من أجل التخلص من الذكريات المؤلمة

النوم.. لراحة الجسم والعقل

النوم.. لراحة الجسم والعقل

كشفت دراسة حديثة أن النوم المتقطع يؤثر في قدرة الدماغ على تقييد الذكريات المتطفلة التي يمكن أن تُسهم في حالات القلق والاكتئاب، وحتى اضطراب ما بعد الصدمة.

وكشف المؤلف المشارك في الدراسة ماركوس هارينغتون، وهو محاضر في علم النفس بجامعة إيست أنجليا ومتخصص في النوم والذاكرة والعاطفة والصحة العقلية، موقع «ميديكال نيوز توداي»، أنه وزملاءه أجروا هذه الدراسة؛ لأنهم كانوا حريصين على معرفة المزيد حول سبب صعوبة التغلّب على التجارب المؤلمة لدى بعض الأشخاص أكثر من غيرهم.

تفاصيل الدراسة

في هذه الدراسة، استعان الباحثون بـ85 شخصاً بالغاً يتمتعون بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً -منهم 30 من الذكور والبقية من الإناث- وطلبوا منهم قضاء ليلة واحدة في مختبر النوم. كان على نحو نصف المجموعة (43 مشاركاً) البقاء مستيقظين طوال الليل، في حين حظي الباقون بنوم صحي ليلاً.

ولمعرفة كيف يمكن للنوم أو عدمه أن يؤثر في قدرة الدماغ على قمع الذكريات والأفكار غير المرغوب فيها، طلب الباحثون سابقاً من المشاركين القيام بتمرين: كان عليهم النظر إلى صور الوجوه، بعضها ظهر في سياق مشاهد سلبية، مثل حادث سيارة.

وبعد ليلة من النوم أو اضطرابه، كان على جميع المشاركين إما تذكر المشهد المرتبط بوجه معين وإما قمع ذكرى مشهد مرتبط بشكل سلبي. استخدم الباحثون عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للتحقيق في نشاط دماغ المشاركين في هذا الوقت.

وعندما طُلب من المشاركين تذكر ذكريات غير سارّة، أصبح من الواضح أن المشاركين الذين قضوا ليلة بلا نوم كان لديهم نشاط أقل في منطقة القشرة الجبهية الأمامية الظهرانية اليمنى من الدماغ، التي ترتبط بالتنظيم العاطفي وتثبيط الأفكار المتطفلة. وعلى النقيض من ذلك، كان لدى المشاركين الذين حصلوا على قسط كافٍ من الراحة نشاط أعلى في منطقة الدماغ هذه، ونشاط أقل في الحُصين الذي يرتبط بتذكر الذاكرة.

نتائج الدراسة

وفي الدراسة، أوضح الباحثون أن هذا يشير إلى أن المشاركين الذين حصلوا على قسط كافٍ من الراحة كانوا أكثر قدرة على تقييد الذكريات غير المرغوب فيها، وهي وظيفة تسمى «قمع الذاكرة». وعلى العكس من ذلك، كانت هذه الوظيفة ضعيفة في أدمغة المشاركين الذين قضوا ليلة بلا نوم.

واقترح الباحثون كذلك أن حقيقة أن الحرمان من النوم يبدو أنه يؤثر في القدرة على قمع الذكريات المتطفلة وربما الأفكار المتطفلة الأخرى؛ يمكن أن تكون لها آثار مهمة في اضطرابات المزاج، مثل: الاكتئاب، والقلق، وحالات مثل اضطراب ما بعد الصدمة.

بحوث لمعرفة خبايا فوائد النوم

وحسب الموقع المهتم بالأخبار الطبية، فهناك الكثير من الأبحاث التي تهتم بالطرق التي يساعد بها النوم الجيد ليلاً في دعم وظيفة الذاكرة، وذلك بسبب المخاوف بشأن خطر التدهور المعرفي في السكان المسنين بشكل متزايد، هناك أيضاً أدلة متراكمة على أن الحصول على المزيد من النوم العميق مهم في دعم تكوين ذكريات جديدة، ومع ذلك، يلعب قمع الذاكرة أيضاً دوراً رئيسياً في الصحة، خصوصاً الصحة العقلية.

وأوضح باحثون: “في حياتنا اليومية، غالباً ما نتذكر تجارب الماضي غير السارة. على سبيل المثال، قد يرى شخص ما سيارة حمراء تقود بسرعة كبيرة؛ مما يتسبب في استرجاعه تلقائياً لذكريات حول حادث سيارة كان متورطاً فيه ذات يوم”.

وأضافت الدراسات التي أُجريت في العام الماضي إلى الأدلة المحيطة بالعلاقة بين الصحة العقلية والنوم، إذ وجدت إحدى الدراسات الكبيرة، على سبيل المثال، أن الأشخاص الذين يذهبون إلى الفراش متأخرين، بعد الساعة الواحدة صباحاً، هم أكثر عرضة للإصابة بسوء الصحة العقلية، بما في ذلك حالات مثل الاكتئاب والقلق.

 

تحسين النوم يأخذ وقتاً

وقالت أستاذة النوم والإدراك في جامعة بيشوب جروسيتيست في لينكولن بالمملكة المتحدة، التي لم تشارك في هذا البحث، كارولين هورتون: «نحن نعرف الكثير عن الدور الأساسي الذي يؤديه النوم في تنظيم عواطفنا، وضمان أن تكون استجاباتنا متناسبة مع المحفزات والبيئة، وإبقاء القلق العام تحت السيطرة، والسماح لنا بالتعامل مع مجموعة واسعة من المواقف». وأشارت إلى أن «اضطرابات النوم مرتبطة بكل متلازمة نفسية يمكنك التفكير فيها”.

وأكدت المختصة أن «النوم الجيد هو عادة مدى الحياة، وبالتالي، سيستغرق الأمر بعض الوقت لتعلمه وإتقانه». وبالتالي نصحت بأنه لا ينبغي لنا أن نشعر بالإحباط إذا لم نر نتائج فورية عندما ننطلق لتحسين نومنا.

وأضافت المتحدثة: «من المهم أن ندرك أن النوم الجيد قد لا يظهر في الليلة الأولى، وحتى أفضل الأشخاص الذين ينامون جيداً يعانون أحياناً من ليالٍ سيئة». ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن الخطوة الأولى نحو تحقيق نوم أفضل هي الانتباه إلى روتين نومنا والتخطيط لأوقات نومنا، وفقاً لاحتياجاتنا الفردية، كما نصحت الخبيرة.

ق. م