أكدت الناقدة المسرحية الجزائرية الدكتورة خيرة بوعتو لـ “الموعد اليومي” أن الطبعة الـ 12 لمهرجان دوز العربي للفن الرابع بتونس الذي نظم من طرف فرقة بلدية دوز للتمثيل بالشراكة مع مدينة الثقافة والمركز الوطني
لفن العرائس بتونس، تميزت بتلاحم وحضور قوي للمسرح الجزائري والتونسي، هو في صالح الفن الرابع المغاربي مقابل غياب المسارح الأخرى منها المسرح الليبي الذي كان من المفترض أن يحضر هذه التظاهرة الثقافية.
وحسب ذات المتحدثة، فإن المهرجان أقيم رغم الإمكانيات البسيطة، إلا أن الموعد ميزه التنظيم المحكم وانتقاء العروض التي تماشت وذوق الجمهور.
وبالنسبة للورشات، أضافت الناقدة بوعتو أنها أعطت مساحة لإبداع الهواة وعشاق المسرح، منها ورشة بناء الشخصية والارتجال التي أشرف عليها كل من المسرحيين منير العرقي وعاطف بن حسين، وكذا ورشة صنع العرائس من إشراف المسرحي الأسعد المحواشي.
وتعتبر تونس رائدة في هذا المجال، إذ يعتبر تدريس مسرح العرائس بمعهد الفن الدرامي بتونس العاصمة المعهد العربي الوحيد الذي يمتلك هذا التخصص.
وفيما يخص العروض المبرمجة، قالت محدثتنا إن المشاركة الجزائرية تمثلت في عرضين من الجنوب الجزائري، وهي لا تمثل التجربة المسرحية في الجزائر، لكن رغم ذلك نحاول كنقاد للمسرح استخراج نقاط الاختلاف والالتقاء لأن ما يهمني هو استخراج نقاط الاختلاف والالتقاء، تقول ذات المصدر.
وعلى حد تعبيرها، فإن العروض التونسية ركزت على قضية تونس ما بعد الثورة، والتغيرات التي طرأت على المجتمع التونسي، والعرض الأخير “صابرة” لفرقة بلدية دوز للتمثيل، جاء مختلفا لكنه يحمل أمل تونس الغد، ولو أنه ملحمة استعراضية ركزت على حقبة تاريخية.
وبالنسبة لعرض “رايونوسيتي” لمركز الفنون الدرامية والركحية نص وإخراج علي اليحياوي، فهو يعد من أكثر العروض التي حملت همّ الشعب التونسي، وحسب الناقدة بن عتو، فإنه كان من أحسن العروض، إلا أنه في جانب السينوغرافيا التركيز على ديكور العرض كان ثقيلا، مما يخلق مشكلة للفرقة عند التنقل، خصوصا خارج البلاد، فيما حاول العرض المسرحي “خمسة اللي لحقوا بالجرة” للنهضة المسرحية ببنزرت بتونس، نص وإخراج لطفي التركي، تناول معاناة أفراد المجتمع الذي عانى التشتت، فقد استعمل الكاتب تقنية المسرح داخل المسرح، إلا أنه لم يتمكن من التوفيق بين الحكايتين، فضاع بينهما، وجاء النص فارغا، عدا بعض الرسائل التي حاول العرض إيصالها. أما العرض الثالث “لهيب الروح” لشباب فرقة بلدية دوز للتمثيل، هو الآخر ضاع في الإنشائية والخطابات المباشرة والاعتماد على استعراضات الممثل دون التعمق الحقيقي في الموضوع المطروح، وبالتالي غياب الفعل الدرامي.
وفيما يخص المشاركة الجزائرية في المهرجان فتمثلت بعرض “اختناق” للجمعية الثقافية للفنون بأدرار، نص وإخراج شادي العيد، الذي طرح قضية مهمة تخص حرية التعبير لدى الصحفي ومعاناته من التضييق، إلا أن النص جاء أدبيا أكثر منه دراميا، افتقد للفعل الدرامي، فغلبت الخطابات المباشرة على العرض، لكن هذا الأخير استظهر بعض الطاقات التمثيلية المهمة والتي قد تتحسن في عروض مقبلة، لكن غياب شبه تام للسينوغرافيا أفقد العرض حيويته.
وأضافت قائلة: “يمكن القول إن النص طغى على حضور العرض دون أن يكون توافق بينهما”.
وعلى عكس العرض الثاني “ريق الشيطان” والذي كان عبارة عن مونودرام أداء الممثلة وهيبة باعلي، وإخراج عزوز عبد القادر الذي حضر فيه العرض وغاب النص، جاءت سينوغرافيا العرض شعرية وبلمسات فنية، تصور البيئة الصحراوية، إلا أن الفجوة كانت تكبر بين النص والعرض، لعدم التوافق بينهما، وكأنه استعراض لهاته البيئة دون أي انتماء حقيقي لها، ففكرة اشتغال المخرج على مسألة الهوية والرجوع للثقافة المحلية، نقطة تحسب له، لكن غابت تجربة هذا الرجل القادم من الجنوب الجزائري، ولم نتعرف عليه، لم نلامس تفاصيله، خصوصياته، معاناته، وهو تناقض بين محاولة للرجوع إلى الهوية وبين الاعتماد على نص عراقي بالعربية الفصحى ولا يمت للبيئة الصحراوية بشيء، نص فارغ وغير واضح المعالم. وهكذا تميزت التجربة الجزائرية الحاضرة بتونس بين محاولة جادة وأخرى مبعثرة بين الشكل والمضمون.