تزايد عدد باعة النظارات الشمسية والطبية الذين يفترشون الأرصفة والطرقات، في مشهد يومي متكرر، وتلقى هذه السلع إقبالا واسعا من المواطنين خاصة في فصل الصيف، رغم تحذيرات أطباء العيون والخبراء وجمعيات حماية المستهلك.
يدرك أغلب مستعملي هذه النظارات أنها مقلدة وغير مطابقة للمعايير الصحية، لكن الظهور بـ “لوك جديد” ومختلف يلغي جميع الاعتبارات الأخرى، ورغم التحذيرات التي يطلقها الأخصائيون في كل مناسبة، إلا أن ظاهرة انتشار بيع النظارات الشمسية المقلدة ما تزال تنافس وبقوة محلات بيع النظارات سواء الطبية منها أو الشمسية التي كبحت أسعار الأصلية منها شهوة الباحثين عن الموضة واقتصر استعمالها على ميسوري الحال كونها لا تتماشى مطلقا مع ميزانية البسطاء، الذين يفضلون اقتناء المقلدة منها بسعر 300 دج فقط رغم المخاطر التي يحدثها استعمال هذه النظارات وإمكانية تأثيرها الكبير على سلامة النظر وجودة الرؤية.
النظارات الشمسية المقلدة تخدع حدقة العين وتصيبها بالعمى
تراعي صناعة النظارات الشمسية الأصلية الجانب الجمالي للرجال وللنساء، على أن تكون قادرة على حماية العين من خطر الأشعة فوق البنفسجية والبشرة من أية حساسية، ونلاحظ ارتفاع أسعار النظارات الخاصة بالعلامات العالمية مثل “شانال”، “برادا” و”شوبار” و”فارساتشي” التي تتراوح أسعارها ما بين 6 آلاف إلى 26 ألف دينار، وهو ما يجعل الكثيرين عاجزين عن شرائها، خاصة في ظل توفر بديل مشابه في الشكل واللون لكن بسعر يقل عشرات المرات عن سعر النظارة الأصلية، يقول “سليم” بائع نظارات طبية وشمسية أصلية إن معظم العدسات الخاصة بالنظارات الشمسية المقلدة، تصنع من مواد تمت إعادة رسكلتها، وهي مواد لها آثار سلبية على من يرتديها، وأضاف بقوله إن الهدف الأساسي من النظارة الشمسية هو حماية العين من أشعة الشمس فوق البنفسجية، إلا أن النظارات المقلدة تسمح بدخول هذه الأشعة إلى العين فتلحق بها الضرر، خاصة عندما تكون النظارة داكنة، فهي تخدع حدقة العين فتبقى مفتوحة لتصل هذه الأشعة إلى شبكية العين وتلحق بها الضرر والأذى.
من جهتها اعتبرت “سلمى” بائعة نظارات طبية وشمسية أصلية أن اقتناء نظارات شمسية مقلدة “جريمة” في حق العين، فهذا العضو هام وحساس ويحتاج إلى العناية الفائقة، مشيرة إلى أن السوق حاليا تعرض سلعا أصلية وبأسعار معقولة، حيث أكدت أنه ليس كل النظارات الشمسية الأصلية غالية الثمن وقالت إنها تعرض نظارات أصلية بألف دينار ويمكن لأي مواطن اقتناءها، وعلى الجميع إدراك أن نظارات العلامات العالمية هي فقط الغالية وهذا عادي جدا، فأغلب تلك العلامات تستعمل معادن ثمينة لصناعة إطارات النظارات، كما أشارت إلى أنه يمكن للزبون شراء نظارة شمسية مقلدة شريطة استبدال الزجاج عند الأخصائي، وبهذا يوفر ثمن الإطار الذي يساهم هو الآخر في غلاء النظارات الشمسية.
المواطن بين الرغبة التجميلية والقدرة الشرائية
وتراوحت آراء المواطنين بين راغب في شراء المقلدة بسبب انخفاض ثمنها وتمكنه من تغييرها كلما رغب في ذلك وبين محجم عنها لإدراكه مخاطرها، وأول من تحدثنا إليها لمعرفة رأيها في هذا الموضوع، الآنسة “حكيمة” التي قالت: “أقتني النظارات الشمسية من أجل إضفاء صبغة مميزة على جمالي، إضافة إلى أن استعمالها ضروري من الناحية الصحية والجمالية في فصل الصيف“، أما “محمد” فيقول: “شخصيا أنا أضع نظارات طبية بتكليف من طبيبي المختص لأنني أعاني من مشكل في القرنية ولا أسمح لنفسي أن أقتني نظارات تباع على الأرصفة وفي الطرقات بسبب مخاطرها المتعددة”.
من جهته، أيوب يقول: ”ليس لدي المال الكافي لأشتري نظارات شمسية أو حتى عادية غالية الثمن ونحن الشباب نسعى إلى الموضة فقط، ليس مهما أن تكون بسعر 200 دج أو 300 دينار”، أما “منير” فيذهب إلى أكثر من ذلك حيث يعتبر أنه على الحكومة أن تتدخل من أجل معاقبة المتسببين في هلاك المواطنين الذين يقتنون نظارات غير صحية لما تسببه هذه الأخيرة من أمراض كالحساسية والحكة وغيرها، في حين ألقت “منال” باللائمة على المواطنين الذين ينبغي أن يتحلوا بالوعي وألا يقتنوا أي نوع من النظارات مهما كان شكلها جذابا وعليهم اقتناء نظارات صحية أفضل من الركض بعدها إلى الأطباء والمستشفيات.
سلمى أرحاب، أخصائية النظارات الطبية:
“توعية وتحسيس المجتمع بخطورة المنتجات غير المكلفة أمر حتمي”
حذرت الأخصائية في مجال النظارات الطبية، سلمى أرحاب، من مخاطر استعمال النظارات المقلدة من خلال انتشار السوق الموازي وغير المنظم لبيع هذه السلع من دون إطار قانوني وتواجدها بكثرة على مستوى الأسواق والأروقة، مشيرة إلى المنتوجات الآسيوية المقلدة التي تستورد من دول كالصين. وأضافت أن النظارات المستوردة عموما غير صحية، كما أنها مصنوعة من الزجاج المستعمل في صناعة القوارير، وأن مسألة النظارات المقلدة بدأت تأخذ منحى آخر من خلال سرعة انتشارها واللهف على اقتنائها من قبل مختلف الفئات.
كما أكدت المتحدثة أن إشكالية محاربة التقليد في الجزائر قد تمت المطالبة بها منذ عشر سنوات، حيث عددت المتحدثة بعض العوامل المساعدة في انتشار ظاهرة التقليد- تضيف- من خلال ضعف القدرة الشرائية للمواطن الجزائري الخاصة باقتناء نظارات غير صحية، كما أكدت الأخصائية على ضرورة توعية وتحسيس المجتمع بخطورة المنتجات غير المكلفة نظرا لرهانات السوق التي تشهد استهلاكا واسعا التي من ضمنها النظارات الشمسية.
عبد النور صايب، أخصائي طب وجراحة العيون:
“النظارات المقلدة لا علاقة لها بمعايير الصحة”
يرى الدكتور عبد النور صايب، أخصائي طب وجراحة العيون، أن المشكلة تكمن في النظارات المقلدة المتوفرة في السوق بأسعار مغرية والتي لا تلتزم بالمعايير الصحية، وتجذب الشباب ممن ليست لديهم الإمكانيات لشراء نظارات شمسية صحية، وما يثير القلق بالنسبة للأخصائي أن الناس عموما لا يبدون أدنى اهتمام بأعينهم، رغم أنهم عرضة للتضرر من الشمس بنسبة قد تصل إلى 80 %، لذا فإنه من المهم بصورة خاصة أن يرتدوا نظارات شمسية صحية من أجل تقليص أي أضرار ربما يتعرضون لها على المدى البعيد.
ويحذر الأخصائي من ارتداء النظارات الشمسية المقلدة التي تباع في الأسواق التي لا تخضع لمعايير صحية، فهي لا تحمي العين كما يظن البعض، إذ تستعمل فقط للزينة لا أكثر، وينصح باقتناء نظارات صحية من بائع نظارات متخصص في هذا المجال، كما ينصح بعدم ارتداء نظارة شمسية مقلدة لأن عواقبها وخيمة على البصر على المدى البعيد.
الدكتور مصطفى بن قارة مليك، طبيب العيون:
“ضررها أكثر من أشعة الشمس المباشرة على الأعين”
أفاد طبيب العيون بن قارة مصطفى مليك بأن الهدف الأساسي من النظارة الشمسية هو الحماية من أشعة الشمس فوق البنفسجية، إلا أن النظارات المقلدة تسمح بدخول هذه الأشعة إلى العين فتلحق بها الضرر، خاصة عندما تكون النظارة داكنة، فهي تخدع حدقة العين فتبقى مفتوحة لتصل هذه الأشعة إلى شبكية العين وتلحق بها الضرر والأذى.
ويتابع المتحدث بأن “الأمراض التي تصيب العين بسببها تتمثل في الماء الأبيض، وهو عتمة تصيب عدسة العين تدريجيا، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان البصر”. كما أن استعمال النظارات الشمسية المقلدة يضر بالعينين، حسب الأخصائي، مما يؤدي إلى صداع وألم بالعينين وحولها، كما أن هذه النظارات لا توفر أي حماية لأغلى حاسة لدى الإنسان، فهي لا تحتوي على مرشحات لحماية العين من الأشعة فوق البنفسجية، كما أن النظارات المقلدة قد تسبب ازدواجية الرؤية، إضافة إلى أن “ضررها أكثر مما لو سار الشخص في أشعة الشمس مباشرة”.
ويؤكد أطباء أن الإصابات بعدة أمراض خصوصا الماء الأبيض لم تعد تقتصر على كبار السن، بل حتى على الشباب، وهذا بسبب ارتدائهم للنظارات الشمسية المقلدة التي لا يعي خطرها على عيونه.
وبين غياب الرقابة على الواردات، فيما يخص تحليل خامات النظارات المستوردة، وأيضا دور مصلحة الجمارك في زيادة نسبة العينة العشوائية عند الكشف الظاهري على البضائع، حتى لا تمر النظارات المقلدة داخل الحاويات دون الكشف عليها، تبقى صحة المواطن في خطر بلا رقيب ومن دون حماية.
مسايرة الموضة أم حماية العينين؟
مثل كريمات الوقاية من الشمس، تحمل النظارات الشمسية مصطلحا في غاية الأهمية وهو UVA/ UVB، وهما مؤشران يدلان على أن تلك النظارات قادرة على حماية البصر من الأشعة فوق البنفسجية التي تمثل خطرا على صحة العينين.
ل. ب