تعرف تجارة المكيفات انتعاشا ملحوظا بحلول فصل الصيف واشتداد درجة الحرارة، بحيث يتهافت معظم المواطنين لاقتناء المكيفات خاصة بعدما أضحى شهر رمضان المبارك يأتي تزامنا مع هذا الفصل.. هذا الجهاز الذي
تعدى حدود الاستعمال المنزلي، حيث أصبح أغلب المواطنين يستخدمونه في كل الأماكن في السيارات، المراكز التجارية، دور العبادة والمحلات دون إدراك ما يسببه من أضرار صحية.
المكيف.. الجهاز الحاضر بقوة في محلات الأجهزة الكهرومنزلية
قامت “الموعد اليومي” بالتجول في منطقة الحميز المشهورة بمحلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية، فوجدنا حضورا قويا ولافتا للمكيف في هذه الفترة بمختلف ماركاته العالمية والمحلية والذي يتابين سعره حسب نوعيته وطاقته التبريدية، كما لاحظنا أن معظم باعة المحلات عمدوا إلى تشغيل مكيفات في محلهم للتوضيح للعيان جودة المكيف وتقنياته المتعددة. كما جلب نظرنا في جولتنا هذه وجود عدة ألوان للمكيف بعدما كان مقتصرا سابقا على اللون الأبيض لتناسب جميع الأذواق..
اقتربت “الموعد اليومي” من “حميد” صاحب محل للأدوات الكهرومنزلية في الحميز الذي قال إنه قام بوضع بعض المكيفات أمام محله وذلك لجلب الزبائن لما تعرفه هذه الفترة من ازدهار في تجارته منبها إلى ضرورة توخي الحذر من اقتناء الأجهزة المقلدة التي تجلب المواطن بانخفاض سعرها وضرورة معرفة العلامة.
“إلياس” أيضا صاحب محل أجهزة كهرومنزلية في الحميز قال إن مبيعات هذا الجهاز تحتل الصدارة في فصل الصيف، مضيفا أن معظم المواطنين يدخلون إلى المحل للسؤال عن سعر المكيفات، مشيرا أن المواطن أصبح واعيا يعرف معظم الماركات العالمية والمحلية، كما قال أيضا إن طلبات الزبائن تتنوع بتنوع الرغبة والميزانية، فمنهم من يأتي باحثا عن المكيفات الألمانية ومنهم من يطلب المحلية ومنهم من يشتري بالتقسيط.
شهر رمضان رفع مؤشر الإقبال
تزامن قدوم شهر رمضان هذه السنة مع بداية فصل الصيف جعل أغلب العائلات الجزائرية تتأهب لهذا الشهر الفضيل باحثة عن مكيفات هوائية للتخفيف من وطأة الحر التي عرفتها بعض أيام هذا الشهر الكريم، حيث بلغت درجات الحرارة ذروتها، وبالتالي فرضت المكيفات الهوائية نفسها على ميزانية العائلات الجزائرية التي تهافتت على شرائه بطريقة الدفع الكلي المباشر أو بالتقسيط، وذلك من خلال دفع 10 بالمائة من المبلغ وتقسيط الباقي بواسطة صكوك بريدية بقيمة الأقساط الباقية، حيث يقول “طاهر” وهو موظف حكومي وأب لثلاثة أولاد إنه فكر في اقتناء مكيف هوائي لمنزله وقام بتخصيص ميزانية خاصة به طوال الأشهر السابقة حتى تتمكن عائلته من الصيام وقضاء الصيف في جو منعش.
المكيف “اختراع لا يمكن الاستغناء عنه”
أجمع أغلب المواطنين الذين تحدثت إليهم “الموعد اليومي” على أن المكيف لم يعد من الكماليات بل أضحى من الضروريات، خاصة وأن فصل الصيف بات يعرف ارتفاعا مشهودا لدرجات الحرارة في السنوات الأخيرة.
“محمد” شاب في الثلاثينيات من العمر قال لنا “لا يمكنني تجاوز الفترة الصيفية دون مكيف، فهو بمثابة الشيء الأساسي لي الذي يجب أن يكون حاضرا في كل مكان أقصده”.
“كريم” في الثامنة عشر من عمره قال “الله يرحم الذي اخترع المكيف”، واصفا موجات الحر التي تأتي في فصل الصيف بجهنم التي يصعب تحملها.
“نجيبة” أيضا قالت إنها لا تطيق ارتفاع درجات الحرارة لأنها تعاني من التهاب في المعدة، ما يجعل المكيف أمرا يصعب الاستغناء عنه في هذا الفصل مضيفة أنه بمثابة طوق النجاة لها.
“حسام الدين” له نفس رأي السابقين، حيث قال لا يمكن أبدا تحمل لفحات الحر دون استعمال المروحية أو المكيف، مضيفا أنه اقتنى مكيفا متنقلا صغيرا لوالدته التي ترقد في إحدى المستشفيات والتي تعاني من أمراض متعددة، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة زاد من تأزم حالتها الصحية ما دفعه لاقتناء واحد خاص بها.
سكان الأحياء الفوضوية…. الفئة الأكثر اقتناء
يعتبر سكان الأحياء الفوضوية المنتشرة في عدة مناطق في الجزائر العاصمة الأكثر اقتناء لهذا المكيف وذلك لطبيعة المنازل لتي يقطنونها، والتي تتكون أسقفها من الـ “ترنيت” الذي يعكس أشعة الشمس بدرجة كبيرة، ما يجعل المكوث في هذه البيوت في هذا الفصل شيئا من المستحيلات، ما دفع سكان هذه الأحياء لاقتناء هذا الجهاز بغية التقليل من درجة الحرارة ومساعدة أنفسهم وعائلاتهم على تحملها، وعلى رغم استنكار البعض وجود مكيفات في هذه الأحياء على اعتبارها من الكماليات التي لا يحق لهؤلاء السكان اقتناءها إلا أن الواحد منا لا يمكنه الصمود في هذه المنازل لمدة بسيطة دون البحث عن مخرج للبرودة والهواء المنعش، فـ “زهير” الذي يقطن في أحد هذه الأحياء قال لنا إن ظروف العيش في هذه النوعية من المنازل صعبة ويزداد الأمر تعقيدا في فصل الصيف، حيث يستحيل البقاء في المنزل دون البحث عن وسيلة تلطف الجو، ما دفعه للاشتراك مع والده لشراء مكيف للمنزل قصد التخفيف من معاناة الحر،
“سمية” أم لخمسة أطفال أيضا تقطن في حي فوضوي قالت إن الحرارة لا تطاق في المنزل خصوصا عند الظهيرة، واصفة المنزل أنه يصبح كالحمام الذي تنعدم فيه سبل التهوية، مضيفة أن المروحية لا تفي بالغرض لأن طبيعة المنزل وارتفاع درجة الحرارة يجعلها تصدر هواء ساخنا قائلة إنه لا سبيل للتخلص من هذه المعاناة سوى بالمكيف، وعن سؤالنا أن البعض يستغرب وجود هذا الجهاز في كذا مناطق، أجابت من يستغرب يأتي ويجرب العيش هنا ثم يتحدث.
فتيات يطلبن المكيف في جهازهن
وفي خضم استطلاع الرأي الذي قامت به “الموعد اليومي” حول المكيف وازدهار ثقافته في أوساط المجتمع الجزائري، فوجئنا بآراء البعض الذين قالوا لنا إن الفتيات بتن يطلبن المكيف في جهازهن، فخالد الذي بلغ العقد الثالث من عمره وهو مقبل على دخول القفص الذهبي، قال إن خطيبته طلبت منه اقتناء مكيف في منزلهما الجديد، وأضاف أنه يؤيدها في الرأي، حيث قال إن البرودة يمكن تحملها ولها طرق عدة للتخفيف من شدتها عن طريق الألبسة الصوفية والمدافئ، أما الحرارة فلا سبيل للتخفيف من شدتها سوى بالمروحية أو المكيف.
“زينب” شابة في العشرينات ولم يبق على إقامة حفل زفافها سوى أيام معدودة، قالت إنها فرضت على زوجها المستقبلي شراء مكيف حتى يكون المنزل فعلا مكانا للراحة والعيش الرغد على حد تعبيرها، مضيفة أن لفحات الحر لا يمكن مقاومتها سوى بالمكيف لأن المروحية لا تفي بالغرض.
العواقب الصحية لاستعمال المكيف
انتشر استعمال المكيف الهوائي انتشار النار في الهشيم، حيث كانت معظم العائلات الجزائرية تستعمل المروحيات دون التفكير في المكيف الذي كان مقتصرا على العائلات الميسورة الحال، لكن الآن أصبح جل الجزائريين يفكرون في اقتنائه باعتباره ضروريا لا كماليا خصوصا مع اشتداد موجات الحر في السنوات الأخيرة، وبالتالي انتشار ثقافة المكيف وسط العائلات الجزائرية دون إدراك مخاطره الصحية، حيث أثبتت دراسة علمية نشرتها مجلة “توب سانتيه” في عددها الأخير أن المكيفات تسبب امراض العيون والمفاصل والجهاز التنفسي، وذكرت ذات الدراسة أن المكيفات تنتج هواء باردا يحمل معه الرطوبة يؤدي بدوره إلى حدوث التهابات رئوية حادة لمن يعانون من أمراض رئوية سابقة ومرضى الربو وضيق في القصبات الهوائية سواء كان المتعرض نائما أو مستيقظا، مشيرة إلى أن معظم الجراثيم المسببة لأمراض الجهاز التنفسي تنشط في درجات الحرارة المنخفضة. كما تؤكد الأبحاث أن النوم في غرف مكيفة لساعات طويلة يفضي إلى ارهاق وتعب وشد عضلي خاصة في أعضاء الجسم التي كانت أكثر عرضة من غيرها.