المفاتيح الأربعة للسعادة

المفاتيح الأربعة للسعادة

المفتاح الأول: الصلاة: الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، والصلة التي بينك وبين الله، فلا تقطعها، بل تمسَّك بها، وذكِّر بها أهلك وإخوانك، ففيها الخير والرزق؛ قال تعالى: ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ” طه: 132، فإن قطعتها فاعلم أنه قُطع عنك الخير والرزق، وتخبَّطت في وحل الشهوات؛ قال تعالى: ” إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ” العنكبوت: 45. فالصلاة نورٌ وبرهان، وتطهير من الخطايا، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمسًا، هل يبقى من درنه شيء؟”، قالوا: لا يبقي من درنه شيئًا، قال: “كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا”.

المفتاح الثاني: بر الوالدين: الوالدان نعمة من الله تعالى لا يعرف قيمتها إلا مَن ابتُلي بفقدهما، أو بفقد أحدهما، فهما جنة في الدنيا تجني ثمارها في الدنيا قبل الآخرة؛ قال تعالى: ” وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” الإسراء: 23، فقرَن الله إحسانك لوالديك بعبادته وتوحيده، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على _عظيم شأن بر الوالدين، فهذا التابعي الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة هو بها برٌّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، وكان به بياض فبَرِئ، فمُروه فليَستغفر لكم” رواه مسلم. وبالمقابل حذَّرنا الله من العقوق بأقل وأدنى مراتب الأذى، في قوله تعالى: ” فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ” الإسراء: 23، تأمل كلمة “أُف” من حرفين فقط، من قالها فقد عقَّ والديه، فكيف بمن زاد على ذلك!

المفتاح الثالث: ذكر الله: هي جنة في صدرك وطُمأنينة قلبك؛ قال تعالى: ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” الرعد: 28، بل إن هذا الذكر حياة لك، فالحياة الحقيقة ليست أنك تقوم وتقعد وتأكل، وتغدو وتروح، ويجري الدم في عروقك، لا، بل هي حياة قلبك؛ قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: “مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربَّه، مثلُ الحي والميت”،  فمن أسباب الهموم وضيق الصدر: غفلتُك عن ذكر الله والإعراض عنه؛ قال ابن القيم: “وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضِيقِ الصَّدْرِ: الْإِعْرَاضُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ، وَالْغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَمَحَبَّةُ سِوَاهُ”.

المفتاح الرابع: الصحبة الصالحة: من الكنوز التي لا تفنى ويبقى أثرها معك في الدنيا والآخرة: الجليس الصالح، وبالعكس جليس السوء، وقد ضرب لنا رسول الله المثل بقوله عليه الصلاة والسلام: “إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ، فحاملُ المسك: إِما أن يحذيكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير؛ إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحًا خبيثَة” رواه البخاري، ومسلم.