الموسيقية الفلسطينية ريم عنبر.. العود لتجاوز المشاعر السلبية

الموسيقية الفلسطينية ريم عنبر.. العود لتجاوز المشاعر السلبية

فنانون فلسطينيون نشأوا في قطاع غزة المحاصر، وتفتّح وعيهم على اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدنهم. تعددت مجالات إبداعهم، لكن جمعتهم قضية واحدة؛ فلسطين، لتستقبل إبداعهم على اختلاف أنواعه.

في غزة نشأت الموسيقية الفلسطينية ريم عنبر، وأصبحت أول عازفة عود في بلدتها، رغم الرفض المجتمعي وصعوبة تعلم الآلة الموسيقية هناك. من أحد تلك المراكز التي تقدم أنشطة صيفية للأطفال في مدينتها، التقطت عنبر العود في سن الثالثة عشرة، ليلازمها منذ ذلك الحين. كان من النادر أن تجد فتاة أو امرأة تعزف العود في غزة، لكنها صممت على الاستمرار.

خلال حروب ثلاث، حرض العود الفنانة الموسيقية (33 عاماً)، على تجاوز المشاعر السلبية التي كانت تخيم على القطاع عبر العدوان المتكرر، وما يتبعه من ظروف حياتية بالغة الصعوبة نتيجة للدمار الحاصل.

عملت ريم عنبر، في مرحلة لاحقة، مع الأطفال في غزة؛ إذ أشرفت على تعليمهم الموسيقى عبر برامج تابعة لـ “يونيسف”. كانت مهمتها مساعدة الأطفال في تفريغ الطاقة السلبية التي استولت على نفوسهم بفعل الحروب المتتابعة، وما نجم عنها من مشكلات نفسية وإصابات بدنية.

خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، سُئلت عنبر عن كيف لها أن تستمر في العزف حتى عندما يصاب أو يقتل أحد أفراد عائلتها أو أصدقاؤها. أجابت بأن الموسيقى هي العزاء لها دائما “حتى لو سقط صاروخ، سأظل متمسكة بعودي. تحفزنا الحروب على الغناء وصنع المزيد من الموسيقى”.

بعد انتقالها إلى إنجلترا عام 2017، لم تشأ أن تحيا كلاجئة. أسست فرقتها الخاصة “غزال باند”، في مدينة مانشستر حيث تعيش اليوم. ومنذ استقرارها، تنتقل من مدينة إنجليزية إلى أخرى، بغرض نشر الموسيقى والأغاني الفلسطينية، مرددة في لقاءاتها: “نحن الفنانين الفلسطينيين نحمل قضيتنا أينما ذهبنا”.

في إنجلترا أيضاً، تُقيم فنانة فلسطينية أخرى، هي ملاك مطر (24 عاماً). نشأت مطر في مدينة غزة وسط أسرة تقدر الفنون والأدب. وفي 2014، حين كانت طفلة، حرضها العدوان الإسرائيلي، على أن تستغرق أكثر بين الألوان المائية التي حصلت عليها من مدرستها، لتقضي 51 يوماً (عمر العدوان) متفرغة بالكامل لهذا النشاط، فتتعرف أكثر إلى موهبتها.

تفوقها الدراسي أهداها منحة جامعية في تركيا، حيث استكملت دراستها، لتعود إلى غزة خلال إجازاتها. وفي إحداها، وجدت مطر نفسها أسيرة في منزل أهلها، تحديدا في ماي 2021، حين بدأ الاحتلال الإسرائيلي بشنّ غاراته على قطاع غزة. تناولت ملاك فرشاتها لترسم العديد من اللوحات، منها لوحة زيتية بعنوان “هذه أمي”. جسدت التشكيلية الفلسطينية عبر هذا العمل خوفها وإخوتها من صوت القصف المتواتر، والذي لم يكن لها ولإخوتها ملجأ منه غير الأم.

تركز لوحات مطر، المرسومة بالزيت والأكريليك، على المرأة الفلسطينية، التي أحاطت بها خلال مراحلها العمرية المختلفة. لا تخفي الفنانة تعاطفها الزائد مع مواطناتها اللواتي يواجهن، إلى جانب قيود المجتمع المحافظ، أعباءً إضافية تفرضها ظروف العدوان المتكرر على قطاع غزة.

ق\ث