النهي عن سوء الظن بالناس

النهي عن سوء الظن بالناس

 

لقد نهى الله تعالى عن سوء الظن بأهل الخير من المؤمنين بقوله سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ” الحجرات: 12. فقوله سبحانه: ” اجْتَنِبُوا ” فعل أمر يقتضي الوجوب ولا صارف له، فالله تعالى أمر المؤمنين أن يبتعدوا ابتعاداً تامًّا عن الظنون السيئة بأهل الخير من المؤمنين؛ لأنَّ هذه الظنون السيئة لا تستند إلى دليل أو أَمارةٍ صحيحة، وإنما هي مجرد ظنونٍ وأوهام، تؤدِّي إلى تولُّد الشكوك والمفاسد فيما بينكم. ولنتأمل لفظ: ” كَثِيرًا ” لكي يحتاط المسلم في ظنونه، ويبتعد عمَّا هو محرم منها، ولا يُقدِم إلاَّ على ما هو واجب أو مباح من الظنون. والنبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر من سوء الظن بقوله: “إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ” رواه البخاري ومسلم. وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَرضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: “مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا” رواه ابن ماجه.

ومن مساوئ الظن السيئ: أنه يدفع صاحبه؛ لتتبع عورات المسلمين، والبحث عن زلاَّتهم، والتنقيب عن سقطاتهم، وهو بذلك يُعرِّض نفسه لغضب الله تعالى وعقابه، وقد توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء المرضى بالفضيحة بقوله: “يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ! لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ” رواه أبو داود. وصاحب الظن السيئ هو أشد الناس هلاكاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ؛ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ” رواه مسلم. سوء الظن بالناس له أسباب: فمن أعظم أسبابه: تزكية المرء نفسه، والإعجاب بها، ورؤية أنه خير منهم، فيؤدي ذلك إلى احتقاره لغيره، ويرى نفسه على الصواب وغيره على الباطل، فالعُجب بالنفس يورث سوء الظن بالآخرين. ومن أسباب سوء الظن بالناس: خبث النفس، وضعف العقل، وضعف الإيمان، وتسلط الشيطان على الإنسان، فإنَّ أصحاب العقول الكبيرة والنفوس الطيبة يتركون هذا الخُلق السيئ ويُحسنون الظن بالمسلمين.