بأقلام حرة… رفقا بالصغار يا آباء وأمهات الجزائر

elmaouid

كثيرة هي نعم الله على عبده، لو عدّها فلن يستطيع حصرها بعدد معين، ومن هذه النعم أن رزقه الله بصغار يشبّون على الخلق الحميد والنفس النبيلة الراقية.

أصبحت التربية وأهميتها حديث الساعة لحاجة المجتمعات للسير قدما للأمام، فنتساءل هنا كيف يربي آباء الألفية الجديدة صغارهم؟ هل يتبعون في ذلك التربية التقليدية؟ أم أنهم يسعون لتجاوزها وبناء تربية معاصرة تتماشى وعقلية الصغار الجديدة الرافضة لتطبيق نصائح وتوجيهات الكبار؟

لابد من الحديث أولا عن التربية التقليدية التي انتهجتها الأسر العربية جميعها بما فيها الأسر الجزائرية، ولن ننتقد هذه التربية كلها لأنها في الأغلب كانت حسب وجهة نظرنا تربية بنت أجيالا ذات خلق ومبادئ، ولكن ننتقدها في جانب مهم هو اللجوء للضرب، فكم من أم وأب كانا يستخدمان أي وسيلة لضرب الصغار إما بسبب أو دون سبب، ونحن هنا لا ندعو لرفض الضرب رفضا قاطعا، بل ندعو لتوظيفه في الوقت المناسب وبشكل غير مؤذ أبدا.

وتوارث آباء الألفية الجديدة هذا الموروث الضربي إن استطعنا القول ليكون ثقافتهم الأساسية على الرغم من أن الأغلبية منهم لهم مستوى تعليمي يتراوح بين الممتاز والمتوسط، هذا المستوى الذي من شأنه أن يكون له مردود إيجابي من أهم ثماره أن تكون تربية الصغار تربية أرضيتها الحوار الهادئ، وهنا لا بد من التوضيح نحن لا نسعى لتعميم الحالة ولكن نرصد صورتها الغالبة المتواترة في مجتمعنا الجزائري، لنقف عند ثقافة يتبناها هؤلاء الآباء، إنه اللجوء للضرب بأشكاله عندما لا يعجبهم سلوك صغارهم أو ردا على نتائج دون المستوى قد يتحصل عليها هؤلاء الأولاد، أو لنشاطهم الحركي الزائد.

والملاحظ أن الجزائريين وإن زعموا أنهم تجاوزوا التربية التقليدية في عدم اللجوء للضرب في تعاملهم السلوكي مع صغارهم، إلا أنهم يميلون للتربية التقليدية في جانبها هذا، بل يكيلون لهؤلاء الصغار ما لذ وطاب من السب والشتم يصل للعن أصول هؤلاء الصغار، وهم في هذا يعتقدون أنهم يوجهون أبناءهم للطريق السليم وأنهم متحكمون فيهم لأبعد الحدود، قد يقول قائل: سبب لجوء الجزائريين لتعنيف صغارهم ضغوط الحياة كقلة ذات اليد والغلاء المستمر وغيرها من الأسباب.

أتفق في هذا بأن لضغوط الحياة تأثيرا كبيرا جدا في تربية الصغار وتقويم سلوكهم والسعي لإبعادهم عن الانحراف وأشكاله المتنوعة الخطيرة، لكن مهما كان الأمر فيجب الوعي بقيمة التربية وأهميتها، وإذا لم يقم هذا الوعي أو لم يعرف استمرارية فلنترحم على صغارنا من الآن، إننا في مواجهة صعبة وخطيرة لمتقلبات الحياة، لذا لا بد من السعي لبناء جيل واع مثقف له دوره في بناء مجتمعه، وهذا لن يكون إلا بتربيته تربية سليمة تتضافر في ذلك جهود مؤسسات عديدة أهمها الأسرة والمدرسة والجامعة، لذا يجب ألا يتهرب أي طرف في أداء دوره المنوط به، فبالاتحاد الجماعي تتحقق للصغار صورة مشرقة وبهية لمستقبلهم يتعلقون بها تعلقا كبيرا.

لا نترك إذن لهذه الضغوط مساحة أكبر في تربيتنا لصغارنا، بل بالتحدي سنبني شخصياتهم شرط أن تكون هذه التربية بعيدة عن الضرب وركل الطفل يوميا بالسب والشتم فلا طائل من ذلك أبدا.