الوالي يتوعد: السكن الفوضوي والقصدير يستحوذ على أراضي الدولة بعنابة

elmaouid

توعد والي عنابة محمد سلماني بمعاقبة كل مسؤول أو منتخب محلي في حال نهب العقار واستنزاف أراضي أملاك الدولة، قرار الوالي جاء بعد تورط مقاولين ورجال أعمال استعملوا نفوذهم للاستحواذ على العديد من

المحميات الطبيعية وأراضي الدولة، وقد تم اقتسام الأراضي، رغم أن مديرية البناء والتعمير كانت قد سيّجت بعض المحميات والمواقع لحمايتها من بعض التجاوزات الخطيرة ولم يلتزم “البقارة” و”أصحاب الشكارة” بهذه الحدود، بل أقاموا الفيلات وحظائر لعتاد البناء. يحدث هذا في وقت لا تزال التحقيقات الأمنية متواصلة بشأن المناطق ذات النشاط المكثف والمتواجدة في أغلبها ببلديات عنابة والبوني والحجار وبرحال وغيرها.

تعرضت عدة مناطق بعنابة إلى النهب العشوائي لأراضيها بعد أن تم تقسيمها من طرف بعض المقاولين ورجال النفوذ لتحويلها إلى الاستثمار الخاص، بغرض إقامة المشاريع الصناعية وبناء مؤسسات مصغرة خاصة بالصناعة الغذائية، بالرغم أن المنطقة تم تصنيفها ضمن محمية طبيعية تهاجر لها الطيور والتي أصبحت مهددة بالانقراض، الأمر الذي ينذر بكارثة إيكولوجية في حق البيئة.

وقد فتحت مصالح الأمن بعنابة بتعليمة من والي عنابة محمد سلماني تحقيقا معمقا في قضية تأخر إنجاز عدة مشاريع، منها مشروع استثماري مقرر أن يقام على أرضية تقدر مساحتها بـ 200 هكتار مجهزة بمختلف الهياكل الضرورية من قاعة للمعارض

وحظيرة ذات طوابق للسيارات، بالإضافة إلى فندق وإقامة قاعات تجارية للعرض التي تم الإعلان عنها في إطار برنامج مشاريع غرفة التجارة والصناعة التي كانت قد ناقشت المشروع مع الوفد الفرنسي لمدينة دنكارك في إطار التوأمة بين المدينتين، إلا أن الحظيرة التي تم تهيئتها واختيار مؤسسة فرنسية إسبانية مختلطة لمتابعة أشغالها قد تم منحها في عهدة المجلس البلدي السابق لمقاولين لبناء حظيرة عتاد البناء و صناعة أنابيب الخرسانة ومختلف التجهيزات الثقيلة الأخرى.

على صعيد آخر، حذرت مديرية البيئة من هذا التجاوز في تقرير حولته على طاولة الوالي سلماني تفيد بأن هذه المشاريع الصناعية ستقضي على نشاط بعض المحميات الطبيعية وتحولها إلى مناطق جرداء لا تصلح لشيئ، وحسب غرفة الصناعة بعنابة، فإنه تم تحويل ملف مشروع قصر المعارض على طاولة الوالي بعد أن استوفى كافة الإجراءات الإدارية اللازمة، وبقي فقط تمويله لبعث نشاطه واستغلاله لأنه سيوفر نحو 2500 منصب شغل منها مناصب موسمية.

 

سكان البناءات الهشة يحولون أراضي تابعة لأملاك الدولة لأغراضهم الشخصية

تحولت بعض التجمعات السكنية بعنابة وسط وما جاورها التي تم تسييجها من طرف عشرات العائلات التي تقطن البناءات الهشة والقصدير إلى سوق مفتوحة على بيع الأراضي لبعض الوافدين مقابل مبلغ رمزي، حيث وجدت هذه المناطق الفوضوية كأحياء مناسبة للاستقرار والعيش الكريم، وهي القضية التي فجرت الأوضاع الداخلية وأجبرت الجهات الأمنية على طرد هؤلاء من هذه الأراضي التابعة لأملاك الدولة، وقد وجدت العائلات التي استغلت هذه الأراضي الاحتجاج كوسيلة للتعبير عن غضبها مطالبة باسترجاع تلك الأراضي.

وفي هذا السياق، حولت قضايا بعض الأراضي على أروقة العدالة لمتابعة الأشخاص الذين يستعملون النفوذ للسيطرة على أراضي الدولة وإجهاض عشرات المشاريع التي كانت موجهة لبناء مشاريع ذات نشاط تجاري مكثف.

وفي سياق آخر، قامت نحو 400 عائلة تقيم بعدة أحياء بعنابة بتقسيم الوعاء العقاري وتسطير كل قطعة أرضية موجهة للبناء عن طريق إحاطتها بسياج تحضيرا لإقامة سكنات فوضوية عليها، وعند تدخل المصالح الأمنية لمنع هذه المخالفات، وهو ما صعب على مديرية البناء والتعمير وحتى المصالح البلدية لتنفيذ قراراتها، لتتحول الأحياء السالفة الذكر لورشات مقاولاتية واسعة تعمل على إقامة أكبر التجمعات الخاصة بالسكنات الفوضوية والصفيح، في ظل صمت الجهات المعنية التي التزمت موقف المتفرج ولم تحمّل نفسها عناء التنقل بشأن هذه المخالفات التي أدخلت في السنوات السابقة نحو 700 شخص أروقة العدالة، وفقا لقرار الوزارة الوصية التي شددت على ضرورة تطبيق التعليمة القاضية بمعاقبة الأشخاص الذين يعتدون على الأراضي الفلاحية.

وفي سياق متصل، فإنه تم تحرير خلال نهاية سنة 2017 نحو 400 قضية ضد بارونات العقار المتورطة في عملية منح القطع الأرضية بواسطة توفير تراخيص لم يتم التأكد بعد من صحتها يحوز المستفيدون على نسخ منها، بعد أن يسددوا المستحقات المتعلقة بالمساحات الأرضية، ما كان وراء الفوضى والغليان الشعبي، إلى جانب الاشتباكات العنيفة بين قاطني الفيلات والعمارات المحاذية لهذه الأحياء الفوضوية التي تبقى في اتساع كبير خاصة بالبوني وعنابة وسط، وعليه تبقى السكنات الفوضوية تشكل خطرا على الحظيرة السكنية بعنابة.

 

استرجاع 10 هكتارات من الأراضي الفلاحية بين أيدي شخصيات نافذة

تورطت شخصيات نافذة وعدد من المسؤولين بعنابة في استغلال 10 هكتارات من الأراضي بطرق غير شرعية موزعة على أربع بلديات، وحسب التحقيقات الأولية لأمن عنابة التي أفادت بأن هؤلاء المسؤولين باعوا قطعا عقارية تابعة لأملاك الدولة بطرق غير شرعية لشخصيات نافذة حولتها لأغراضها الخاصة وذلك بإقامة الفيلات والمباني الضخمة والتجمعات السياحية، ليضيف التقرير الأمني أن أغلب العقارات كانت موجهة لإنجاز مشاريع سكنية موزعة بين صيغة السكن الريفي واستصلاح أكثر من 40 بالمائة من الأراضي المتبقية لاستحداث وحدات لتربية النحل والمواشي وزراعة الطماطم الصناعية والتبغ، إلى جانب الحبوب الجافة ومشتقاتها، لكن التلاعب بالعقارات حال دون تعزيز استقرار سكان الأرياف بعد توافدهم على البلديات الكبرى وإغراقها في الإجرام والسرقات بعد تجميد نشاط 17 مشروعا كان مفتوحا على النشاطات غير الشرعية.

 

مخططات استثمارية لمواجهة نهب العقار بعنابة

وضعت المصالح الولائية بعنابة مخطط عمل جديد لشغل الأراضي يقترح على القطاع الخاص إقامة مشاريع استثمارية تراعي احتياجات الولاية وتهدف من جهة أخرى إلى حماية العقار من النهب والتلاعبات.

وحسب تقارير المصالح الولائية، فإن 4 بلديات كبرى بعنابة مطالبة بعرض الجيوب الحضرية في إطار مخططات شغل الأراضي على القطاع الخاص لتحويلها إلى مناطق استثمارية، وتقترح على الفاعلين في مختلف القطاعات التنموية المعروفة بالولاية أفكارا حول طبيعة المشاريع الاستثمارية التي ترغب في إقامتها وتتمثل على وجه الخصوص في انجاز نحو 12 مشروعا تنمويا ما زال معطلا. وتأمل الجهات المعنية في أن توفر هذه المشاريع في حال تجسيدها 4 آلاف منصب شغل ومداخيل بحوالي 6 ملايير سنتيم كإيرادات ضريبية.

وعلى صعيد آخر، قررت بلديات البوني وعنابة وسط والحجار اتخاذ الإجراءات الإدارية المناسبة في حق المتقاعسين الذين يرفضون تسديد أجرة كراء المحلات التجارية والسكنية التي يشغلونها والتابعة لأملاك البلدية، قبل أن تقرر الذهاب إلى أروقة العدالة في حالة ما إذا استعصت الحلول الإدارية، علما أن ألفين شخصا قد استجابوا للإعذارات التي وجهتها لهم مصالح البلديات السالفة الذكر في انتظار موقف المتابعين الآخرين.

 

مخطط توجيهي لمواجهة الاستغلال العشوائي للعقار بعنابة

انتهت المصالح الولائية بعنابة من عملية وضع إستراتيجية جديدة، تدخل في إطار تحسين الإطار العمراني، إلى جانب وضع حد للاستغلال العشوائي للعقار في مختلف المجالات، منها الصناعة والفلاحة والسياحة على وجه الخصوص.

وقد أعدت المصالح الولائية بعنابة مخططا توجيهيا للتهيئة العمرانية بالولاية، بنيت معطياته حسب تقارير ذات الجهة، على دراسة دقيقة لإحصاء النقاط السوداء والحد من ظاهرة الاستغلال العشوائي للعقار الصناعي والفلاحي والسياحي، ليتم على ضوء هذه الدراسة بلورة مخطط توجيهي هادف يتضمن عدة محاور بغرض الوصول إلى تحديد المعالم والمساحات الموجهة لتجسيد المشاريع العمرانية الكبرى بالولاية إلى غاية سنة 2030، ومن ثم إنشاء مدينة جديدة، وهي تراهن في ذلك على مستقبل التوسع العمراني وتضييق الخناق على ظاهرة النزوح الريفي.

وفي هذا السياق، تضيف ذات التقارير أن الخطوات المهمة تتمثل في عملية النهب العشوائي للمستثمرات الفلاحية، ما يفسر العمل المشترك لكل القطاعات مع مختلف مصالح المراقبة العامة، كما برمجت في المخطط التوجيهي عدة عمليات تهديم للبناء الفوضوي الذي يستحوذ على نصف المساحة العقارية المتواجد بالبلديات الكبرى لولاية عنابة وهي سيدي عمار، الحجار والبوني، عنابة وسط، خاصة على طول الشريط الساحلي وكذلك على مستوى البلديات النائية منها العلمة والشرفة والتريعات.

وحسب المصالح الولائية بعنابة، فإن الانتشار الواسع للقصدير والأكواخ الفوضوية ساهم في تشويه المنظر العام للمدينة خاصة بعد بناء ألفين كوخ قصديري يحيط بالمعالم الأثرية.

وبلغة الأرقام، سجلت مديرية السكن بعنابة نحو 20 ألف سكن هش خلال سنة 2017، وللتقليص من حجم البناءات الفوضوية، تم الانتهاء من الدراسة الأولية لإعادة بناء خريطة جديدة لمدينة تتوفر على كل المرافق الضرورية، وعليه يبقى المخطط التوجيهي التي أفرجت عنها المصالح الولائية بمثابة حل استعجالي لاسترجاع الهكتارات الموجودة بين أيدي مافيا العقار إلى جانب عقلنة الاستثمار الفعلي للعقارات التي تم استرجاعها.