إن الخوف الشديد من وباء كورونا قد يتحول مع مرور الأيام إلى مرض قلبي “نفسي” يعذِّب صاحبه، يقول الدكتور رشاد علي عبد العزيز موسى أستاذ الصحة النفسية: يعتبر القلق أساس جميع الأمراض النفسية. إن آثار وباء كورونا النفسية تؤثر على من أُصيب بها، عاجلًا أو آجلًا، إن لم تتدارك بالعلاج، وهذه خمسة حصون تعين على الوقاية منها ومقاومتها، أسأل الله أن ينفع بها:
الحصن الأول: الإيمان: الإيمان هو: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، بزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وله أركان ستة جاءت في حديث جبريل عليه السلام، عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال: “أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم والآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره” متفق عليه. هذا الإيمان مَن حقَّقه، وجاء بأركانه، فإن قلبه يطمئن، وصدره ينشرح، ونفسه تسكن، وقلقه يزول، وحزنه ينجلي، وخوفه يذهب.
الحصن الثاني: الصلاة المطمئنة الخاشعة: قال الله عز وجل ” إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ” المعارج:19-22، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى. أخرجه أبو داود. إن أثر الصلاة في علاج القلق يفوق الأثر الذي يحدثه أسلوب العلاج النفسي، فالصلاة زيادة على أنها تحرِّر الإنسان من القلق، فإنها تُمده بطاقة روحية تجدِّد فيه الأمل، وتقوِّي عزيمته وإرادته.
الحصن الثالث: كثرة ذكر الله عز وجل: كثرة ذكر الله عز وجل تطرد الشياطين، فتذهب عند ذاك الهموم، وتنجلي المخاوف، ويزول القلق، قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه النافع المفيد “الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب”: وفي الذكر أكثر من مائة فائدة، وذكر منها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب، وأنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، وأنه يقوِّي القلب والبدن.
الحصن الرابع: التوبة من جميع الذنوب والمعاصي: للذنوب والمعاصي آثارٌ على العبد في دنياه وآخرته، منها في دنياه: ما يصيبه من قلق وخوف، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن عقوباتها ما يلقيه الله سبحانه من الرعب والخوف في قلب العاصي، فلا تراه إلا خائفًا مرعوبًا، فلا تجد العاصي إلا وقلبه كأنه بين جناحي طائر، ومن وفَّقه الله وأعانه وتجنَّب المعاصي والآثام، زال عنه ذلك الخوف والحزن، فالتوبة فيها راحة مما يقلق النفس.
الحصن الخامس: الاشتغال بعمل من الأعمال: قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب: الاشتغال بعمل من الأعمال، أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه، وربما نَسِيَ بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم، والغم، ففرِحت نفسه، وازداد نشاطه. اللهم احفظنا وجميع المسلمين من كل مكروه ووباء، وارفع عنا ما وقع بنا، إنك سميع الدعاء.