احتضنت قاعة دار الثقافة عرض المسرحية العراقية “المفتاح”، من تأليف مثال غازي وإخراج أسامة السلطان، في تجربة مسرحية جمعت بين واقعية النص وعمق الرمز، وقدمت للجمهور لحظة فنية مفعمة بالتأملات الإنسانية.
تدور أحداث العمل حول سجين سياسي يعود إلى منزله بعد سبعة عشر عاماً من الاعتقال، محتفظاً بمفتاح البيت الذي صودر كرمز للأمل والتمسك بالذاكرة، غير أن اللقاء مع البيت يتحول إلى مواجهة مع الذات والماضي، ليفتح الباب أمام تساؤلات عن علاقة الفرد بوطنه وتاريخه. تميز العرض بمسار درامي يبرز التحول الداخلي للشخصية الرئيسية، إذ ينتقل البطل من الغضب والرغبة في الانتقام إلى دعوة صريحة للمصالحة، في إشارة إلى أن التسامح يمكن أن يكون بديلاً للحقد ومدخلاً لبناء مستقبل مشترك. وقد اعتمد المخرج أسامة السلطان على مقاربة إخراجية تمزج بين الواقعية والرمزية، فاستند إلى ديكور واقعي وأثاث حقيقي يمنح المشاهد صدقية كبيرة، مع توظيف تقنيات الميتا مسرح التي أسهمت في تكثيف الإيقاع وإثراء الجانب البصري، إضافة إلى تجسيد شخصية الزوج الغائب في عنصر رمزي أضاف بعداً دلالياً جديداً، وجعل المشاهد يتنقل بين الواقع والفانتازيا فيما يشبه الواقعية السحرية. بعد العرض، أوضح المخرج أن “المفتاح” ليس مجرد عمل مسرحي بل رسالة إنسانية تدعو إلى الحوار والمحبة والتسامح، مؤكداً أن الحياة لا يمكن أن تستقيم بالكراهية وإنما بالصفح والمصالحة، وأن المسرح فضاء للحلم وإعادة تشكيل الواقع، والغاية التي أراد أن يحملها المشاهد معه هي أن التسامح هو المفتاح لحياة أكثر إنسانية وأقل صراعاً. وقد تفاعل الجمهور بحرارة مع النص والأداء والإخراج، مثمناً الطابع الإنساني للمسرحية وقدرتها على الجمع بين قوة المعنى وجماليات الفن.
حاء/ع