في فترة وجيزة، استطاع إثبات موهبته في التمثيل، قام بالتمثيل في الكثير من المسرحيات التي نالت إعجاب وثقة الجمهور، على غرار ملحمة البطلة “لالة فاطمة نسومر” وكذا ملحمة “أبناء نوفمبر” ومسرحيات
“الانحراف”، “العطلة الصيفية”، و”31 دياز”، تمكن من نيل جائزة أحسن ممثل في المهرجان الوطني للموندرام الذي أقيم نهاية السنة الماضية 2018 بولاية أدرار.
وفي هذا الصدد، يقول الممثل المسرحي ياسين بن دية إن ولعه بالمسرح جاء بفعل محيطه الذي كان مشجعا له على كشف تلك الموهبة المكبوتة، التي بفعل الممارسة والاحتكاك مكنته من إثبات ذاته في مجال التمثيل المسرحي، ورغم الظروف المحيطة بواقع المسرح بمدينة برج منايل، إلا أن التحدي هو شعاره الذي لن يتخلى عنه، ويرى بن دية أن كل تلك العراقيل التي صادفته رفقة أعضاء تعاونية النهضة المنايلية لن توقف المسيرة التي أسس لها مجموعة من الرفاق. وبالرغم من ولعه بالفن المسرحي، فإن أفاقه الدراسية هي المبتغى لأن العلم هو أساس الحياة، والمسرح هو نوع من العلوم يجب على المسرحي أن يكون مثقفا حتى يتمكن من تأدية الرسالة بإخلاص وتفانٍ.
– ياسين بن دية ممثل مسرحي في بداية الطريق، كيف بدأت المسيرة وإلى أين الاتجاه؟
* لا أخفي سرا إن قلت إن في ذات كل إنسان ممثل بارع كل على طريقته، ولكن يجب أن يحظى بالرعاية والمتابعة حتى يكتشف ما بداخله، وربما كنت أنا من بين المحظوظين الذين سنحت لهم الفرصة باكتشاف ذواتهم وموهبتهم في فن المسرح، وأعتقد أن محيطي ورفاقي هم من ساعدوني على إثبات مكانتي في المسرح، وخاصة الأستاذ إبراهيم نفناف والمجموعة ساهموا بقسط كبير في تطوير موهبتي في التمثيل واكتساب المعرفة في المجال، وهذه البداية أعتقد أنها مشجعة إلى حد بعيد. وبما أنني مدمن على المسرح، فإن هدفي هو مواصلة المسيرة بامتياز ومحاولة التعلم واكتساب الخبرة دون أن أحيد عن طريق العلم ومواصلة دراستي لأن الفنان المتعلم سوف يتمكن من إيصال رسالته بوعي كبير ومسؤولية أكثر.
– أنت الآن ممثل هاوٍ والطريق نحو الاحتراف يتطلب جهدا أكبر ومتابعة؟
* صحيح الاحتراف هو الوصول إلى مستوى معين ومكانة أرقى، لكن ذلك لا يمنع أي فنان من أن يرتقي إلى ما يريد، لأن العمل والجهد والاحتكاك هما الدرب الصحيح لبلوغ الهدف، ولذا أنا دائما أحاول أن أستفيد ممن هم أرفع وأرقى مستوى حتى أتمكن من الاستفادة من تلك المعلومات لأصل إلى مبتغاي، وأرى أن الاحتراف ليس بالشيء الصعب، لأن الإنسان بطبعه إن أراد أن يحقق ما يريد، فما عليه سوى أن يتعلم ويخلص في مهامه حتى يبلغ هدفه.
– قدمت أدوارا عدة في مختلف المسرحيات، أي الأدوار أقرب إلى شخصيتك؟
* شخصيا لا يمكنني رفض أي دور يليق بي، والفنان يجب أن يتقمص كل الأدوار التي تمكنه من إيصال رسالته للمجتمع، وعليه فإن الأدوار هي جزء من شخصية مواطن في هذا المجتمع وعلى الفنان أن يكون واحدا من هذا المجتمع حتى يمكّن المتلقي من فهم ما يدور حوله، الشخصية في المسرح هي دور أي إنسان آخر في زمن ما ومكان ما، وعليه فكل شخصية تقدم ما أراه مطابقا للواقع يمكنني تقمصها في إطار المبادئ والأخلاق، لأن المسرح أخلاق وتربية ودروس يمكننا أن نتعظ بها إن كانت خيرا ونتجنبها إن كانت عكس ذلك.

– مؤخرا نلت أحسن جائزة ممثل في المهرجان الوطني للمونودرام بأدرار، أليس كذلك؟
* أعتقد أن هذه الجائزة جاءت تتويجا لجهد قدمته رفقة فرقة النهضة المنايلية لبرج منايل، وتعد هذه الجائزة تحفيزا شخصيا لي ولكل المجموعة للعمل أكثر والمواصلة، وأعتقد أن التتويج هو باب آخر يضعني أمام مسؤولية أكبر وهي العمل بجد وتفان، حتى أمكن لنفسي من متابعة المسار بامتياز، ولا شك أنه كلما وجد الفنان نفسه في الواجهة، فما عليه إلا أن يواصل العمل بجدية واهتمام حتى يرقى إلى الأعلى، وتتويجي بهذه الجائزة هو تتويج لكل الذين وقفوا إلى جانبي.
– ما دمت تتحدث عن العمل والجد ومواصلة التألق، هل تعتقد بأن هناك تحفيزات للمسرحيين والمثقفين بشكل عام تمكنهم من العطاء؟
* على مستوى التحدي الشخصي نعم، لأنني أرى أن الشباب لديه العزيمة والإرادة، وله من القدرات الشخصية أن يقدم ما لا يخطر على بال، أما عن المحفزات فلا يمكننا الحديث عنها إطلاقا، فالفرق المسرحية التي لا تجد مكانا لتمريناتها بسبب إهمال المسؤولين وتهميشهم، قد يعطل مختلف الأهداف المرسومة والفرقة المسرحية التي أنشط بها حاليا ببرج منايل (النهضة المنايلية) لا تجد مكانا لتدريباتها، فالقاعة التي كنا ننشط بها لم تعد كذلك، وتحولت إلى مكاتب إدارية، كما أن مهرجان المسرح لم يعد له وجود بسبب غياب القاعة أيضا، وأعتقد أن العديد من المسؤولين لم يعد اهتمامهم بالفعل الثقافي على الاطلاق، بالرغم من أن النشاط الثقافي في أي مدينة مهم جدا، فالتوعية والأخلاق تكتسب داخل الجمعيات والنشاطات وتساهم في محاربة العديد من الآفات الاجتماعية، والمسرح دواء لمختلف الآفات، ولذا نود أن يتحمل كل مسؤول مسؤوليته، لأن الجميع مطالب بالمساهمة في بناء هذا الوطن، كل من منصبه ومكانته بتذليل كل العقبات أمام النشطاء في مختلف المجالات وفسح المجال أمامهم للمساهمة.
– بالرغم من ذلك نرى أن تعاونية النهضة المنايلية ما تزال تواصل عملها المسرحي، هل هو تحدي أم أن هناك ظروفا ساعدتها على البقاء؟
* صراحة التحدي الحقيقي هو تحدي الذات، والإرادة الحقيقية وحب المسرح هما من مكنا الفرقة المسرحية من عدم الاستسلام للواقع المر، هناك العديد من الفرق المسرحية ببرج منايل انسحبت بفعل الظروف السالفة الذكر، لكن تعاونية النهضة ما تزال تواصل مسيرتها بتحدي رجالها وحبهم للمسرح بدليل أن الفرقة مؤخرا جابت العديد من الولايات، وقدمت عروضا كثيرة لاقت استحسان الجمهور، وهو ما يجعلنا نقول إن غايتنا هي تفعيل الساحة الثقافية ومواصلة العمل ومحاولة تجاوز العراقيل.

– ما هي المشاريع المستقبلية، ما دامت كل هذه الإرادة موجودة لديكم؟
* على المستوى الشخصي ما يزال الكثير أمامي لأن بلوغ الأهداف لن يكون إلا بالعمل والمثابرة، وهدفي أن أواصل دراستي إلى أن أبلغ ما أرجوه، أما في مجال المسرح فلا شيء يوقف موهبتي، دائما أسعى إلى الأفضل والعمل أكثر وهذا الطريق رسمته ولن أحيد عنه، ونحن الآن بصدد تحضير عمل جديد تحت عنوان (الهيام) ونتمنى أن نكون حاضرين العام المقبل في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وحاليا نواصل عروضنا المسرحية في مختلف مناطق الوطن، وهذا يجعلنا نصل إلى كل محبي أعمالنا.
– آخر كلامك؟
* لا يسعني إلا أن أشكر كل زملائي وكل من شجعني ووقف إلى جانبي، ابراهيم نفناف، محمد سبان، فلة فايد، محمد كراغل، سليم شندري ومحمد تغرغار، لأن هذه المجموعة تحولت إلى أسرة مما جعلها تواصل المسيرة بامتياز، كما أود أن تنفض السلطات المحلية الغبار عن الثقافة بهذه المدينة التي لها الكثير من الكفاءات، والتاريخ رصد العديد من الأسماء الفنية والثقافية، وعليه نتمنى أن تعود هذه المنطقة إلى زمنها المعهود المعروف بالنشاط الثقافي، متمنيا أن تكون رسالتي قد وصلت.