أصدرت الروائية الواعدة ناهد بوخالفة روايتها الموسومة بـ “رسائل أنثى”، ذات أحداث مجتمعاتية متسلسلة عميقة الأهداف موغلة في الواقع، قريبة من السيرة الذاتية لأي امرأة تعيش زمن التناقضات والتحدي في الآن ذاته، تفاصيل جميلة لرواية تستحق القراءة لوفرة التشويق والسرد الجميل والأسلوب غير الممل، حيث لا تكرار فيها، بل تسير الرواية بوتيرة سريعة خفيفة بنكهة قصصية عذبة، تابعونا في حوار شيق مع كاتبتها ناهد بوخالفة..
الموعد اليومي: كيف يوقع القارئ إعجابه بالكتاب؟
ناهد بوخالفة: المقروئية هي بحد ذاتها توقيع إعجاب القارئ بالكتاب.. نرى ذلك أيضا في تأثير الكتاب نفسه على القارئ والمجتمع ككل ..كأن يكون العمل الأدبي منارة للعلم أو تأريخا لأحداث معينة .. هناك روايات غيرت فكر الكثيرين وأخلاقهم، أيضا قصائد أُتّخِذت كمنابر علم وتأريخ، نذكر كمثال جيد قصائد كثيرة للسير النبوية.. أيضا كتاب (أساطير لافونتين) للشاعر الفرنسي جان دو لافونتين، ضمّت أجمل القصص الإنسانية وأكثرها حكمة على لسان الحيوانات التي استخدمها الكاتب لِيَكون أكثر حريّة في معارضة ونقد الأنظمة السياسية الظالمة على غرار أساطير إيسوب للقاص الإغريقي ايسوب التي ما زالت تبث إلى يومنا هذا في التلفزة كرسوم متحركة وقصص ورقية يحبها الأطفال..يقتبسون منها الأخلاق والقيم الاجتماعية الطيبة.
– هل وصلت الملتقيات إلى ما يطمح إليه الكاتب؟
* سأتحدث بصراحة عن الأمر في نطاق ولايتي (تبسة).. مؤخرا لم تعد الملتقيات بتلك الكثافة والازدهار الذي كانت عليه في السابق، عدا بعض الدبيب الثقافي الذي يحظى باهتمام بعض الغيورين على الأدب التبسي الذين يحاولون بشتى الطرق لمّ شتات أدباء الولاية رغم أن الأمر يستدعي بعض التمويل المادي، لكن هذا لم يمنعهم من محاولة إحياء الحرف. فقط أذكر ملتقى وحيد لا يزال صامدا أمام كل هذه الظروف هو الأيام الأدبية التي تقام كل سنة.
– ما مدى الهوة بين النقد والانتقاد؟
* للأسف (بعض) النقاد يركزون أكثر على شخصية الكاتب دون الالتفات إلى أسلوب ولغة الرواية وتماسك أحداثها ومنطقية تسلسلها ..بل يهاجمون شخصية الكاتب أو مثلا يخضعون العمل الأدبي إلى تأويلاتهم الخاطئة كأن يحولوا الرواية في أذهانهم إلى سيرة ذاتية للكاتب نفسه.. كذلك يتحول أيضا نقدهم إلى مهاجمة واستهزاء.. فكلنا نعلم أن النقد هو تقييم العمل بمعزل عن صاحبه بطريقة منهجية من طرف ذوي الاختصاص، لكن حين يصبح الأمر تطاولا وتجريحا، فهذا قد يثبط من عزيمة الكاتب ويعرقله.. النقد أمر ايجابي في الأصل لكن بعض النقاد يتصرفون جراء فعل عاطفي منحاز يختار جزئية أو وجهاً واحداً يؤكد مواقف وأفكاراً مسبقة!! دون حتى الاطلاع على الورق…. برأيي الانتقاد هو شغف إلى الوعظ والتعرية والتشهير وممارسة الوصاية على الأدب .. أما النقد الحقيقي هو لمس الايجابيات قبل السلبيات وذكرهما معا لتشجيع الكاتب وإبراز مكامن أخطائه في آن واحد.. ناهيك عن الاعتقاد السائد بين شريحة النخبة والأكاديميين مفاده أن الشهادة الأكاديمية هي شرط مهم من شروط نجاح الكاتب.. وهذا على العكس تماما حيث نرى أن هناك أكاديميين لهم شهادات سامية في مجال الأدب وكتبهم لا تجد طريقها إلى قلوب القراء. الكتابة موهبة؛ لا ننكر كلنا أنها تكون أكثر جودة بالضلوع في دهاليز لغتنا الجميلة، لكن هي في الأساس تصقل بالمطالعة والبحث المستمر وعدم تكرار الأخطاء .. أيضا معظم الكتاب الكبار يعرضون كتبهم ورواياتهم قبل النشر إلى مدققين لغويين..هذا لا يعني عدم استحقاقهم لقب كتاب..لكن الذهب حين يُنقَّب عنه.. يطلق عليه اسم ذهب في كل أحواله سواء منقّى أو خام.
– ماذا قدم لك العالم الافتراضي؟
* صراحة العالم الافتراضي أكثر رأفة لحال الحرف من الواقع..هو وفّر لنا المنابر والمتلّقين.. وعزز التواصل بين المبدعين وجعل صيت الكاتب يصل بسرعة أكثر للقراء والمهتمين بهذا المجال.
– ماذا بعد رسائل أنثى؟
* حاليا أنا بصدد كتابة رواية بعنوان قوارير الراوي فيها رجل شاب. أيضا أحاول اتمام مجموعة قصصية..نسأل الله التوفيق.
– لمن تقرأ ناهد؟
* قرأت كثيرا لنجيب محفوظ ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس أيضا المنفلوطي .. مستغانمي وكثيرين في الساحة الأدبية سابقا وحاليا.. أما عن آخر ما قرأت فهو رواية (في قلبي أنثى عبرية) لخولة حمد وحاليا أحاول اتمام رواية بعنوان “برهان العسل” للكاتبة سلوى النعيمي.
– ماذا تضيف الروائية ناهد بوخالفة؟
* كل الشكر لجريدة الموعد اليومي وصفحة وجدانيات راعية إبداعاتنا..