انتبه ! إن الصاحب ساحب

انتبه ! إن الصاحب ساحب

 

يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز ” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ” الكهف: 28. ففي هذه الآية الكريمة يأمر اللهُ جل وعلا نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، والخطابُ في هذا للأمة جميعًا بالحرص على مصاحبة الصالحين، ومجالسة الأخيار والفضلاء، وحثِّ النفس وأطرها على ذلك؛ لأن النفس بما جبلت عليه قد تذهب إلى مجالسة غير الأخيار، وقد تتساهل بمجالسة من فيهم من الشر والضرر ما الله به عليم، ولذا قال جل وعلا ” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ “. وصف الله جل وعلا بصفة كريمة تُميِّز الأخيار والصالحين عن الفُجَّار، وهي ذكر الله جل وعلا وملازمته ” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ”، فهم ملازمون لذكر الله جل وعلا طرفي الليل والنهار، وفي كل أحوالهم. وهذه أمارةُ صلاحهم واستقامتهم.

ولذلك قلَّ أنْ تجد أحدًا محافظًا على طاعة الله، إلا وكان الذكر شعارًا له، فهو لا يَدَع مناسبة ولا مجلسًا ولا ذهابًا ولا إيابًا، إلا وهو ملازم لذكر الله سبحانه. فينبغي أنْ لا يطيع الإنسانُ من أُغْفِل قلبه كذلك عن ذكر الله جل وعلا، ومن مقدم هذا الأمر ألا يتصف هو به، ولا يجالس مَن اتصف بها ” وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا “. فاحذر يا عبد الله أن تكون على هذا الوصف، قد أُغْفِل قلبك عن ذكر الله جل وعلا، وهذا القلب شديد التأثُّر بما يكون من الأحوال من الطاعة التي تزيد في إيمانه، ويترقَّى في معارج العبودية، حتى يبلغ درجات عليا في الإيمان، ويبلغ منزلة الإحسان، ويكون عند الله جل وعلا بالمنزلة العظمى والمكانة السامية؛ حتى يكون وليًّا من أولياء الله جل وعلا ” أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ” يونس: 62.