داءٌ وَبيل وشرٌّ خطير يُولِّد أعظمَ الشرور، ويُنتِج أشد المفاسد، كم أُدمِيَت به من أفئدة، وقَرَحت من أكباد، وقُطِّعت من أرحام، وقُتِّل من أبرياء، وعُذِّب مظلومون، وطُلِّقَت نساء، وقُذِفَت مُحصَنات، وانتُهِكت أعراض، وتفكَّكَت أُسَر، وهُدِّمت بيوت؛ بل كم قد أُوقِدت به من فتن، وأُثِيرت نعَرات على مستوى الأفراد والأُسَر والبلدان والأقاليم، ففسَدت العلاقات، وساءت الظنون، ولم يدَع مُقترِفُها هذا الداء للصلح موضعًا، ولا للوُدِّ مكانًا. مرضٌ خطيرٌ من أمراض القلوب وآفات اللسان وأدواء المجتمعات، وعصرُنا في إعلامه واتصالاته ومواصلاته ساعَدَ على انتشاره وزاد في آثاره، هل عرفتم هذا الداء ؟ إنه النميمة.. بضاعة إبليس التي عرضها على الناس فاشتروها بثمن بخس. قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم” يئس من الشرك بعدما دخلت العرب في الإسلام لكن لم ييئس من السعي في تفريقهم، والتحريش بينهم، وإذكاء العداوات المريقة للدماء، المفرقة بين الأحبة والأصدقاء. هذه بضاعة إبليس التي راجت في القديم والحديث، ولم يسلم من شرها وضررها تقي ولا فاجر.
النمام صديقُ إبليس الصدوق، وساعده الأيمن، ووكيله المُعتَمد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن إبليس يضع عرشه على الماء ويبعث سراياه فأدناهم منه منزلةً، أعظمهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا. قال: ثم يجيء أحدهُم فيقول ما تركته حتى فرقتُ بينه وبين زوجته فيدنيه منه ويقول نعم أنت. اسم النميمة إنّما يطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى القول فيه. كما تقول: فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا. وبهذا يتضح أنّ النميمة نقل كلام النّاس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد وكشف السر وهتك الستر. ومن أدلة تحريم النميمة: قال الله تعالى: ” هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ” سورة القلم: 11. وقال تعالى: ” مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” سورة قّ: 18. وقال جل وعلا: ” وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ” سورة الهمزة: 1. قيل الهمزة: النمام. ومن الأحاديث الواردة في ذمّ “النميمة”: عن حذيفة رضي اللّه عنه أنّه بلغه أنّ رجلا ينمّ الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول: “لا يدخل الجنّة نمّام” رواه مسلم.
من موقع إسلام واب