العطش يكشف هشاشة التنمية وصرخات تفضح فشل السياسات المائية

المغاربة ينهزمون للعطش.. أزمة مائية تُخرج الآلاف إلى الشارع وسط صمت المخزن

المغاربة ينهزمون للعطش.. أزمة مائية تُخرج الآلاف إلى الشارع وسط صمت المخزن

تتواصل معاناة عدد من المناطق المغربية مع أزمة العطش، في ظل تراجع مقلق لمنسوب المياه في السدود، حيث لم تتجاوز نسبة الملء الإجمالية منتصف أوت الجاري 34.64%، ما يعادل 5.8 مليار متر مكعب فقط من إجمالي السعة الوطنية.

هذه الوضعية المائية الصعبة، دفعت العشرات من المغاربة في عديد المناطق منها بإقليم تاونات إلى الخروج في وقفة احتجاجية بساحة الفرس، للمطالبة بحقهم المشروع في الحصول على الماء الصالح للشرب، ورفع التهميش الذي يرزحون تحته منذ سنوات. الوقفة جاءت كتعبير صارخ عن الغضب الشعبي المتصاعد في وجه أزمة عطش متكررة، تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب سوء التسيير المحلي والوطن،. وقد ردد المحتجون شعارات تندد بانقطاع الماء، وتدهور البنية التحتية، وغياب مستشفى يليق بالساكنة التي تعاني من الهشاشة والإقصاء. وأفادت مصادر محلية، أن أزمة الماء ليست جديدة، بل تعود لسنوات طويلة، حيث تعيش العديد من الأسر بتيسة دون شبكة توزيع مستقرة، مما يدفعها إلى شراء الماء من المتاجر بأسعار باهظة، أو التزود من الآبار البعيدة في ظروف غير آمنة. إضافة إلى ذلك، تشكل الهجرة الداخلية إحدى أبرز تبعات هذه الأزمة، حيث يغادر العديد من شباب المنطقة نحو المدن الكبرى، هربًا من الظروف الصعبة وغياب أدنى مقومات العيش الكريم، خاصة مع ندرة الماء التي تجعل الحياة القروية شبه مستحيلة. لكن الأزمة لا تقف عند حدود السكن فقط، بل تطال القطاع الفلاحي أيضًا، وهو ما يُعمق الهشاشة الاقتصادية، فالفلاحون الصغار، الذين يعتمدون على الزراعة المعيشية، يعانون من نقص مياه السقي وجفاف المراعي، مما يؤدي إلى تقلص الإنتاج وتراجع دخل الأسر، في ظل غياب دعم حقيقي أو بدائل ناجعة. ويحذر خبراء في المجال المائي من أن الاعتماد العشوائي على حفر الآبار يفاقم استنزاف الفرشة المائية، ويهدد الاستقرار المستقبلي للمنظومات البيئية والاجتماعية، مطالبين بسياسات مائية عادلة ومستدامة. في مقابل هذا الواقع، يسود صمت حكومي لافت، وسط غياب خطط واضحة للتعامل مع الأزمة، ما يضع تساؤلات حقيقية حول مدى جاهزية حكومة المخزن لمواجهة تحديات الإجهاد المائي، وضمان الحق الدستوري في الماء كشرط أساسي للكرامة والعيش الكريم. وبينما يشتد الخناق على قرى مثل تيسة، يبدو أن العطش في المغرب لم يعد مجرد أزمة موسمية، بل أصبح مؤشراً مقلقاً على هشاشة المنظومة التنموية، وجرس إنذار يستدعي تحركًا عاجلاً وشاملاً قبل فوات الأوان.

أ.ر