بالمجوهرات والأموال.. هبة مجتمعية تطوعية خيرية لتأمين الأكسجين

بالمجوهرات والأموال.. هبة مجتمعية تطوعية خيرية لتأمين الأكسجين

دفع التوافد الكبير للمرضى المصابين بفيروس “كورونا” على المستشفيات، إلى رفع الطلب على الأكسجين، الأمر الذي أحدث حالة من الندرة ببعض المؤسسات الاستشفائية وحالة من القلق لدى المرضى وعائلاتهم، وهو ما دفع ببعض حركات المجتمع المدني والمتطوعين إلى إطلاق عدد من المبادرات الخيرية، الرامية إلى المساهمة في سد العجز المسجل، من خلال جمع الأموال لشراء الأجهزة، أو فتح المجال من طرف بعض المنتجين لتعبئة قوارير الأكسجين بصورة مجانية.

هزّت صور التضامن والتكافل لتدعيم المستشفيات ومساعدة المرضى، مواقع التواصل الاجتماعي، وكشفت من جديد خيرية الشعب الجزائري وجنوحه لكل ما هو إيجابي وخيري، خاصة وأن الجزائر تعيش الموجة الثالثة من الوباء، أين باتت صور الموت والتعازي توشح الأخبار اليومية، وتبعث الرعب والخوف وسط المواطنين، الذين ضربوا أروع الأمثلة في مبادرات خيرية باتت حديث العالم، لينجح الجميع في تجهيز العديد من المستشفيات بمولدات الأوكسجين الكبرى وإعادة تشغيل المعطلة منها، وذهب المتضامنون أكثر من ذلك بفتح مستشفيات ميدانية داخل القاعات الرياضية لتعيش الجزائر هذه الأيام نفحات تضامنية أدخلت الطمأنينة للقلوب.

مواطنون، أطباء ومتعاملون يد واحدة في مواجهة الوباء

شهدت مختلف بلديات ولاية تيزي وزو هبة تضامنية واسعة النطاق خلال الأيام الأخيرة، منها جمع التبرعات لشراء مولدات الأكسجين التي أطلقها المجتمع المدني والمنتخبون، ومراقبة الحجر الذاتي من أجل التغلب على الموجة الجديدة من وباء كوفيد -19.

وأحيت روح التضامن جميع بلديات الولاية تقريبًا منذ أسبوع، حيث يتجند المواطنون و المنتخبون والأطباء والمتعاملون الاقتصاديون، من بين آخرين، في إطار منظمات المجتمع المدني، حول العملين الرئيسيين المتمثلين في شراء مولدات ومكثفات الأوكسجين التي تعد من أولويات العديد من المواطنين من أجل مواجهة نقص هذا المنتج الحيوي للمرضى المصابين بفيروس كورونا والذي تم تسجيل إقبال كبير عليه، حسب ما أكده المبادرون لجمع الأموال.

ضمن هذا الإطار، تم تجهيز المؤسسة العمومية الاستشفائية بأزفون، بوحدة لإنتاج الأكسجين، تم الحصول عليها بقرض بعد طلب تقدمت به جمعية الرفق باليتيم.

وعبر رئيس الجمعية، حكيم شاطر، بالمناسبة عن “ارتياحه الكبير” لما تجلبه مثل هذه المبادرات للمرضى”.

كما أن هناك إجراءات أخرى مماثلة جارية في جميع أنحاء الولاية، على غرار تلك التي بادرت بها اللجنة المحلية للهلال الأحمر الجزائري في الأربعاء ناث ايراثن التي بدأت في جمع التبرعات لتزويد مستشفى هذه المدينة بـمولد للأكسجين. وتسعى اللجنة من خلال عملية جمع الأموال، إلى شراء مولد لمستشفى بوغني وآخر لصالح المركز الاستشفائي الجامعي بتيزي وزو ومناطق أخرى.

وتمت الإشارة كذلك، إلى أن المجتمع قد أطلق خلال اجتماع تشكيل اللجنة، نداء لجمع تبرعات لتزويد خمسة مستشفيات في ولاية تيزي وزو، ويتعلق الأمر خاصة بعزازقة وعين الحمام وبوغني وذراع الميزان والأربعاء ناث ايراثن، بمولدات أكسجين.

المجتمع المدني حاضر في الأزمة

من جملة المبادرات التطوعية التي أطلقتها حركات المجتمع المدني، ما أقدمت عليه جمعية “رتاج” الخيرية لحماية الطفولة، التي بادرت بعدما تعالت النداءات عبر منصات التواصل الاجتماعي، طالبة المساعدة على تأمين الأكسجين، بالنظر إلى العجز المسجل في بعض المؤسسات الاستشفائية، إلى دعوة كل الفاعلين من أجل التبرع بأموالهم لشراء الأجهزة الخاصة بتكثيف الأكسجين، ومن ثمة، حماية المرضى من الموت نتيجة نفاذ هذا العنصر الحيوي. أكد رئيس الجمعية حسين غازي، “أن شراسة الفيروس المتحور في موجته الثالثة، دفعتهم كجمعيات، إلى ضرورة التطوع والمساعدة قدر الإمكان، من أجل دعم الجيش الأبيض الذي يعاني خلال هذه الفترة، من ضغط كبير”، مشيرا إلى أن الحس المدني يدفعهم كفاعلين في المجتمع، بغض النظر عن اهتمامات الجمعية، إلى التواجد في الميدان وتقديم يد العون”، لافتا “إلى أنه سبق للجمعية أن أطلقت مبادرة لشراء سيارة إسعاف مجهزة، من أجل المساهمة في تقديم خدمات مجانية للمرضى، يقول: “غير أن تسجيل عدد من الوفيات جراء نفاذ الأكسجين، جعلنا نعيد النظر في المبادرة والتأكيد على أهمية اقتناء أجهزة تكثيف الأكسجين، الذي تعتبر في الوقت الراهن أولوية، بالنظر إلى ارتفاع حالات الوفيات المعلن عنها”.

المحسنون يغزون منصات التواصل

وإذا كان المجتمع المدني قد تجند كعادته، من أجل المساهمة في سد العجز المسجل ببعض المؤسسات الاستشفائية في التزود بمادة الأكسجين، فإن بعض المحسنين وعبر منصات التواصل الاجتماعي، بادروا من جهتهم إلى إطلاق مبادرات فردية، هدفها تأمين مادة الأكسجين للمرضى، حيث سعى هؤلاء إلى نشر إعلانات تحمل أرقام هواتفهم لكل باحث عن الأكسجين، ما عليه إلا الاتصال، ومن بين المبادرات أيضا، ما أقدم عليه ولد رويس عبد اللطيف، صاحب شركة بوشامة بأولاد يعيش في ولاية البليدة، الذي اختار أن يضع شركته وعماله تحت تصرف المؤسسات الاستشفائية، والمواطنين الباحثين عن الأكسجين بصورة مجانية، فيما أقدم سكان ولاية بجاية، بوسعادة، المسيلة وباتنة، على إنجاز محطة لإنتاج الأكسجين، حسب ما تم تداوله بمنصات التواصل الاجتماعي في مبادرات تطوعية، للتشجيع على الاقتداء بها وتعميمها، للمساهمة في حماية حياة المرضى.

مستشفى ميداني من تبرعات المواطنين

سجلت بلدية المرادية بالعاصمة إقامة أول مستشفى ميداني كامل التجهيزات من تبرعات المواطنين بالتنسيق مع السلطات المحلية والطاقم الطبي للمراكز الصحية، فبادر السكان إلى تحويل قاعة رياضية كبيرة إلى مستشفى ميداني بطاقة استيعاب 100 سرير لاستقبال الأعداد المتزايدة لضحايا كورونا، وتزويد المستشفى بمولدات الأكسجين وجميع العتاد الطبي الضروري للتكفل الأحسن بالمرضى، المبادرة لقيت استحسان السكان الذين طلبوا تعميمها على بقية البلديات لامتصاص الضغط من المستشفيات.

شباب يوظفون خبرتهم لإصلاح مولدات الأكسجين

بادر مجموعة من الشباب والمختصين لإعادة تشغيل مولد الكهرباء على مستوى مستشفى تبسة، الذي كان معطلا لسنوات طويلة. المتطوعون نجحوا بامتياز في إعادة الأكسجين للمستشفى وإنقاذ حياة عشرات المرضى الذين كانوا بأمس الحاجة للأكسجين، وذلك بعد يومين من العمل المستمر دون انقطاع. وعلى غرار هذه العملية، شهدت العديد من المستشفيات عبر الوطن عمليات مماثلة لإصلاح مولدات الكهرباء التي كانت معطلة ومهملة لمساعدة المرضى من طرف شاب مبدع وعبقري فضل أن يكرس خبرته لإنقاذ الأرواح.

مجوهرات الحرائر “الحدايد.. للشدايد”

شهدت الحملة التضامنية الواسعة التي نظمها سكان أم البواقي تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد عرض صور العملية التي كانت على شكل طاولة تحتوي على مبالغ مالية معتبرة، إلى جنبها مجوهرات وحلي لنساء فضلن مشاركة إخوانهن الرجال في تدعيم المستشفيات وإنقاذ المرضى، وتمكن السكان الذين كان أغلبهم من _ الزوالية_ ومتوسطي الدخل من جمع الملايير في وقت وجيز وكانت صور الذهب والحلي مؤثرة جدا وهي التي تدل على الموقف التاريخي لحرائر الجزائر في هذه الجائحة.

وللجالية دورها في العمل الخيري

ضربت الجالية الجزائرية في المهجر أروع الأمثلة في التضامن والتكافل، أين بادرت مؤخرا إلى تنظيم حملة _تيليطون أوكسجين_ التي شارك فيها المئات من المغتربين في عمليات منظمة بالتنسيق مع الجمعيات والأطباء والسفارات لإرسال عدد كبير من مولدات الأوكسجين إلى الجزائر وتجهيز المستشفيات بالعتاد الطبي الضروري للتكفل بالمرضى. ومن جهتهم، بادر رجال أعمال وأصحاب مصانع في تجهيز المستشفيات بمولدات أوكسجين كبيرة وحديثة لتجنيب عائلات المرضى عناء التنقل للبحث عن قوارير الأوكسجين وشرائها بأسعار مضاعفة.

 

وزير الصحة يشكر الشعب على هبته التضامنية

كشف وزير الصحة والسكان عبد الرحمن بن بوزيد، أن الموجة الثالثة فاجأتنا. غير أن هناك هبة شعبية كبيرة من طرف المواطنين والجالية والمجتمع المدني من أجل توفير الأكسجين.

وأضاف الوزير خلال إشرافه رفقة وزير السياحة على حملة لتلقيح العمال، أن هناك العديد من المواطنين والجمعيات والخواص وكذا السفارات أطلقوا مبادرة للتضامن وجمع الأكسجين والمعدات الطبية لمجابهة هذه الجائحة، مضيفا أن الوزارة تعمل حاليا على تنصيب مولدات الأكسجين عبر المستشفيات من أجل إنتاج الأكسجين بمفردها.

كما شكر الوزير كافة الشعب الجزائري على الهبة التضامنية، مؤكدا أن هناك تضامنا شعبيا وحكوميا من أجل مجابهة الوباء، كاشفا أنه تحدث هفوات خلال الأزمة يجب تجاوزها.

ل. ب