النشاط الاجتماعي الذي يقوي الروابط الاجتماعية والأسرية

elmaouid

– توقع إنتاج 500 ألف قنطار من الزيتون

 

تتوقع مصالح مديرية الفلاحة لولاية تيزي وزو، تسجيل إنتاج وفير لزيت الزيتون خلال الموسم الفلاحي لسنة 2016 – 2017، حيث تشير التوقعات إلى إنتاج ما يصل إلى 495700 قنطار من الزيتون خلال موسم الجني المنطلق مؤخرا عبر تراب الولاية بمتوسط يصل إلى 16 قنطارا في الهكتار الواحد.

وتبعا للمعطيات المقدمة من طرف المديرية، فإن الولاية تضم مساحة كلية قدرها 36290 هكتارا، 30980 هكتارا منها تُعتبر مساحة منتجة للزيتون. وحسب ما أكدته المديرية، فإن هذه الأخيرة ترتقب تسجيل إنتاج يقدر بـ 495700 قنطار بتوسط مردودية تصل إلى 16 قنطارا في الهكتار، في حين يُرتقب تسجيل 89226 هكتولترا من إنتاج زيت الزيتون؛ ما يعادل 8.9 ملايين لتر من المحصول جاهزة للاستهلاك.

وأضاف ذات المصدر أن إنتاج الزيتون بالولاية يبشر بالخير هذه السنة، حيث حقق الموسم إنتاجا وفيرا مقارنة بالسنة الماضية، إذ تم جمع 448 ألف قنطار بمتوسط مردودية وصل إلى 15 قنطارا في الهكتار، في حين كان إنتاج زيت الزيتون يقدر بـ 8 ملايين لتر، مشيرا إلى أن الظروف المناخية كانت وراء تحقيق زيادة ونمو في الإنتاج ووفرته.

ويُنتظر أن تباشر نحو 475 معصرة عملها في عصر وتحويل حبات الزيتون إلى زيت الزيتون الجاهز للاستهلاك، حيث ستفتح أبوابها لاستقبال المنتوج الذي يرتقب أن تمتد عملية جمعه إلى غاية شهر مارس نظرا لوفرته هذه السنة، حيث أشار ذات المصدر إلى أن من بين المعاصر التي تحويها الولاية 350 معصرة تقليدية و29 نصف أتوماتيكية مقابل 96 معصرة عصرية، حيث سجلت هذه السنة فتح معاصر جديدة أبوابها، علما أن عددها كان العام الماضي يقدّر بـ 301 معصرة، 183 منها تمثل معاصر تقليدية مقابل 91 معصرة عصرية و27 معصرة نصف أتوماتيكية.

وتم في إطار عملية تطوير إنتاج الزيتون بالولاية، إنجاز عملية تجديد أشجار الزيتون الهرمة التي شملت مختلف بلديات الولاية خلال السنة الفلاحية 2015 – 2016، حيث مست العملية مساحة قدرها 1537.37 هكتارا، تكفلت كل من مديرية محافظة الغابات ومديرية الفلاحة لتيزي وزو بغرس 169 ألف و305 شجيرة زيتون، 156 ألف شجيرة منها غرستها المصالح الفلاحية بعدة مناطق في الولاية، كما تم في إطار هذه العملية تلقيم 7500 شجيرة؛ ما يسمح في المستقبل بتطوير ورفع الإنتاج.

 

“تيمشرط”.. عادة للتآزر بين الأغنياء والفقراء

وتشرع العائلات القبائلية، بمجرد ظهور ثمرات أشجار الزيتون وقبل مباشرة عملية الجني والجمع، في إحياء عادة “تيمشرط”، هذه التظاهرة الثقافية التقليدية الشعبية، لا تزال تمارس إلى يومنا هذا، ويتم انتقالها عبر الأجيال، فهي تعد شكلا من أشكال التآزر بين الأغنياء والفقراء وتصاحب دائما عملية جمع الزيتون، حيث ينادي شخص يمثل لجنة القرية، من المسجد، السكان، إلى الاجتماع بـ “ثاجماعت نتادرث” ليقرروا اليوم الذي يحيون فيه “تيمشرط”، لتقدم بعد ذلك معظم العائلات كباشا وماعزا كل حسب استطاعته، للجنة التي تقوم بذبحها، حيث يتم توزيعها على كافة السكان، فتجتمع النساء لتحضير طبق الكسكسي باللحم والبقول الجافة، ويتناول الرجال هذه الأكلة في “ثاجماعت”، في حين تجتمع النساء في البيوت. والهدف الأساسي لهذه العادة، التي لا تزال تحافظ عليها كل العائلات القبائلية، هي شكر الله على وفرة المنتوج، وكذا التوجه بالدعاء ليحميهم من السوء والأمراض، وأن تكون السنة المقبلة خيرا عليهم وكذا لترسيخ صور التضامن والتآزر واستمرار تعزيز أواصر التعاون بين القرويين.

 

“التويزة” سبيل لتعزيز أواصر المحبة والتعاون

بعد تنظيم عادة “تيمشرط”، تتجه العائلات القبائلية نحو حقولها من أجل الشروع في عملية جني الزيتون، وهذا عن طريق ما يسمى “التويزة”، وهي أن تقوم عائلة معنية من القرية تعتزم جني محصولها، باستدعاء أفراد عائلة أخرى من أجل مساعدتها في العملية، حيث تتولى العائلة المستضيفة تحضير طبق الكسكسي لإطعام العائلة التي تساعدها كما تطعم أيضا عابري السبيل، ويحدد مقابل هذه المساعدة حسب المتفق عليه بين العائلتين، فإن كانت العائلة المدعوة لا تملك أشجار الزيتون، فالمقابل يكون بإعطائها زيت الزيتون بعد عصره، وإن كانت تملك، فإنها ستقوم هي الأخرى بمساعدتها في عملية جني محصولها.

وبعد الانتهاء من عملية الجني، يوجه المنتوج إلى المعصرة ليتم عصره باتباع خطوات تدريجية.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك سكانا يفضلون المعاصر التقليدية على الحديثة، وهذا لكونها تضفي نكهة خاصة على المنتوج.

 

زيت الزيتون… أساس الصحة ومصدر الرزق

ويعتبر زيت الزيتون من الزيوت الأكثر صحية، فضلا عن كونه أساس كل الأطباق ومصدر رزق للعديد من العائلات بقرى ومداشر الولاية، فأغلب العائلات القبائلية تعتمد على هذا المنتوج للاستهلاك وبيعه جاهزا للحصول على المال.

وتنتشر أشجار الزيتون بكثرة في منطقة القبائل بتعدد أنواعها، وتتميز هذه الشجرة المباركة، بكونها تعمر طويلا، إذ يصل عمرها إلى ألف سنة أو أكثر، وتنتشر كثيرا في أعالي الجبال، ونوعية الزيت الذي يستخلص منها تحدد حسب نوع التربة التي تختلف بين السوداء والصخرية وغيرها.. كما يختلف لون زيت الزيتون بين الأسود، الأصفر والوردي والبني الفاتح، إضافة إلى هذا، فإن التربة من شأنها أيضا أن تحدد حجم حبات الزيتون بين الكبيرة والصغيرة، ويسمى العصير الأول للزيتون “بأمورج” في حين يطلق على الثاني اسم “أشميال”.

 

أكلات تقليدية.. زغاريد وبارود للاحتفاء بالزيتون

وبعد الحصول على الزيت ودخوله إلى البيوت، فإن استقباله يكون بطريقة مميزة جدا، إذ تستقبل النسوة زيت الزيتون بالزغاريد، وقد يصاحبها إطلاق البارود في بعض القرى، تعبيرا عن الفرحة والشكر لله على نعمته.

وقد كان زيت الزيتون يحفظ قديما فيما يسمى “أشبايلي”، وهو عبارة عن قدر كبير مصنوع من الطين، أما في الوقت الحالي فتتم تعبئته في دلاء وقارورات مختلفة الأحجام.

وتكون الأكلة الأولى عادة، التي تحضرها العائلات العاملات لتستقبل بها دخول الزيت إلى البيت، “البغرير” أو ما يطلق عليه “بثيغريفين”، حيث يتم غمسها في زيت الزيتون قبل تناولها، كما تقوم بعض العائلات الأخرى بتبادل الأكلات التقليدية المختلفة، التي تعرف بها منطقة القبائل مثل المطلوع “تامثونت”، “أحدور” (المسمن)، الاسفنج وخبز الشعير وغيرها من المأكولات التي تمزج بزيت الزيتون، إلى جانب طبق “البركوكس” أملا في أن تثمر الأشجار من جديد في موسم آخر، ليبقى جني الزيتون عملية وعادة تتوارثها الأجيال.

 

 

جني الزيتون موسم له طقوسه

بدأ غالبية سكان منطقة تيزي وزو في جني الزيتون، وفق ما تمليه تقاليد كل منطقة لافتتاح الموسم، وذلك بتجهيز المعصرات التقليدية التي يعتمد عليها سكان القرى، فيما أنهى سكان منطقة عين الحمام على غرار قرى بلدية بني يني منذ مدة أولى استعداداتهم لموسم جمع الزيتون، فيما بدأ مواطنو مقلع في عملية جمعه، وشرعت بلديات واضية، الاربعاء ناث ايراثن، تيزي راشد، بني دوالة وذراع الميزان في تهيئة الظروف الملائمة لبدء العملية، وقررت الأخرى في تحضير موسم الزيتون وذلك بذبح الذبائح والقيام ببعض الولائم، بمشاركة سكان كل قرية اجتنابا لوقوع حوادث أثناء جمع الزيتون حسب معتقداتهم، ليحددوا بعد ذلك موعد انطلاق العملية، أما في اعكوران و تيقزرت، وبحكم نوعية الزيتون التي تتوفر عليه، فقد شرع سكانها في تنظيف أشجارها من الحشائش الضارة المحيطة بها، لجمع ما أسقطته الرياح على الأرض، ويبقى الجزء الآخر والمتعلق بتحديد يوم البدء في جني الزيتون يحدده في غالب الأحيان شيخ القرية وعادة ما يكون في شهر ديسمبر، حيث يقوم السكان بنفض حبات الزيتون بواسطة عصا بالنسبة للأشجار الباسقة والكبيرة التي لا يستطيعون تسلقها، في حين يجمع سكان قرية اث واسيف زيتونهم عن طريق اليد، كون حباته صغيرة لا يمكن نفضها، هذا وفي ظل ضعف المنتوج مقارنة مع الموسم المنصرم وحسب العارفين بخبايا الزيتون، فإن أغلبية الفلاحين يتخوفون ألا يصل المحصول النهائي في شهر أفريل المقبل من زيت الزيتون إلى 19 مليون لتر من الزيت، وهي الكمية التي تم عصرها الموسم المنصرم، ورغم هذا فقد بعثت هذه الحملة بالجهة الغربية لولاية تيزي وزو نوعا من التفاؤل عند العديد من العائلات التي يعيش سكانها من عائدات بيع هذه المادة، وقد أصبحت عملية الجني الشغل الشاغل حتى بالنسبة للتلاميذ المتمدرسين الذين يستغلون عطلة نهاية الأسبوع ليشاركوا عائلاتهم في حملة الجني، قبل عودة التقلبات الجوية التي تتميز بتساقط الأمطار بغزارة وبكثافة الثلوج التي تؤثر سلبا على عملية الجني.

 

سباق ضد الساعة لجمع الغلة قبل حلول الأمطار

قال السيد ارزقي وهو شيخ في الثمانين من العمر ويقطن ببلدية الأربعاء ناث ايراثن، كان يتجه إلى حقله مع أفراد عائلته من رجال ونساء وحتى الأطفال من أجل البدء في جمع الزيتون، وقال إن في الاتحاد قوة، مشيرا إلى أن عملية جني الزيتون تخص الجميع، وأن الرجال يتولون عملية نفض الزيتون بالعصا بعد أن يتم وضع غطاء بلاستيكي على الأرض، ثم يأتي دور النساء لجمع الحبات المتناثرة، وتحاولن بهذه الطريقة المحافظة على ثمار الزيتون من أجل تفادي الدوس عليها من قبل الراجلين، وبالتالي فساد الثمار أو اختلاطها بالتربة، خاصة أن منطقة القبائل بصفة عامة معروفة بمنحدراتها وتضاريسها الصعبة، وهو ما يصعب من مهمة العائلات في جمع ثمار هذه الأشجار المباركة، كما تحدثنا إلى الخالة شابحة  التي تقطن بقرية آث هشام بعين الحمام، التي أجابتنا بكل تفاؤل باعتبار هذا الموسم يتميز بوفرة الإنتاج لا سيما ونحن نعلم أن الزيتون يعتبر مصدر رزق أغلب العائلات بالمناطق الريفية بمنطقة القبائل، وقد حدثتنا عن طريقة جني هذه الثمار، كما استغلينا الفرصة للتعرف على أنواع الزيتون انطلاقا من حديثنا إليها، فقالت: “يتميز هذا النوع من الزيتون بكبر حجمه وقلة زيته، عادة ما تستعمله العائلات للأكل بعد تصبيره”، ثم ذكرت نانا شابحة  نوعا آخرا من الزيتون ويتعلق الأمر بزيتون أزيلي وهــــو الــــزيتون الأكثر جودة ويستخرج منه كميات معتبرة من الزيتون رغم صغر حجمه، وهناك نوع آخر وهو أمضور الذي نجده عادة متناثرا على الأرض كونه يتساقط من الأشجار في وقت مبكر، إضافة الى نوع آخر وهو زيتون أحرى ويعرف بلونه القاتم كونه يطل على الشمس، وما لاحظناه خلال زيارتنا الى المنطقتين المذكورتين، أن عملية جني الزيتون يتعاون فيها كل أفراد العائلة وحتى الأطفال يشاركون في المهمة. وعن السبب أجابنا دادا محند وهو شيخ يقطن بمنطقة ارجن، أن العائلات تحاول أن تجمع منتوجها في أقرب وقت، ولذا يتم تجنيد كل أفراد العائلة من أجل تفادي تعرض حقولهم إلى الأمطار الطوفانية التي تجرف حبات الزيتون، وبالتالي يتعذر عليهم جمعها خاصة بالنسبة للذين يملكون حقولا تطل على الوديان والمنحدرات.