إن الواحد منا لما يتأمل في حال الناس في هذا الزمان، لا شك أنه سيلحظ أن البركة قد فُقدت عند الكثير منهم، رغم أنهم دائمًا يدعون بها في المناسبات، والنجاحات، وغيرها، والطامة الكبرى أن غالب الناس لا يتنبه إلى فقدها، ولا يحزن على فقدها، فضلًا عن أن يعمل أسباب تحصيلها. ولو استعرضنا حالنا اليوم حينما نُزعت منا البركة، والله لوجدنا ما يُحزن: الذرِّيةُ التي يقول الله تعالى عنها: ” الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ” الكهف: 46، صارت عند بعض الناس مصدر شقاء ومتاعب، لماذا؟ لأنه لم يُبارَك فيهم. الزوجة التي يقول الله عز وجل عنها في كتابه: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ” الروم: 21، لا ألفة، ولا مودة، ولا رحمة، المشاكل، والخلافات، والمحاكم، لماذا؟ لأنه لم يُبارَك فيها. المال نُزعت منه البركة؛ الشخص دخلُه في الشهر الآلاف أو أقل أو أكثر، يأتي آخر الشهر لم يبقَ منه شيء، لا يدري كيف صرفه. أعمارنا، تمر السنة والسنتان والعشر، والواحد منا لم يتجاوز مكانه، في عبادته، في علمه، في حفظه لكتاب الله، في تفقهه في دينه، وإن تقدم فشيئًا يسيرًا، يعيش الواحد منا ستين وسبعين سنة، وربما لم يحفظ ربع حزب من القرآن، لماذا؟ لأنه لم يبارك في عمره. والسؤال الذي يطرح هنا: ما السبب في نزع البركة؟
السبب الأول: كثرة المعاصي؛ فالمعصية لها أثر كبير في مَحقِ البركة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه”. قال ابن القيم رحمه الله: “ومن عقوبة المعاصي: أنها تمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاعة”.
السبب الثاني: أكل المال الحرام بشتى صوره، وأعظم ذلك وأكبره أكل الربا، وما أكثر من يتعامل بالربا في زماننا! يقول سبحانه وتعالى: ” يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ” البقرة: 276.
السبب الثالث: منع الزكاة؛ فلا يدفعها، أو يبخل بها، أو يخرجها من غير طيب نفس، أو يتجاهلها؛ فمنعها والتساهل بها من أعظم أسباب محق البركة.
من موقع الالوكة الإسلامي