* ما يحدث منذ أزيد من 50 يوما على أرض فلسطين، يُفقد هذا اليوم معناه ومصداقيته
ظلت فلسطين جرحا غائرا في صدر الأمة العربية والإسلامية لسنوات طويلة، وظل شعبها مثالا حيا للكفاح والنضال على طول السنين، ومع ذلك لم يجد العالم ما يقدمه لها سوى تخصيص يوم عالمي للتضامن مع شعبها الصامد الذي واجه ويواجه المحتل الإسرائيلي لوحده، فيما يشاهد الجميع ذلك من خلف الشاشات.وقف الشعب الفلسطيني لوحده في مواجهة جيش دولة الاحتلال، فمنذ السابع أكتوبر الماضي ومع بداية عملية “طوفان الأقصى” لم يدخر المحتل الإسرائيلي أي جهد في قصف وإبادة الفلسطينيين في قطاع غزة، فلم تسلم منه المنازل والمدارس وحتى المستشفيات وكل هذا على مرأى دول العالم، فكيف يمكن لنا الحديث اليوم عن التضامن مع هذا الشعب الذي يعاني من الاحتلال في زمن تتمتع فيه باقي الدول العربية بالاستقلال، وتدّعي فيه الدول الغربية أنها تحمي الديمقراطية وتدافع عن الإنسانية.
تاريخ الاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني

يجري الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بتاريخ 29 نوفمبر منذ عام 1979. وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني، إذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نفس هذا التاريخ في عام 1947، قرار تقسيم فلسطين، الذي بات يُعرف باسم خطة تقسيم فلسطين أو قرار رقم 181 (د-2)، ويقضي بإنشاء دولتين على أرض فلسطين، دولة عربية وأخرى يهودية.
ويقدّم اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الفرصةً لجلب انتباه المجتمع الدولي على حقيقة أن القضية الفلسطينية ما تزال عالقة حتى يومنا هذا، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه، إلا أن ما يحدث منذ أزيد من خمسين يوما على أرض فلسطين، يُفقد هذا اليوم معناه ومصداقيته.
شعوب تخالف حكوماتها

فيما اكتفى رؤساء دول العالم بالتنديد والتعبير عن انزعاجهم مما يحدث في غزة من تقتيل وتهجير، خرجت شعوب هذه الدول في مظاهرات بمدن عربية وعالمية تندد بالحرب الإسرائيلية على غزة في محاولة الضغط على حكوماتها للتدخل لوقف العدوان، وتواصلت المظاهرات والوقفات في مدن عربية وعالمية تنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة طيلة فترة الحرب وبداية الهدنة التي اتفق عليها الطرفان.
حيث تواصلت المظاهرات في أنحاء دول العالم، رفضًا للإجرام الصهيوني في غزة، والتي أدت إلى تسجيل أكثر من 40 ألف شهيد وجريح ومفقود، معظمهم من النساء والأطفال، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ففي العاصمة الهولندية أمستردام تظاهر نشطاء في مطار سيخبول.. مطالبين بإيقاف التعاون العسكري بين دولتهم وحكومة الكيان الصهيوني الغاصب.
وشهدت مدينة مالمو السويدية وقفة تضامنية نصرة لفلسطين، وفي العاصمة الدانماركية كوبنهاغن، خرجت مظاهرة حاشدة لنصرة غزة وفلسطين بتنظيم جمعيات دانماركية وبالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية.
وفي العاصمة البلجيكية بروكسل، عقد المجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية مؤتمرا صحفيا تحت عنوان “التداعيات السياسية والقانونية والإنسانية للموقف الأوروبي تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة”.
وانعقد المؤتمر في نادي الصحافة بالقرب من مقر المفوضية الأوروبية بمشاركة برلمانيين أوروبيين وساسة وقانونيين وحقوقيين وأهالي الضحايا.
ونظم الآلاف من الأتراك مظاهرة تحت عنوان “مسيرة فلسطين الكبرى” في اسطنبول داعمة لفلسطين، ومنددة بالقصف الإسرائيلي الذي يشهده قطاع غزة.
وشارك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في المظاهرة وألقى كلمة في مطار أتاتورك، أكد فيها أن وقفة اليوم جاءت من أجل المظلومين في قطاع غزة، قائلًا: “كما فتحنا أبوابنا لإخواننا سابقًا ووقفنا مع كل مظلوم، اليوم نقف هنا من أجل المظلومين في غزة”.
وفي باريس، خرج المتظاهرون تنديدًا بالعدوان على غزة، رافعين لافتات كتب عليها “لقد أغلقوا الأنترنت ولكن ليس قلوبنا.. أوقفوا الحرب”.
وشارك آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في المظاهرة بوسط لندن لمطالبة الحكومة البريطانية بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، بعد أن وسع الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية والبرية على قطاع غزة .
وفي أندونيسيا خرج أكثر من 3000 متظاهر إلى السفارة الأمريكية وسط مدينة جاكرتا، للمطالبة بإنهاء الحرب والقصف على قطاع غزة، ورفع المتظاهرون الأعلام الأندونيسية والفلسطينية.
الجزائر دولة وشعبا مع فلسطين

شهدت الجزائر مسيرات شعبية حاشدة دعما للشعب الفلسطيني ورفضا للمجازر التي يتعرض لها من قبل الاحتلال الصهيوني، وجاءت هذه المسيرات تعزيزا لموقف الجزائر الثابت، دولة وشعبا في دعمها للقضية الفلسطينية العادلة.
وكانت عدة أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني، قد دعت في “نداء لنصرة فلسطين”، الشعب الجزائري بجميع فئاته إلى الخروج في مسيرات شعبية، عبر كل ولايات الوطن، “دعما ومناصرة للشعب الفلسطيني في مقاومته والدفاع عن المقدسات ورفضا لحرب الإبادة الجماعية والتهجير والمجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاشم”.
وتلبية للنداء، خرج الملايين من الجزائريين عبر ربوع الوطن في مسيرات حاشدة رفعت من خلالها الأعلام الفلسطينية ولافتات وشعارات تضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة وباقي الأراضي المحتلة.
وندد المتظاهرون بالعدوان الصهيوني الغاشم، والحصار اللاإنساني على الأبرياء في قطاع غزة، كما رفعوا لافتات تندد بسياسة التطبيع مع الكيان المجرم.
ومن بين الشعارات التي حملها الجزائريون في المظاهرات وكتبت باللغة العربية والإنجليزية من أجل ايصال صوت الشعب إلى العالم، “الجزائر ستبقى مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، “فلسطين حرة”، “لن نخون قضية فلسطين”، “القدس عاصمة فلسطين الأبدية”، “أنقذوا فلسطين”، “أوقفوا إبادة الأبرياء”، “لبيك يا أقصى”، “كلنا فلسطين، كلنا غزة”، “لا للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة”، وغيرها من الشعارات.
من جهتها، جدّدت الأحزاب الجزائرية، الغاشمة بقطاع غزة، داعيةً المجتمع الدولي وكافة أحرار العالم إلى ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية في حماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة.
وبعد “طوفان الأقصى” الذي يعد “رد طبيعي” على هذه الانتهاكات والاقتحامات، دعت الأحزاب الجزائرية في بيانها “الدول العربية والإسلامية وكل الأحرار في العالم إلى ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية في حماية المقاومة الفلسطينية ودعمها لأجل استرجاع الحق الفلسطيني الضائع” وكذا حق الأمة في تحرير المقدسات وعلى رأسها “المسجد الأقصى”. داعيةً المجتمع الدولي إلى “تحمّل مسؤولياته كاملة” تجاه ما يحدث في فلسطين المحتلة
لمياء. ب