أربعة ملايين مغربي يعيشون تحت خط الفقر
الملك محمد السادس ليس المستثمر الوحيد في مختلف القطاعات داخل البلد وخارجها لحساب العائلة المالكة؛ بل يجاوره على أمتار بعيدة منه، وبفارق كبير عنه، عدد من مستشاريه ممن أغرتهم الأرباح الطائلة التي
تدرّها هذه القطاعات الاستثمارية، ودخلوا شركاء في سوق المال.
واحد من هؤلاء كان ولا زال الأقرب للملك محمد السادس هو منير الماجيدي، السكرتير الشخصي لملك المغرب محمد السادس منذ سنة 2000، والتي أظهرت وثائق بنما التي كشف عنها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، أن ممتلكاته في الملاذات الضريبيّة تضمنت شركتين، ويختًا ضخمًا وشقة فخمة، فيما نفى محاموه وجود أيّ خرق قانوني.
كما كشفت الوثائق عن امتلاك الماجيدي منذ 2006 شركة SMCD المحدودة، ومقرها جزر العذراء البريطانية، قبل أن يشتري قاربًا شراعيًّا فاخرًا باسم الشركة، وتم تصفية هذه الشركة سنة 2013. كما قام الماجيدي باقتراض مبلغ من شركة “موساك فونسيكا” لشراء وترميم فندق في باريس باسم شركة أخرى.وقد لعب الماجيدي دورًا كبيرًا في إدارة المحفظة المالية للأسرة المالكة، فضلًا عن توجيه الاستثمارات المغربية نحو البلدان الأفريقية، لتتحول المملكة إلى ثاني بلد مستثمر في القارة السمراء.
يُضاف إلى ماجد قائمة من مستشاري الملك؛ أبرزهم عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، والذي عيّنه ملك المغرب في عام 2017 في منصبه الوزاري؛ فالرجل يعتبره البعض من أباطرة الأعمال داخل المغرب؛ ممن تجاوزت ثرواتهم مليارين و100 مليون دولار.
ويشغل أخنوش منصب رئيس مجموعة “أكوا” الاقتصادية بالمغرب، المتخصصة في مجال توزيع الطاقة من وقود وغاز، والتي تحتكر الاستثمار في قطاع النفط في المغرب، وتضم نحو 50 شركة متخصصة في توزيع النفط والاتصال والخدمات.
وفي ظلّ هذا التوسّع للنفوذ الماليّ للملك وحاشيته المقرّبة، بلغ عدد قضايا الرشوة في محاكم المغرب نحو 7 آلاف قضية في 2017، بينما أظهر تقرير صادر عن منظمة “الشفافية الدولية” حول مؤشر “إدراك الفساد” عن عام 2017، أن ترتيب المغرب انتقل من المرتبة 90 إلى 81 من أصل 180 دولة شملها التقرير.ويسعى ملك المغرب للتوازن دومًا بين الحفاظ على مملكته الاستثمارية داخل وخارج حدود بلاده، وبين صورته باعتباره حاكمًا للبلاد يُحاسب كُل فاسد، ويوجه تخصيص ثروات البلاد لعموم الشعب ،ويتساءل عن أسباب الفقر ويتضامن مع المغاربة عن غلاء المعيشة، مطالبًا كذلك بالحزم حيال كُل من زواج المال بالسلطة.يظهر ذلك في في إحدى خطبه في (جويلية) 2014، حين ذكر أنه قرأ دراستين للبنك الدولي، في سنتي 2005 و2010 لقياس ثروة حوالي 120 بلدًا، وقد تم تصنيف المغرب في هاتين الدراستين في المراتب الأولى على الصعيد الأفريقي لنمو الثروة. لكنه تساءل مستغربًا “أين هي هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة؟”.وتُشير دراسة أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة استشارية في المغرب)، أن القيمة الإجمالية لثروة المغرب ارتفعت إلى الضعف بين 1999 و2013، وانتقلت من 0.6 إلى أزيد من 1.2 تريليون دولار.
وترسم تساؤلات الملك في خطبه محاولاته الدائمة لتبرئة ساحته ومحيطه من إهدار ثروات الشعب المغربي.هذه الأسئلة التي طرحها الملك من أجل نفي مسؤوليّته عن أوضاع المغرب الاقتصاديّة والاجتماعيّة تُقابلها ارتفاع عدد الفقراء في المغرب لنحو أربعة ملايين مغربي يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم (20 درهمًا تقريبًا بالعملة المحلية)، والانخفاضات المتتالية في فرص الشغل خلال السنوات الأخيرة من 186 ألف وظيفة سنويًا ما بين 2001 و2008 إلى 70 ألف وظيفة فقط في الفترة بين 2008 و2015، وقمع التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت قبل سنوات لتحسين ظروفهم المعيشية.