باعتباره أحد أشكال الشغل الجديدة… تشجيع العمل عن بعد كآلية جديدة لرفع نسبة توظيف فئة النساء

باعتباره أحد أشكال الشغل الجديدة… تشجيع العمل عن بعد كآلية جديدة لرفع نسبة توظيف فئة النساء

بادر قطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بدراسة امكانية تشجيع العمل عن بعد، كآلية جديدة تساهم في رفع نسبة التشغيل لدى فئة النساء، ودعم المشاركة الاقتصادية للمرأة العاملة وفي حركية التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، أشار رئيس ديوان وزارة العمل، بوقرة نصر الدين، في كلمة له خلال افتتاح لقاء حول “ترقية الحقوق المهنية للمرأة العاملة: تشجيع العمل عن بعد”، أن القطاع بادر بـ “دراسة امكانية تشجيع العمل عن بعد باعتباره أحد أشكال العمل الجديدة الناجمة عن التطور التكنولوجي في مجال الاعلام والاتصال”.

 

التوفيق بين الحياة المهنية والعائلية

وأضاف أن هذا الإجراء يعتبر “وسيلة لرفع نسبة تشغيل النساء، خاصة تلك الفئة الحاملة للشهادات الجامعية، لدعم المشاركة الاقتصادية للمرأة العاملة في سيرورة وحركية التنمية الوطنية المستدامة، وسيساعد المرأة العاملة على التوفيق بين حياتها المهنية والعائلية من أجل أسرة متماسكة ومجتمع متطور”.

ولهذا الغرض، أبرز السيد بوقرة أن تحقيق مسعى وزارة العمل في إرساء قواعد وأسس تؤطر العمل عن بعد “يتطلب تضافر جهود كل الأطراف الفاعلة المعنية بقضايا العمل والتشغيل من قطاعات وزارية ومنتخبين وخبراء وباحثين وكذا جمعيات ناشطة في المجال”.

وأضاف نفس المتحدث أنه “يمكن تحقيق العمل عن بعد لفئة النساء العاملات في المؤسسات الاقتصادية، وهذا من خلال الاتفاقيات الجماعية، التي تصدر عن التفاوض الجماعي للنقابات وأصحاب العمل، ولذلك ندعم ضرورة إدماج وتواجد النساء في النقابات العمالية ليتسنى لها التعبير عن قضاياها وخصوصيات مشاكلها المهنية”.

 

نسبة محتشمة مقارنة بنسبة المتخرجات

وذكّر نفس المسؤول بأهمية الأدوار والوظائف التي تضطلع بها المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبجهود الدولة في إقرار المساواة بين الجنسين، معتبرا أن تواجد المرأة العاملة في سوق العمل بالجزائر “يبقى بنسب محتشمة”، حيث تتراوح النسبة الوطنية لتشغيل النساء ما بين 17 و 18 بالمائة.

وفي هذا الشأن، قال إن هذه النسبة “لا ترقى إلى الطموحات بالمقارنة مع الامكانيات المخصصة للتعليم وتكوين المرأة، علما أن الاحصائيات تؤكد النسب المرتفعة بخصوص عدد الفتيات المتخرجات من الجامعات ومراكز التكوين المهني”.

من جهته، اعتبر رئيس ديوان وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، محمد سيدي موسى، أن العمل عن بعد “يمكن أن يدرج ضمن استراتيجية وطنية تساهم في إعدادها مختلف الدوائر الوزارية للوصول إلى أرضية عمل قابلة للتجسيد على المديين القريب والمتوسط”.

 

تضحيات يومية للتوفيق بين العمل والواجبات المنزلية

أصبحت قضية التوفيق بين متطلبات العمل وواجبات البيت من مسؤوليات تجاه الزوج والأولاد من التحديات الصعبة للمرأة الجزائرية التي فرضت نفسها بقوة بمختلف الهيئات والمؤسسات، بعدما أثبتت قدرتها على أداء الكثير من الأعمال بالرغم من الإجهاد النفسي الذي تتعرض له في مسيرة عملها.

المرأة الجزائرية التي دخلت عالم الشغل من بابه الواسع لأسباب إقتصادية وإجتماعية مفروض عليها التوفيق بين رعاية بيتها وأطفالها وزوجها وبين عملها، وضرورة تأديته على أكمل وجه لضمان بقائها في منصبها، وأمام هذه المعادلة الصعبة تبقى المرأة حائرة وقلقة ومشتتة الفكر تجتمع عليها هموم ومصاعب البيت والعمل، وحول هذا الموضوع تحدثنا مع بعض الأمهات العاملات لمعرفة تأثير عمل المرأة على إستقرار الأسرة والحياة الزوجية.

تقول السيدة أمينة “المرأة نصف المجتمع ويجب أن تقوم بواجبها تجاه مجتمعها وتحمل المسؤوليات المترتبة على ذلك”، مضيفة أن دافع عمل المرأة قد لا يكون ماديا بشكل أساسي وإنما قد يكون الدافع هو الرغبة في تحقيق الذات، فشعورها بأنها تعلمت وتعبت لبناء ذاتها يجعلها أكثر إحساسا بكيانها المستقل، لذا تسعى جاهدة لإثبات ذاتها في المجتمع، خاصة وأن والديها قد تعبا كثيرا لتعليمها وإيصالها لهذه المرحلة، فبالنسبة لها مكوث المرأة القادرة على العمل في المنزل لتربية الأولاد وتدبير شؤون المنزل إضاعة لكل الجهود والمبالغ التي صرفت في مرحلة التعليم، لذلك ترى خروجها للعمل هو جزء من رد الجميل لوالديها ولوطنها، مشيرة في الوقت نفسه إلى دور العمل في الإستقلال المادي للمرأة وما توفره من طمأنينة لقدرتها على توفير حاجاتها دون الاعتماد على الغير، كما أنها تساهم في توفير حياة أفضل لأسرتها بمشاركتها في تحمل جزء من الأعباء والنفقات.

وتقول محدثتنا إنها تمكنت من التوفيق بين عملها وواجباتها كأم وربة بيت عن طريق تنظيم وقتها، وتوفير الوقت الكافي لمتابعة أولادها في دراستهم متابعة جيدة والاهتمام بكل أمورهم. أما عن تأثير هذا الوضع على عملها، فتقول من خلال عملي كمعلمة بالإبتدائي لا أجد أية مشاكل كوني سجلت أبنائي بالمدرسة التي أدرس بها وتبقى عندي ابنتي الصغيرة التي أتركها عند عمتها لرعايتها مقابل مبلغ رمزي أقدمه لها كهدية.

أما عن المجتمع، فتقول بأنه يطالب المرأة بالقيام بواجباتها تجاه الأسرة دون تقصير، وتضيف بأنه مؤخرا ونتيجة لكثرة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، أصبح المجتمع يتفهم عمل المرأة والدليل على ذلك التواجد الكبير لها بمختلف المؤسسات.

وفيما يتعلق بموقف الزوج، فتقول محدثتنا عندما توفق المرأة بين بيتها وعملها وتنظم وقتها لن تكون هناك أية مشكلة، وتضيف بأن تفهم الزوج لطبيعة عمل زوجته ومساعدته لها سيساهم في تخفيف الأعباء النفسية والجسدية عنها مما سيساعد على استقرار الحياة الزوجية.

أما أمال التي تشتغل في المحاماة، فأكدت على الدور الرئيسي للأم الذي خلقت له والذي يتناسب مع أنوثتها وطبيعتها البيولوجية، لأن الفطرة هيأتها لتربية الأولاد والاعتناء بالبيت، مشيرة إلى أن تسخير المرأة نفسها لتربية الأبناء لا يقل أهمية عن دورها في بناء المجتمع، موضحة بأن الطفل هو رجل المستقبل، لذا يجب إعطاءه العناية الكاملة ليكون رجلا سليما نفسيا وجسديا.

كما أبدت محدثتنا استغرابها من أولئك الذين ينظرون إلى الأم التي تتفرغ لتربية أولادها على أنها عاطلة عن العمل، مع علمهم بأنها تؤدي دورها الطبيعي الذي خلقت لأجله، إلا أنها تستدرك وتقول أن توجيه المرأة محكوم بالوضع المادي للأسرة، فالأوضاع المادية حسبها تلعب دورا كبيرا في تحديد وضعيتها، كما أكدت بأنها لن تتردد في ترك عملها والتفرغ لأسرتها في حالة ما إذا تحسنت أوضاعها المادية.

وعن تأثير عملها على الأطفال تقول: عملي لم يكن عائقا أبدا أمام القيام بواجباتي داخل البيت، فأنا أقف على كل صغيرة وكبيرة بالمنزل وهو ما يجعلني مطمئنة وغير قلقة، كما أنني لا أشعر بالذنب تجاه أبنائي لأن خروجي للعمل كان لأجلهم، كما أنني مرتاحة في عملي لأنني لا أنقل مشاكل العمل إلى البيت ولا مشاكل البيت للعمل والعكس.

أما عن نظرة المجتمع فترى محدثتنا أن المجتمع أصبح مدركا لحقيقة الضغوطات المادية على الأسرة التي تدفع المرأة للخروج إلى العمل، لتشير في الأخير إلى دور الزوج المتفهم لعمل زوجته ومساعدته لها في واجباتها المنزلية في خلق السكينة في نفسها والحفاظ على استقرار الأسرة.

لمياء. ب