الجزائر تراهن على السيادة الصناعية لتعزيز نمو قطاع البناء

“باتيماتيك 2025”.. منصة استراتيجية لترسيخ السيادة الاقتصادية في قطاع البناء وتعزيز الإنتاج المحلي

“باتيماتيك 2025”.. منصة استراتيجية لترسيخ السيادة الاقتصادية في قطاع البناء وتعزيز الإنتاج المحلي

تشهد الجزائر تحولا اقتصاديا كبيرا، يتجسد في توجهات وطنية استراتيجية تهدف إلى تحقيق السيادة الاقتصادية في القطاعات الحيوية، ويُعد قطاع البناء أحد أهم محاور هذه السيادة، نظرًا لدوره المحوري في التنمية المستدامة والاقتصاد الوطني.

في هذا السياق، تجسّد فعاليات صالون “باتيماتيك 2025” الرؤية الاستراتيجية للدولة في هذا المجال، حيث يُعتبر المعرض واحدًا من أبرز الأحداث الاقتصادية التي تسهم في بناء جسور التعاون بين المؤسسات الوطنية والأجنبية، مع تسليط الضوء على الإنتاج المحلي والتكنولوجيا الوطنية التي يمكن أن تُصبح بديلًا قويًا في سوق البناء.

 

الإقبال الكبير على صالون “باتيماتيك 2025”

كما عرف صالون “باتيماتيك 2025” إقبالا كبيرًا من المؤسسات الجزائرية والدولية، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالفرص المتاحة في قطاع البناء في الجزائر. فقد تم تخصيص المساحة الأكبر للمؤسسات الجزائرية التي عرضت منتجاتها المحلية مثل مواد البناء، التجهيزات المعمارية، وتقنيات البناء الذكي التي يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في هذا القطاع. يتجلى هذا التحول في سعي المؤسسات الجزائرية لتعزيز القدرات الإنتاجية محليًا، وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما يعكس التزام الجزائر بسيادة اقتصادية حقيقية في قطاع البناء.

 

المؤسسات الجزائرية: ركيزة السيادة الاقتصادية في قطاع البناء

ومن خلال المعرض، برز الدور المتنامي للمؤسسات الجزائرية التي أظهرت قدرة كبيرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال البناء. شركات مثل مجمع “Eurl Sarl Ivoirienne Construction” و**”مجموعة سفيان للبناء”** وغيرها من الشركات المحلية أكدت على إمكانية توطين تكنولوجيا البناء وتطوير الصناعة المحلية لتلبية احتياجات السوق، فضلاً عن تصدير هذه المنتجات للخارج. أما على مستوى مواد البناء، فقد عملت الجزائر على تحقيق استقلالية في إنتاج الإسمنت، الحديد، والخرسانة، حيث تعد مصانع مثل شركة لافارج الجزائر وسيتال من أبرز اللاعبين في هذا المجال، وتعمل على تزويد السوق الوطني بتقنيات متطورة تلبي المعايير الدولية، ما يعزز قدرة الجزائر على التحكم في سلاسل الإنتاج في قطاع البناء.

 

التكنولوجيا الجزائرية تعزز قطاع البناء الوطني

كما أصبح البحث والابتكار جزءا أساسيا من سياسات الجزائر في مجال البناء، حيث أصبح من الممكن استخدام التقنيات الجزائرية المتطورة مثل الخرسانة المسلحة بالألياف، وتقنيات البناء الأخضر. تحرص المؤسسات الجزائرية على توفير هذه الحلول الوطنية التي تواكب تطور السوق، وتعزز قدرتها على منافسة السوق العالمية. كما تتبنى الشركات الجزائرية أيضًا تقنيات البناء الذكية، والتي أصبحت أكثر طلبًا في السنوات الأخيرة، مثل أنظمة الإضاءة الذكية، التحكم عن بُعد في العمليات الإنشائية، واستخدام الطاقة الشمسية في المباني. كما بدأت المؤسسات الجزائرية في استثمار التكنولوجيات الحديثة في قطاع البناء من خلال مشاريع مشتركة مع المؤسسات الأكاديمية، مما يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.

 

“باتيماتيك 2025”: حافز لتحقيق النمو المستدام

كما تعد مشاركة الجزائر في “باتيماتيك 2025”  بمثابة منصة مثالية لتأكيد التزامها بتحقيق السيادة الاقتصادية في قطاعات حيوية، وفي مقدمتها قطاع البناء. فالمعرض لم يعد مجرد تظاهرة تجارية، بل هو منصة استراتيجية تجمع بين الشركات الوطنية والدولية لمناقشة حلول البناء المستدامة وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي في الجزائر. وأدى إقبال المؤسسات الوطنية على المعرض إلى فتح أفق أوسع للمشاريع المشتركة بين الشركات الجزائرية والدولية، مما يعزز الشراكات الاستراتيجية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدة العمل في القطاعات الإنتاجية الأساسية. هذه الشراكات لا تقتصر على التبادل التجاري فحسب، بل تمتد إلى تبادل الخبرات التكنولوجية والفنية، وهو ما يساهم في تحقيق التنوع الصناعي ويجعل الجزائر في قلب الابتكار في مجال البناء.

 

السيادة الاقتصادية من خلال البناء: محرك للنمو الوطني

ويعد قطاع البناء من القطاعات ذات الأثر الكبير في الاقتصاد الوطني الجزائري، سواء على صعيد الاستثمار في البنية التحتية أو على صعيد خلق فرص العمل. ومن خلال التوجهات الحكومية الحالية، يتم التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم المؤسسات الجزائرية التي تعمل على تحقيق هذا التوجه الاستراتيجي. “باتيماتيك 2025” هو تجسيد فعلي للخطط الوطنية في مجال تعزيز السيادة الاقتصادية، وفتح آفاق جديدة للمؤسسات المحلية، التي أصبحت قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلي، والتوسع إلى الأسواق الدولية. وهذا يساهم في خلق العديد من الفرص الاستثمارية، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، ويخلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي الذي يساهم بدوره في تحقيق التنمية المستدامة. ومن خلاله، تؤكد الجزائر التزامها الراسخ بتحقيق السيادة في القطاعات الحيوية، وجعل قطاع البناء رافعة اقتصادية بديلة تسهم في خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، مما ينسجم مع الرؤية الوطنية الجديدة لتعزيز الاستثمار وتنويع الاقتصاد.

إيمان عبروس