اعتبر الناقد الجزائري عمر عاشور أن الجيل الأدبي الحالي في الجزائر مؤهل للانطلاق نحو العالمية، لأنه متعدد الرؤى والأدوات نتيجة التنوع الثقافي واللغوي والتجارب التي صهرت الجزائري منذ الاستعمار، إذ استطاع الاشتغال على أنساق مضمرة تتعلق بالمسكوت عنه سياسيا وتاريخيا، وأكد أن مؤسسي الرواية الجزائرية الحديثة على اختلاف لغاتهم (ابن هدوقة، ديب، وطار، بوجدرة، كاتب ياسين، مولود فرعون) مارسوا نقدا بارزا في كتاباتهم مس المسؤول والمجتمع والمواطن، وراهنوا من أجل جزائر تسع الجميع، فكانوا أكثر حداثة من جيل الحداثة وأكثر تسامحا رغم ثقل ثقافة الحزب الواحد.
ودافع أستاذ الأدب في جامعة الجزائر، صاحب كتاب «الاستعارات القاتلة.. محاضرات في الأدب المقارن»، عن الأدب الجزائري باختلاف اللغة المكتوب بها، مشيرا إلى أن الثقافة الفرنسية مثلا تتنكر للأدب الجزائري المكتوب بلغة موليير، واعتبر بوعلام صنصال وكمال داود، على سبيل المثال، من ضحايا السراب الفرنسي، ولن تتعدى ـ حسبه ـ الحظوة الفرنسية بهما الآني الزائل.
وقال موضحا “اللغة والمضمون والإيديولوجيا جميعها يدخل في هوية الأدب، أما الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية فهو جزائري، والنقاش حول هذه الجدلية صار محسوما لصالح الأدب الجزائري، والذين يتحججون أن هوية الأدب أو الفكر من لغته، ماذا يقولون في مالك بن نبي الذي يكتب بالفرنسية؟، ويكفي أن دوائر فرنسية سنة 1996 عارضت مقترحا أوليا لترشيح محمد ديب لنوبل، كما اغتالت فرنسا مولود فرعون ولم تشفع له الكتابة بلغتها. وأعتقد أن الحساسية متعلقة بفرنسا كإرث استعماري وليس كإرث لغوي أو أدبي، فاللغة الفرنسية غنيمة يجب استغلالها والاستفادة منها.
وأضاف في نفس السياق: “اعتقد أن فرنسا لا تولي اهتماما للذين يكتبون بالفرنسية ويحلبون خارج إنائها، لذلك قال محمد ديب يوما، إنه لا يمكن الاعتراف بك ما دام اسمك «محمد»، كما أن رشيد بوجدرة تحوّل للكتابة بالعربية بعدما رأى في الثقافة الفرنسية وإعلامها نكرانا لأدبه، لذلك كتب لاحقا كتابه «زناة التاريخ» يهجو فيه ضحايا السراب الفرنسي، أما بوعلام صنصال وكمال داود فلن تتعدى الحظوة الفرنسية بهما الآني الزائل، ويتم حاليا توظيفهما لخدمة أجندات سياسية فرنسية قد تضر حتى بالمصلحة الوطنية للجزائر. أما حداثة أي أدب، فيجب أن تنبع من ذاته دون الانغلاق عليها.
ب/ص