الوزيرة السابقة، المجاهدة الكاتبة زهور ونيسي في حوار مع “الموعد اليومي”: كفانا تشاؤما.. الجزائر بخير

الوزيرة السابقة، المجاهدة الكاتبة زهور ونيسي في حوار مع “الموعد اليومي”: كفانا تشاؤما.. الجزائر بخير

* الآخرون يُظهرون الجانب الإيجابي لظروفهم ونحن لا نُظهر سوى السلبي

* قد تكون هناك إصدارات جديدة لزهور ونيسي تتحدث عن الحراك الشعبي

 

رغم اعترافها بتقدمها في السن، إلا أن الوزيرة السابقة، المجاهدة الكاتبة زهور ونيسي لا تزال تحتفظ بجزء من شبابها تترجمه بطريقتها الخاصة على شكل إصدارات أدبية، آخرها كان كتاب “منمنمات للحب والوطن” جعلها تلتقي مرة أخرى بجمهورها الذي أهدته بيعا بالتوقيع في الطبعة الـ24 للصالون الدولي للكتاب بقصر المعارض..

 

زهور ونيسي شخصية غنية عن التعريف، حدثينا مباشرة عن مولودك الجديد “منمنمات للحب والوطن”؟

بداية أقول إن الكتابة في حد ذاتها وأنا في هذا السن هي فن للتفكير والحوار مع الذات ومع الآخر، لذلك أنا استعملت جملة في هذا الكتاب للكاتبة الكبيرة فضيلة الفاروق قالتها سنوات الارهاب “نبقى حتى لا نموت”، المقصود ليس الموت المادي وإنما الموت المعنوي، لهذا فإن هذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة كبيرة من الشهادات التي لا تستحق الاهمال، شهادات من كتّاب وكاتبات كبار، كما يحمل هذا الكتاب أيضا مجموعة من المحاضرات التي قدمتها داخل وخارج الوطن فضلا عن مجموعة من القصائد التي لم تنشر كديوان، ببساطة هي منمنمات من هنا وهناك تستحق أن تُقرأ وتبقى حية في أذهاننا كونها تحتوي على دروس وعِبر كثيرة.

 

كيف تقيّمين الطبعة الـ24 للصالون الدولي للكتاب، خاصة وأن كلاما كثيرا قيل مؤخرا عن ضرورة مراجعة تسييره وتنظيمه؟

المفروض أنه بعد كل طبعة يكون تقييم دقيق من جميع الجوانب، تقييم من الجانب الإداري وتقييم من الجانب المعرفي، حتى تقييم من جانب انتقاء الضيوف، وذلك حتى نصحح أخطاء الماضي، الأمر بسيط جدا، المشكل مشكل تفكير.

 

هذه الطبعة أعطت الأولوية للكتّاب الشباب الذين بدورهم يشتكون من غياب دور النشر وشحّ المشهد الثقافي والتهميش الاعلامي، ما هي النصيحة التي توجهينها لهم؟

أنا شخصيا أستقبل شهريا حوالي 15 شابا من الجنسين، يريدون أن يستفيدوا من تجربتنا، ولذلك أنا مطلعة جيدا على أدب الشباب والمستقبل الواعد للكتابة والإبداع بالنسبة لهؤلاء.

 

المتتبع لأعمال زهور ونيسي يجد أن أغلبيتها عبارة عن مجموعات قصصية وروائية تعكس النضال الثوري في الجزائر، هل هو محاولة استذكار لتلك الفترة أم هي ميزة تريد أن تتميز بها زهور ونيسي عن بقية الكتّاب؟

أعتبره نضالا مستمرا، لأن النضال لا يتوقف، المناضل يكون في مرحلة حرب ثم مرحلة اضطراب ثم مرحلة بناء من جديد، كل هذا عبارة عن عملية نضال مستمرة حتى الموت.

بمناسبة حديثنا عن الثورة، هل يمكن أن نرى زهور ونيسي تكتب عن الفترة الحالية والحراك الشعبي الذي يعتبره الكثير ثورة حديثة للإصلاح ومحاربة الفساد؟

أنا أعتبر أن الحراك الحالي هو ثمار كتاباتنا السابقة، ولذلك لا أقول أننا اليوم تكلمنا عن الحراك أو العدالة الاجتماعية أو الديموقراطية وضرورة الاهتمام بالشعب، أنا من الذين رفعوا اللافتات في بداية الاستقلال “الشعب هو البطل الوحيد”، إذا لما رفع شباب اليوم مثل هذه اللافتات في حراكهم لم أعتبره شيئا غريبا أو عجيبا، وبالنسبة لسؤالك نعم، لِمَ لا، إن شاء الله قد تكون هناك إصدارات جديدة لزهور ونيسي تتحدث عن الحراك.

 

لو نتكلم عن الثقافة في الجزائر، كيف ترين مستقبل وواقع هذا القطاع؟

والله أنا لست متشائمة بهذا الواقع، بل بالعكس أنا متفائلة به، هذا العدد الهائل من الشابات والشبان ومطبوعاتهم، دعني أقول لك إن الجزائر بخير، كفانا تشاؤما، في الجزائر هناك ثقافة وهناك كتّاب، نحن دائما متشائمون، الآخرون يظهرون الجانب المضيئ والإيجابي لظروفهم، ونحن عكس ذلك لا نرى إلا الجانب السلبي لظروفنا.

 

وكيف تقيمين أداء القائمين على هذا القطاع وطريقة تسييره في الجزائر؟

وزارة الثقافة هي عبارة عن إدارة، ما يهم هو التفكير في طريقة وضع الأموال في مكانها وتمويل المشاريع التي تستحق.

 

برأيك، ما هي الثقافة التي تحتاجها الجزائر حاليا ويريدها الجزائريون؟

ببساطة هي الثقافة التي تعتمد على الأصالة والحداثة في آن واحد.

 

زهور ونيسي من بين الشخصيات الخادمة للغة العربية، كيف تعلّقين على مكانة هذه اللغة والتدهور الكبير الذي وصلت إليه في المجال العلمي والأدبي وحتى الاعلامي؟

تدهور اللغة العربية مربوط بتدهور شعوبها وسياساتها، الوطن العربي يعيش في محن منذ أكثر من 50 سنة، يعيش في اضطرابات وتناحرات كبيرة سياسية وغيرها، وبالتالي ليس لديه الوقت للاهتمام وتطوير هذه اللغة، نحن في الجزائر لدينا المجلس الأعلى للغة العربية استطاع أن يبرز أحسن من أي بلد عربي بتطوير اللغة العربية وارتقائها ومواكبتها للتقنيات الحديثة، لكن رغم كل ما سبق ذكره، فالخصائص والميزات الموجودة في اللغة العربية تجعلها لغة لن تضمحل أبدا.

 

وكيف ترين التوجه الذي تتبناه الحكومة الحالية في استبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية في الجزائر؟

بطبيعة الحال أنا مع هذا التوجه، ليس لأن الفرنسية هي لغة المستعمر، بل لأن اللغة الإنجليزية هي لغة التكنولوجيات الحديثة اليوم، ولو أني درست اللغة الفرنسية وأجدتها وأنا ابنة العشرين سنة، لكن أنا أدعو أيضا الى التفتح على اللغات الأخرى وتعلمها.

 

زهور ونيسي في الآونة الأخيرة باتت لا تظهر كثيرا إعلاميا، ماذا عن النشاطات العملية التي تقومين بها حالياً؟

أنا أقرأ، والمهمة الوحيدة التي أنا متطوعة فيها هي أنني عضو في المجلس العلمي في وزارة المجاهدين، حيث أضطلع في هذه المهمة بدراسة الكتب الثورية وتنقيحها وتصحيحها.

 

ونحن في شهر نوفمبر.. شهر الثورة بالنسبة للجزائريين، ما هي الرسالة أو النصيحة التي توجهينها إلى الجيل الحالي خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلد؟

أنا ضد الفكر الأبوي، كل جيل هو حر في أفعاله وتصرفاته، أنا لا أفرض آراء وتفكير جيلي على آراء وتفكير جيل آخر جديد، جيلي أصبح قديما، أنا أيضا كنت آخذ ما أريده وأرفض ما لا أريده، لكن كنصيحة يجب ألا تخفى عن شبابنا اليوم هي أنه من يبيع وطنه، فقد باع نفسه.

 

حاورها: مصطفى عمران

 

– منمنمات للحب والوطن.. عبارة عن محاضرات وقصائد وشهادات كتّاب لا تستحق الاهمال

– الحراك الحالي ثمار لكتاباتنا السابقة وخروج الشعب إلى الشارع لا أعتبره شيئا غريبا أو عجيبا

– الجزائر والجزائريون بحاجة إلى الثقافة التي تعتمد على الأصالة والحداثة في آن واحد

–  الوطن العربي يعيش في محن منذ نصف قرن، وبالتالي ليس لديه الوقت للاهتمام وتطوير لغته

–  أنا مع استبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية في الجزائر لأنها لغة التكنولوجيات الحديثة

– أنا لا أفرض آراء وتفكير جيلي على آراء وتفكير جيل آخر جديد لكن كنصيحة لشبابنا اليوم هي من يبيع وطنه، فقد باع نفسه.

 

 

زهور ونيسي… سيرة ذاتية:

ولدت زهور ونيسي سنة 1937 بمدينة قسنطينة، حصلت على شهادة جامعية في الأدب والانسانية والفلسفة، درست علم الاجتماع قبل أن تعمل في تدريس الاعلام.

السيدة “زهور ونيسي” من الوجوه السياسية، وهي أول امرأة جزائرية يعهد إليها بمنصب وزاري، حيث تم تعيينها وزيرة للشؤون الاجتماعية في حكومة “محمد بن أحمد عبد الغني” في جانفي 1982م ثم وزيرة للحماية الاجتماعية في حكومة “عبد الحميد براهيمي” سنة 1984م، فوزيرة للتربية الوطنية في التعديل الوزاري 18 فبراير 1986.

كما شغلت أيضا منصب عضو بالمجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982م، وعضو في مجلس الأمة في ديسمبر 1997م.

 

جانب من أعمال زهور ونيسي الأديبة:

– الرصيف النائم – قصص 1967

– على الشاطئ الآخر-  قصص 1974

– من يوميات مدرسة حرة – رواية 1978

– الظلال الممتدة – مجموعة قصصية 1982

– لونجا والغول- رواية 1996

– عجائز القمر –  قصص 1996

– روسيكادا – قصص 1999

– نقاط مضيئة – مجموعة مقالات 1999

–  جسر للبوح وآخر للحنين – رواية 2007

– دعاء الحمام – (2008) النص اقتبس مسرحيا وعرض بالجلفة

–  منمنمات للحب والوطن 2019