشواء إلى أن هذا الأخير يتطلب وجود مشروب إلى جانبه، حيث يتم بيع المشروب الغازي بالكوب إلى جانب الشاي، الذي أضحى أهم ديكور يميز طاولات الشواء، فقبل أن يصل اللحم إلى المستهلك يمر على أيد متعددة، ناهيك عن أن مصدره يبقى مجهولا، خاصة إذا علمنا أن العديد ممن يمارسون هذه المهنة من المراهقين والأطفال، الذين قد يقصدون المذابح غير الشرعية لانخفاض أسعارها…

وبين لذة الشواء على قارعة الطريق وصحة المواطن، يظل الأمر مرهونا بدرجة الوعي، أما عزيز فقال إنه بالإضافة إلى تعكير الجو بذلك الدخان، سلبيات تلك الطاولات لا تعد ولا تحصى وقال إنه في رمضان الماضي أقبل على إحداها في السهرة للتزود ببعض من النقانق “مرقاز” المعدة على الجمر إلا أن تلك النكهة سرعان ما انقلبت إلى آلام فظيعة مزقت بطنه قبيل الفجر مما أجبره على المسارعة إلى مصلحة الاستعجالات…

 

 مختصون يحذّرون: “الصحة مرهونة بما يتناوله الإنسان”

حذّر مختصون في الطب والصحة من الاستهلاك العشوائي خلال الشهر الفضيل، وخاصة المعروضات التي تباع خارج المحلات التجارية وعلى حواف الطرقات والأرصفة، نـظرا لتعرضها للأوساخ، ما ساهم في مضاعفة البيكتيريا بها التي تتسبب في أمراض عديدة كالتيفوئيد والباراتيفويد وغيرها. ورغم الإجراءات العديدة التي اتخذتها وزارة التجارة للحد من التجاوزات والمراقبة التي تقوم بها مديرية التجارة، إلا أن العديد من يتخطون هذه القرارات ويعرضون هذه السلع على الأرصفة دون احترام شروط الصحة. ومن جهة أخرى ديننا الحنيف يعتبر التجارة على الأرصفة مهما كان نوعها تقوم على مجموعة من الشروط التي يجب احترامها منها عدم إيذاء الناس.