رغم تأجيل ملتمس الرقابة ضد الحكومة ووسط أزمة معيشية خانقة

المعارضة تُلوّح بورقة حجب الثقة.. حكومة المخزن في مرمى الغضب الشعبي

المعارضة تُلوّح بورقة حجب الثقة.. حكومة المخزن في مرمى الغضب الشعبي

تزداد الساحة السياسية المغربية اضطراباً مع اتساع رقعة السخط الشعبي واحتدام النقاش البرلماني، فيما تتّجه أربعة أحزاب معارضة نحو تفعيل ملتمس رقابة برلماني ضد حكومة عزيز أخنوش، احتجاجاً على ما تعتبره “فشلاً واضحاً” في الاستجابة لمطالب الشارع وتدهور الأوضاع المعيشية.

ورغم إعلان تأجيل تقديم ملتمس حجب الثقة، إلا أن القرار لا يزال قائماً، مما يشير إلى أن الضغط السياسي على حكومة “المخزن” قد دخل مرحلة متقدمة من التوتر والمساءلة. في هذا السياق، نقل موقع حكومي أن كتل الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتقدّم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، قررت تأجيل جمع التوقيعات اللازمة لتفعيل مسطرة حجب الثقة، دون أن تحدد موعداً بديلاً، وأكدت مصادر من داخل المعارضة أن الخطوة لا تعني التراجع، بل ترتبط بجدولة برلمانية ظرفية، فيما يبقى القرار السياسي قائماً كأداة ضغط حقيقية. المعارضة تستند في تحركها إلى مقتضيات الفصل 105 من الدستور المغربي، الذي يتيح لأعضاء مجلس النواب تقديم ملتمس رقابة شريطة توقيعه من طرف خُمس النواب على الأقل (79 نائباً)، والتصويت عليه من قبل الأغلبية المطلقة (198 من أصل 395). الأرقام وحدها تكشف عن صعوبة إطاحة الحكومة، لكنها لا تنفي رمزية المبادرة السياسية التي تقودها المعارضة في سياق محتقن اجتماعياً. وقد ازداد زخم هذا التحرك بعد التحاق المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بالمبادرة، حيث صادقت الأمانة العامة للحزب، بقيادة عبد الإله بن كيران، على المشاركة، معتبرة إياها خطوة دستورية تكرّس الممارسة الديمقراطية وتعيد الحياة للنقاش العمومي، وشدد الحزب على أن حكومة أخنوش فشلت في تنفيذ البرنامج الذي صوّتت عليه الأغلبية البرلمانية، وأنه من الضروري تحميلها المسؤولية أمام الشعب وممثليه. في الشارع، لا تقل درجة الاحتقان عن الساحة السياسية، حيث تتسارع وتيرة الغضب الشعبي بسبب استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، خصوصاً لدى الطبقات المتوسطة والفقيرة. وتتهم النقابات العمالية، الحكومة بالصمت والتواطؤ مع “لوبيات المال”، التي تستغل الوضع لتكديس الأرباح على حساب المواطنين. ولم يتردد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، في وصف الوضع بـ”الخطير”، متهماً السلطة بالتواطؤ مع الفاعلين الاقتصاديين للتحكم في السوق والتلاعب بلقمة العيش. هذه التصريحات، جاءت لتزيد من الضغط على الحكومة التي تواجه انتقادات متزايدة بعد مرور أكثر من نصف ولايتها دون تحقيق وعودها المعلنة في مجالات الشغل، والصحة، والتعليم، وتحسين مستويات الدخل. وبدا واضحاً أن حكومة أخنوش، التي تشكلت من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، تجد نفسها اليوم أمام اختبار سياسي حاسم قد يحدد ملامح ما تبقى من الولاية. رغم أن سقوط الحكومة يبدو مستبعداً من الناحية العددية، فإن تحرك المعارضة يحمل رسالة سياسية قوية مفادها أن الشارع لم يعد قادراً على تحمّل مزيد من التجاهل، وأن المعارضة مستعدة لتوظيف الآليات الدستورية لإعادة ترتيب الأولويات السياسية والاقتصادية.

أ.ر