المعاصي تمحق بركة العمر

المعاصي تمحق بركة العمر

اجتمعت كلمة أهل العلم وأرباب السلوك على أن المعاصي والذنوب لها أثر عجيب على قلب العبد وجسده، وعلى دينه ودنياه، وعقله وبدنه، وعمره وعمله، وأن أثرها في القلب أعظم من أثر المرض على البدن وعافيته. وذكر أهل الفضل أن المعاصي تمحق البركة من كل ما حولها، ومما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه “الداء والدواء” فصلٌ في أن المعاصي تمحق البركة، فقال رحمه الله ومن عقوباتها: “أنها تمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاعة.. وبالجملة أنها تمحق بركة الدين والدنيا”. ولابد في البداية أن يعلم العبد أن عمره هو رأس ماله الذي يتاجر فيه مع ربه، وهو كنزه الذي يشتري به جنة الخلد ورضا الرب، فإذا ضاع هذا العمر في غير ما وضع له كانت هي الخسارة التي لا تعوض ولا تضاهيها خسارة أصلا.. وعند السؤال يظهر الربح من الخسران.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وماذا عملَ فيما علِمَ” صحيح الترمذي.
ومن هنا يبدأ فهم كيف تمحق المعصية بركة العمر.. فإن ذلك يكون من عدة جهات:
الأولى: المعاصي تأكل ثواب الطاعة ذلك أن العبد يعمل الطاعات زمنا طويلا، ويحرص أن يحقق فيها كل أسباب القبول وشروط الرضا، ويقبلها الله سبحانه منه، ثم يأتي يوم القيامة ويرى ثوابها في الميزان، ثم لا يلبث أن تأتي معاصي عملها في الدنيا فيها حقوق للعباد، وظلم للناس، وأكل أموالهم بالباطل، وسفك دماء.

ثانيا: المعاصي تدعو لأمثالها: قال بعض السلف: “إن من عقوبة السيئة السيئةَ بعدها”.. ذلك أن المعاصي يولِّد بعضُها بعضا، ويدعو بعضُها إلى بعض، حتى يألفها القلب، فتصير له عادة ثابتة، وهيئة راسخة، وصفة لازمة، فيعز على العبد مفارقتها والخروج منها،
ثالثا: أن المعصية تضعف إرادة التوبة فإن الذنوب إذا تكاثرت على قلب صاحبها، غلفته بالرَّان والصدأ، وهو قوله تعالى “كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ” المطففين:14.

من موقع إسلام أون لاين