المناسبة تعيد انشغالاتهم إلى الواجهة… ذوي الاحتياجات الخاصة في يومهم الوطني: مطالبة مستمرة برفع المنحة وإلزامية تمتعهم بكامل الحقوق المكفولة في الاتفاقيات

elmaouid

كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الجزائر تحصي سنويا أزيد من 45 ألف معاق جديد مستغربة أن الإحصائيات الرسمية لم تتغير منذ 2010، وهي إحصائيات قام بها الديوان الوطني للإحصاء، حيث

سجل 02 مليون معاق منهم 300 ألف شخص معاق حركي، 80 ألف شخص معاق سمعي، 175 ألف شخص معاق بصري و200 ألف شخص معاق ذهني، 85611 شخصا يعانون من إعاقات متعددة، بالإضافة إلى 626711 شخصا يعانون من أمراض مزمنة وكذا 50299 شخصا يعانون من إعاقة أخرى.

وطالبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان الحكومة الجزائرية بإلزامية تمتع ذوي الإعاقة بكامل حقوقهم وفقا للاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها الجزائر في 12 ماي 2009، حيث سيتم إنشاء بطاقات وطنية بيومترية قريبا تضم كل المعلومات الخاصة بالأشخاص المعاقين، مراجعة بطاقة المعاق وتكييفها مع الشروط والمعايير الدولية وتشريع القوانين الضرورية والكفيلة بإدماج الأشخاص الحاملين لإعاقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بالإضافة إلى رفع المنحة إلى 18 ألف دينار جزائري وفق الأجر الوطني الأدنى المضمون أو إيجاد مناصب عمل مناسبة لهم مع منع كل أشكال التمييز على أساس الإعاقة وبشكل عاجل، باتخاذ إجراءات استثنائية وخاصة منها ما يتعلق بالميزانية الجديدة حتى يتم إدماج الوضعيات الحرجة منهم في سوق الشغل أو تمتيعهم بمنحة بطالة التي تساوي الأجر القاعدي.

 

39 ألف معاق كل سنة بسبب أخطاء الولادة

وأضافت الرابطة في تقرير لها أن عدد فئة المعاقين يمثل نسبة 10 بالمائة من تعداد المجتمع الجزائري، أي ما نسبته أربعة ملايين معوق في الجزائر يعاملون كـ (مواطنين من الدرجة الثانية)، ما جعل شريحة واسعة من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيشون على إعانات المحسنين والجمعيات، ومنهم من توجه للتسول في المساجد والشوارع. وحسب المختصين، تسجل الجزائر 39 ألف معاقاً كل سنة بسبب أخطاء الولادة، وتخلف حوادث المرور أزيد من 6 آلاف معاق سنوياً وهذا ما جعل الجزائر تسجل 45 ألف معاق سنويا.

وقالت الرابطة إن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة، معتبرة أن الاحتفال بـ 14 مارس اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة مناسبة لطرح قضية ومشاكل هذه الفئة الاجتماعية، والوقوف على آليات إدماجها في المجتمع رغم أنه من المفروض أن ترمي السياسة التضامنية الوطنية إلى تخفيف المعاناة التي تعترض كل إنسان معاق في حياته اليومية، وتمكينه من ثمة بالتكافؤ مع أي شخص غير معاق.

 

14 مارس يعيد انشغالات المعاقين للواجهة..

وفي هذا السياق، أكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن هذه المناسبة تعد فرصة لإعادة للواجهة هذه الشريحة التي تعاني من صور الإجحاف والتمييز والإقصاء والتهميش، وهي مناسبة أيضا لتقييم مكانة هذه الفئة من المواطنين الجزائريين في السياسات العمومية ومقاربة مدى امتثال الدولة للمعايير الدولية ذات الصلة، خصوصا وأن الدولة الجزائرية صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص في وضعية الإعاقة والبروتوكول الملحق بها في 12 ماي 2009، وهذه المصادقة تترتب عنها التزامات الدولة الجزائرية متّصلة بتأهيل الشخص المعاق للاندماج في الحياة العامة، وضمان حقّه في التمدرس والصحة والشغل والانخراط في المقاربة الكونية التي تعتبر حقوق الأشخاص ذوي المعاقين جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

 

واقع صعب ومعاناة يومية

وفي هذا المجال، ترى الرابطة أنه رغم ما يقال في الدعاية الرسمية من (عناية موسومة) ومن الرنين والتطبيل والوعود الزائفة من طرف المتاجرين بمشاعر وأحاسيس هذه الشريحة المهشمة على تحقيق هدف توفير العمل اللائق لذوي الإعاقة، والسعي إلى إدماجهم مهنيا وحرفيا في وسط المجتمع وإخراجهم من دائرة النفق المظلم وحالة اليأس والإحباط الذي يعيشون فيه، إلاّ أن الواقع في الجزائر مغاير تماماً، حيث هذه الشريحة تعيش تهميشا في الشغل، وتتعدى نسبة البطالة وسطها أكثر من 80 بالمائة وغالبا ما يواجهون مشاكل كثيرة في التنقل، حيث حرموا من ركوب الميترو والترامواي وحتى الحافلات بسبب انعدام مسالك خاصة بهم، بالإضافة إلى أن كافة الممرات الخاصة بالمعاقين حركيا بالمراكز والمؤسسات العمومية غير مطابقة للمقاييس وتشكل خطرا على مستعمليها وبعض ذوي الإعاقة الذين يعانون من الصم والبكم لا يتوفر لهم مترجمين بلغة الإشارة، وعدم اهتمام وسائل الإعلام بقضاياهم ونشر ثقافة احترامهم، وهو ما يشكل أزمة حقيقية في انخراطهم في المجتمع.

وتجدر الإشارة إلى أن منحة المعاق غير كافية لتغطية مصاريف النقل والعلاج، وتزداد الوضعية سوءا بالنسبة لفئة المكفوفين الذين لم يتم تصنيفهم ضمن المعاقين بنسبة 100 بالمائة، وبهذا يتحصّلون على منحة أقل بأربعة أضعاف مقارنة بالمنحة المخصّصة للمعاقين، وفضلا عن ذلك تم حرمانهم من الزيادة المقرّرة في 28 فيفري 2009.

 

مناصب العمل للمعاقين ..وعود تنتظر التجسيد

وفي هذا السياق، حاولت رابطة حقوق الإنسان البحث في المؤسسات الإدارية والاقتصادية عبر بعض الولايات حول عملية مراقبة تطبيق الإحكام المتضمنة في المرسوم التنفيذي رقم 14-214 المؤرخ في 30 جويلية 2014 المتعلق بتخصيص 1 بالمائة على الأقل من مناصب العمل للأشخاص المعاقين في المؤسسات التي تفوق عدد عمالها 20 عاملا، ولكن واقع الميدان مغاير تماما ومراسيم وقرارات الدولة مازالت تنتظر التجسيد في غالبية المؤسسات.

من جهة أخرى، أكدت ذات الهيئة أن الأطفال المعاقين لدى فئة الصم والبكم يواجهون انتهاء سن التمدرس في السنة التاسعة أساسي، معتبرة أن ظاهرة الرعاية الاجتماعية هي ظاهرة إنسانية عامة لا يخلو منها أي مجتمع أو طبقة من الطبقات، وقالت الرابطة في هذا الصدد إنه ينبغي بذل جهود من مختلف المهن والتخصصات والفاعلين لرعاية المعاقين من أجل التمكن من تأهيل المعاقين ودمجهم في المجتمع، مضيفة أن هذا لن يتأتى إلا عن طريق التواصل ودوره الأساسي في عملية التنظيم الاجتماعي.

 

محمد نبيل رزاق رئيس الفيدرالية الوطنية للمعاقين الجزائريين:”التمدرس أولى معوقات النجاح”

اعتبر رئيس الفيدرالية الوطنية للمعاقين الجزائريين، السيد محمد نبيل رزاق، أن المشكل الجوهري الذي يعاني منه ذوو الاحتياجات الخاصة في الجزائر ليس اجتماعيا بقدر ما هو سياسي واقتصادي، حيث يرى أن الحديث المتكرر عن المنحة وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها المعاق ما هي إلا وسيلة لذر الرماد في العيون، وجعل هذه الفئة تدور في حلقة مغلقة وتوهم بحفلات والتفاتة آنية في اليوم العالمي أو الوطني الخاص بها، مشيرا إلى أن التمدرس هو أول معوقات الإدماج في مؤسسات الدولة، حيث رغم أن القانون يلزم باستقبال المعاق ضمن التلاميذ إلا أن نادرا ما يتحقق ذلك، والغريب في الأمر حسب المتحدث إلغاء الأقسام المكيفة في المدارس بحجة نقص التأطير، ما يعتبر ضربة قاضية للمعاقين.

وقال في تصريح للصحافة إن الدولة أبدت نية خالصة في مساعدة فئة المعاقين، ولكن لم تطبق هذه النية على أرض الواقع، ما دام المعاق لم يدمج سياسيا واقتصاديا، موضحا أن الحديث عن ذوي الاحتياجات الخاصة من طرف وسائل الإعلام والجمعيات بات عقيما لا يخدم الأهداف والسبل الحقيقية لهؤلاء، وأن التمثيل من طرف المعاق في المجالس البلدية والولائية والوطنية هو الحل حتى تتمكن هذه الفئة من التعبير عن ظروفها، وتساهم في نقاشات وسن للقوانين حسب ما يمليه واقع المجتمع الجزائري، وخصوصية بعض الفئات.

وفيما يخص الإدماج الاقتصادي، أكد السيد محمد نبيل رزاق أن المادة 27 من القانون 09.02 المتعلقة بالتشغيل وتطبيق مرسوم جويلية المتعلق بكيفية وآليات تشغيل المعاق تلزم المؤسسة الاقتصادية العمومية والخاصة بإدماج ذوي الإعاقة بنسبة 1بالمائة، وهي رغم أنها نسبة ضئيلة فإنها حسبه لَم تطبق على أرض الواقع، تكون مهمة وفعالة.

وحمّل رئيس الفيدرالية الوطنية للمعاقين الجزائريين، السيد محمد نبيل رزاق المسؤولين على المستوى القاعدي أو المحليين، ما يعاني منه المعاقون اليوم، وهذا بسبب إهمالهم وتهميشهم لهذه الفئة، حيث هناك صعوبات في تطبيق آليات إدماج المعاق على المستوى القاعدي، مؤكدا أن المدير العام للوكالة الوطنية لتشغيل الشباب صرح له سابقا، أن ذوي الاحتياجات الخاصة وضع لهم رواقا أخضر والتفاتة خاصة، ولكن يقول، السيد محمد رزاق، إن العراقيل تواجه هذه الفئة قبل الوصول لهذه الوكالة.