بالصور.. الوزير الأول يشرف على افتتاح "سيلا 2025"

ملتقى الثقافات ينطلق من الجزائر

ملتقى الثقافات ينطلق من الجزائر
  • موريتانيا ضيف شرف.. حضور يعيد وصل الذاكرة الثقافية

  • أرقام قياسية وبرنامج دولي يعزّزان مكانة الصالون

  • فعاليات فكرية وندوات تجمع نخبة المبدعين من العالم

أشرف الوزير الأول سيفي غريب، الأربعاء، على افتتاح الطبعة الثامنة والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب “سيلا 2025” بقصر المعارض بالصنوبر البحري، بحضور أعضاء من الحكومة وإطارات سامية في الدولة وممثلي عدة مؤسسات وهيئات وطنية، بالإضافة إلى وزير الثقافة والفنون والاتصال الموريتاني، في انطلاقة تؤكد مكانة الجزائر كعاصمة للكتاب وفضاء للتلاقي الثقافي، وتفتتح دورة جديدة تحت شعار “الكتاب ملتقى الثقافات” بمشاركة واسعة تمثل امتدادا للدور المتنامي للبلاد في المشهد الثقافي العربي والإفريقي.

جاء افتتاح الطبعة الثامنة والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب في أجواء رسمية تؤكد أهمية هذا الموعد الثقافي في الأجندة الوطنية، حيث تولّى الوزير الأول سيفي غريب الإشراف على الانطلاقة من قصر المعارض بالصنوبر البحري، في إشارة واضحة إلى حجم الرهان الذي تضعه الدولة على تعزيز حضور الكتاب في المشهد العام وترسيخ دور الثقافة في مشروع الجزائر الجديدة. هذا الافتتاح يعكس أيضًا الثقة التي توليها السلطات لهذا الحدث الذي أصبح محطة سنوية تجمع مختلف الفاعلين في الصناعة الثقافية. وشهدت مراسم الافتتاح حضورًا نوعيًا لعدد من المسؤولين، يتقدّمهم وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتاني، إلى جانب مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالمديرية العامة للاتصال وأعضاء من الحكومة، ما منح التظاهرة بُعدًا دبلوماسيًا يعكس تلاقي الثقافة مع العمل المؤسساتي. هذا الحضور الرسمي يترجم دعم الدولة لقطاع النشر والكتاب باعتباره رافدًا من روافد التنمية الثقافية. ويمثل حضور الوفد الموريتاني رسالة ثقافية بليغة تؤكد عمق الروابط بين البلدين، كما يمنح الافتتاح طابعًا احتفاليًا يجمع بين الثقافة والدبلوماسية في آن واحد، وهو ما يعزز من رمزية هذه الدورة التي تحمل شعارًا يدعو إلى التواصل والتنوع. فالافتتاح لم يكن مجرد إعلان لبداية الصالون، بل كان حدثًا يعبّر عن إرادة سياسية واضحة في جعل الثقافة محورًا أساسيًا للحوار والانفتاح.

وبهذا الحضور الرفيع، تكتسب الانطلاقة الرسمية لـ“سيلا 2025” دلالات أبعد من كونها مناسبة افتتاحية، لتتحول إلى لحظة ثقافية ودبلوماسية تلتقي فيها الجهات الحكومية والمؤسسات الثقافية والدول الشريكة، ضمن رؤية تسعى إلى تعزيز صورة الجزائر كفضاء جامع للكتاب والمبدعين من مختلف الدول.

 

موريتانيا ضيف شرف.. حضور ثقافي يعكس عمق الروابط

ويمتد الحضور الموريتاني في هذه الدورة، الذي بدا واضحًا منذ لحظة الافتتاح، ليشكّل أحد أبرز محاور “سيلا 2025”، حيث تستقبل الجزائر الجمهوريةَ الإسلامية الموريتانية كضيف شرف لهذه الطبعة، في تكريم يجسد عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع البلدين. ويأتي هذا الاختيار ليضع الثقافة الموريتانية في واجهة المشهد، بوصفها إحدى أبرز التجارب الأدبية في العالم العربي، بما تحمله من إرث شعري وفكري ممتد عبر القرون. وقد سبقت الافتتاحَ الرسمي خطوةٌ دبلوماسية وثقافية مهمة، حيث استقبلت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، مساء الثلاثاء، وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان والناطق باسم الحكومة الحسين ولد مدو، الذي يزور الجزائر للمشاركة في تدشين هذه الدورة. هذا الاستقبال يعكس مستوى التعاون الثقافي القائم بين الجزائر ونواكشوط، ويعطي لمشاركة موريتانيا طابعًا رسميًا يعزز رمزية حضورها كضيف شرف. وتحمل هذه المشاركة الموريتانية أبعادًا متعددة، إذ إنها ليست مشاركة شكلية أو بروتوكولية، بل تمثل دعوة مفتوحة نحو تعميق الحوار الثقافي بين البلدين، وإبراز مكانة موريتانيا كفضاء معرفي يجمع بين الموروث العربي والإفريقي. فالجزائر، باختيارها “بلاد المليون شاعر”، تفتح نافذة جديدة أمام القرّاء والزوار للتعرف على غنى التجربة الأدبية الموريتانية وثراء موروثها الفكري. كما يعكس هذا التكريم رغبة مشتركة في تعزيز التعاون الثقافي جنوب–جنوب، وتوطيد العلاقات بين مؤسسات النشر، والمبدعين، والفاعلين الثقافيين في البلدين. فالحضور الموريتاني في “سيلا 2025” لا ينحصر في جناح عرض أو مشاركة رمزية، بل يأتي ضمن رؤية ثقافية تؤكد أن الحوار بين الجزائر وموريتانيا يتجاوز الجغرافيا ليصل إلى المجال الثقافي بمعانيه الإنسانية والحضارية.

 

سيلا 2025.. دورة بحجم دولي وشعار يعزّز الحوار الثقافي

ومع هذا الحضور الموريتاني البارز، تنفتح أبواب “سيلا 2025” على دورة تُعدّ من بين الأكبر في تاريخ الصالون، إذ تستعد الجزائر لاحتضان فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين من 29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر المقبل بقصر المعارض بالصنوبر البحري، تحت شعار يختصر الرؤية ويهدي ملامح الحدث: “الكتاب ملتقى الثقافات”. فمن خلال هذا الشعار، تؤكد الجزائر رغبتها في ترسيخ دور الكتاب كجسر للتواصل بين الشعوب، وتعزيز حضورها كعاصمة للثقافة والحوار في المنطقة. ويظهر البعد الدولي لهذه الدورة من خلال المشاركة الواسعة لـ1255 عارضًا من 49 دولة، موزعين على فضاءات تمتدّ على 23 ألف متر مربع، في رقم غير مسبوق يعكس المكانة التي بات يحتلها الصالون على خارطة التظاهرات الثقافية العربية والإفريقية. هذا التنوع الجغرافي يمنح الحدث ثراءً خاصًا، ويحوّل أجنحة العرض إلى فسيفساء ثقافية تُقدّم تجارب فكرية وأدبية من مختلف القارات. وتسعى الجزائر، عبر هذه الدورة، إلى إبراز مكانتها كملتقى ثقافي عالمي، يزاوج بين الانفتاح على العالم وترسيخ الهويّة الوطنية، ضمن رؤية تُعطي للكتاب دورًا محوريًا في الدبلوماسية الناعمة. ومن خلال هذا الحدث، تواصل البلاد تأكيد حضورها على المستوى الثقافي، بما يعزز مكانتها الإقليمية والعالمية كعاصمة للكتاب والفكر والإبداع. كما تُجسد هذه الدورة رؤية وطنية تسعى إلى جعل “سيلا” مساحة للقاء والحوار، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى جسور ثقافية تردم المسافات وتوحّد الشعوب عبر المعرفة. وبذلك يتحوّل الصالون من معرض للكتب إلى منصة دولية تلتقي فيها الثقافات وتتقاطع فيها التجارب، ضمن حدث يواصل ترسيخ صورة الجزائر كفضاء ثقافي مفتوح على العالم.

 

شعار الدورة.. رؤية ثقافية لمواجهة العزلة وصناعة الجسور

وانطلاقًا من هذا الحضور الدولي المتنوع، يتعمّق مضمون الطبعة الجديدة عبر شعارها “الكتاب ملتقى الثقافات”، الذي لم يُطرح كشعار احتفالي بقدر ما جاء ليعبّر عن مشروع ثقافي تسعى الجزائر إلى ترسيخه. فالدورة تحمل رؤية تؤكد أن الكتاب ما يزال أداة فعّالة لبناء الجسور بين الشعوب، وأن الحاجة إلى الحوار الثقافي تتعاظم في عالم يميل نحو العزلة والقطيعة. بهذا المعنى، يصبح الشعار مدخلاً لفهم الروح العامة للحدث، وروح الجزائر التي تريد للثقافة أن تكون لغة للتواصل ومواجهة للتطرف. وقد أوضح محافظ الصالون محمد أقرب، خلال ندوة صحفية بالمكتبة الوطنية، أن اختيار الشعار يعكس “رغبة الجزائر في جعل الكتاب أداة للدبلوماسية الثقافية ومجالاً لمواجهة التمييز والكراهية”. هذا التصريح يترجم البعد الإنساني الذي تحمله الدورة، ويُعيد الاعتبار للثقافة باعتبارها لغةً عالمية تتجاوز الحدود وتفتح آفاقًا جديدة للمشترك الإنساني، في زمن يتطلب أدوات ناعمة لتعزيز التفاهم بين الشعوب. ويمتد هذا التوجّه إلى البرنامج الفكري والفني المصاحب للصالون، والذي يضم ملتقيات وندوات حوارية تجمع نخبة من المفكرين والباحثين من الجزائر والخارج. ومن أبرز هذه المحطات الملتقى الدولي حول إسهام الجزائر في الحضارة الإنسانية، المبرمج في الرابع من نوفمبر، بمشاركة مفكرين من مختلف القارات. هذه التظاهرة لا تُضيف فقط بعدًا معرفيًا للصالون، بل تعيد طرح سؤال الدور الحضاري للثقافة الجزائرية وعلاقتها بالعالم. كما ينعكس هذا الفهم الموسّع لدور الكتاب على طبيعة الأنشطة المصاحبة، التي تجمع بين الأدب والفكر والفن، وتتيح للزائر فضاءً يتجاوز العرض التقليدي إلى الحوار والتفاعل. وبذلك تكتمل ملامح الشعار في سياق عملي، يجعل من “سيلا” حدثًا جامعًا يكرّس التعدد والانفتاح، ويواصل ترسيخ مكانته كواحد من أبرز المواعيد الثقافية في العالم العربي والإفريقي.

 

أرقام قياسية وبرنامج متنوع يعزّزان مكانة الصالون

ومع هذا الزخم الفكري الذي يمنحه الشعار وبرنامجه الموازي، تكشف الأرقام الرسمية عن حجم غير مسبوق لهذه الدورة، حيث أكد محافظ الصالون محمد أقرب أن المساحة المخصّصة للعرض بلغت 23 ألف متر مربع، تضم 1255 عارضًا من 49 دولة متوزعين على 555 جناحًا، مع توقعات باستقبال نحو خمسة ملايين زائر طوال أيام التظاهرة. هذه المؤشرات تعكس التحول الكبير الذي يشهده “سيلا”، الذي يتجاوز اليوم كونه موعدًا سنويًا ليصبح منصة كبرى للتواصل الثقافي العربي والإفريقي والدولي. ويمثل هذا الحجم التنظيمي ترجمة عملية لما بات يُعرف بالدبلوماسية الثقافية الجزائرية، فتنوع المشاركات ودور النشر يفتح المجال أمام تبادل الخبرات وتوسيع الشبكات المهنية بين الناشرين والكتّاب والقراء. كما يُبرز قدرة الجزائر على جمع هذا العدد الهائل من العارضين، بما يجعلها وجهة ثقافية تستقطب دولًا من مختلف القارات، وترسخ حضورها في خارطة الفعاليات الثقافية الكبرى. ومن المنتظر أن تحتضن هذه الدورة نحو 250 كاتبًا من الجزائر وخارجها في جلسات توقيع ولقاءات فكرية ستتناول التحولات الراهنة في عالم النشر ودور القراءة في زمن الرقمنة. ولا يغفل الصالون فئة الأطفال، إذ خصص لهم فضاءً يمتد على 600 متر مربع بهدف غرس حب الكتاب لدى الأجيال الجديدة وإدماجهم في الفعل الثقافي الوطني، في خطوة تعكس وعي المنظمين بدور التربية القرائية في بناء مجتمع المعرفة. كما أدرج الصالون في برنامجه جوائز لأفضل جناح وللكتّاب الشباب، في مبادرة تعزز روح المنافسة وتشجع الإبداع الأدبي. وتحوّل هذه الجوائز الصالون إلى فضاء يُحتفى فيه بالمبدعين، ويُمنح فيه الاعتراف لتجارب جديدة تسهم في تجديد المشهد الأدبي. ومع هذا التنوع في الفعاليات والأنشطة، تترسخ مكانة “سيلا” كحدث ثقافي متكامل يجمع بين العرض والتفاعل، ويعكس صورة الجزائر كعاصمة ثقافية مفتوحة على العالم. وبهذا التنوع في الحضور والبرمجة والأرقام، تتشكل صورة شاملة لدورة تبدو أكبر من مجرد تظاهرة ثقافية سنوية، إذ يقدّم “سيلا 2025” نفسه كمساحة حقيقية للحوار والتلاقي والدبلوماسية الناعمة، تجمع بين بلد يحتفي بكتابه وهويته، وضيف شرف يحمل إرثًا شعريًا وحضاريًا عريقًا. ومن خلال توسيع فضاءات المشاركة الدولية، وبرمجة ملتقيات فكرية وإنسانية، وتكريس التعاون العربي والإفريقي، تواصل الجزائر ترسيخ مكانتها كعاصمة للكتاب وملتقى للمبدعين، في رؤية تجعل من الثقافة أحد أهم جسور التواصل وصناعة المستقبل.