اليقين في الله

اليقين في الله

إن اليقين من شُعَب الإيمان العظيمة التي ينبغي تدريب القلب عليها بعلْمٍ راسخٍ، وقد أمرنا سبحانه أن نعبُدَه حتى يأتيَنا اليقين، وألَّا نميل إلى من أُصيبوا بالشكِّ وقلَّة اليقين بربِّهم السميع المتين؛ حيث قال عز من قائل: ” فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ” الحجر: 98، 99، وقال أيضًا: ” فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ” الروم: 60. إن أصحاب اليقين المتَّقين فعلًا هم الذين يؤمنون حقَّ الإيمان بأنه سبحانه هو راعيهم ومُدبِّر شؤونهم، وإن أصابهم مكروهٌ علِموا أنه ابتلاءٌ واختبارٌ لهم منه سبحانه؛ فصبروا واحتسبوا الأجْرَ عليه إلى يوم القيامة، قال جل وعلا: ” الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” البقرة: 3 – 5. فمسألة اليقين هذه تحتاج إلى نظرة تأمُّلٍ وتفاعُلٍ مع الذات، ولاسيَّما تعلُّمها والعمل بها دون ريبةٍ ولا شكٍّ، لا من الشيطان ولا من وساوس النفس، قال السعدي رحمه الله: “اليقين: هو العلمُ التامُّ الذي ليس فيه أدنى شكٍّ، الموجب للعمل”، وقال ابن القيم رحمه الله: “لا يتمُّ صلاح العبد في الدارين إلَّا باليقين والعافية؛ فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه”، وعنه أيضًا رحمه الله قال:” اليقين من الإيمان بمنزلة الرُّوح من الجسد، وبه تفاضَلَ العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمَّر العاملون، وهو مع المحبة ركنانِ للإيمان، وعليهما ينبني، وبهما قِوامُه، وهما يُمدَّان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدُر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوَّتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يُثمران كلَّ عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم”.

 

من موقع وزارة الشؤون الدينية